للرَّجُل إِذا قَرَّب إلَيهم لَحْماً : أَعَبِيطٌ أَمْ عَارِضَةٌ : فالعَبِيطُ : الذي يُنْحَرُ من غَيْرِ عِلَّة. وفي اللّسَان : ويُقَال : بَنُو فُلانٍ أَكّالُونَ العَوَارِضَ (١) ، إذا لم يَنْحَروا إِلاّ ما عَرَضَ له مَرَضٌ أَو كَسْرٌ خَوْفاً أَنْ يَمُوتَ فَلا يَنْتَفِعُون بِهِ. والعَرَبُ تُعَيِّرُ بأَكْلِهِ.
والعَارِضُ السَّحَابُ المُطِلُّ المُعْتَرِضُ في الأُفقِ. وقال أَبُو زَيْدٍ : العَارِضُ السَّحَابَةُ تَرَاهَا في ناحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ ، وهو مِثْلُ الجُلْبِ ، إلاّ أَنَّ العَارِضَ يَكُونُ أَبْيَضَ ، والجُلْبَ إِلى السَّوادِ ، والجُلْبُ يَكُونُ أَضْيَقَ من العَارِض وأَبْعَدَ.
وقال الأَصْمَعِيّ : الحَبِيُّ : السَّحابُ يَعْترِضُ في السَّمَاءِ اعْترَاضَ الجَبَلِ قَبْلَ أَنْ يُطَبِّق السَّماءَ ، وهو السَّحابُ العَارِضُ. وقال البَاهِليُّ : السَّحابُ يجيءُ مُعَارِضاً في السماءِ بغَيْرِ ظنٍّ منك ، وأَنشد لأَبي كَبِيرٍ الهُذَلِيّ :
وإذا نَظَرْتَ إِلَى أَسِرَّةِ وَجْهِهِ |
|
بَرَقَتْ كبَرْقِ العَارِضِ المُتَهَلِّلِ |
وقال الأَعْشَى :
يا مَنْ رَأْى عارِضاً قد بِتُّ أَرْمُقُهُ |
|
كأَنَّمَا البَرْقُ في حافَاتِهِ شُعَلُ |
وقَوْلُه جَلَّ وَعَزَّ : (فَلَمّا رَأَوْهُ) عارِضاً (مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا) عارِضٌ (مُمْطِرُنا) (٢) ، أَي قالُوا : هذَا الَّذِي وُعِدْنا به ، سَحَابٌ فِيهِ الغَيْثُ.
والعارِضُ : الجَبَلُ الشامِخُ : ويُقَالُ : سَلَكْتُ طَرِيقَ كَذَا فَعَرَضَ لِي في الطَّرِيقِ عارِضٌ ، أَي جَبَلٌ شامخٌ ، فقَطَعَ عَلَيَّ مَذْهَبِي على صَوْبِي. ومِنْهُ في الصّحاح : ويُقَال للْجَبَلِ : عارِضٌ. قال أَبُو عُبَيْدٍ (٣) : وبِهِ سُمِّيَ عَارِضُ اليَمَامَةِ وهو مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ وقَدْ جَاءَ ذِكْرُه في الحَدِيث.
والعَارِضُ : مَا عَرَضَ من الأَعْطِيةِ ، قال أَبو مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِيّ :
يا ليلُ أَسْقَاكِ البُرَيْقُ الوَامِضُ |
|
هلْ لَكِ والعَارِضُ مِنْكِ عائِضُ |
في هَجْمَةٍ يُسْئرُ منها القَابِضُ
ويُرْوَى : في مِائَةٍ ، بَدَلَ : في هَجْمَةِ ، ويَغْدرُ ، بَدَلَ : يُسْئرُ. قال الجَوْهَرِيّ : قال الأَصْمَعِيّ : يُخَاطِب امْرَأَةً رَغِبَ في نِكَاحِهَا ، يَقُولُ : هَلْ لَكِ في مِائَةٍ من الإِبلِ أَجْعَلُهَا لَكِ مَهْراً ، يَتْرُكُ منها السائقُ بَعْضَهَا ، لا يَقْدِرُ أَن يَجْمَعَهَا لكَثْرَتِهَا ، وما عَرَضَ مِنْك من العَطَاءِ عَوَضْتُكِ به.
قلتُ : وكان الواجبُ عَلَى الجَوْهَرِيّ أَنْ يُوضِّحَهُ أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَهُ الأَصْمَعِيُّ ، لأَنَّ فِيه تَقْدِيماً وتَأْخِيراً. والمَعْنَى : هَلْ لَكِ فِي مِائَةٍ من الإِبِلِ يُسْئِرُ منها القَابِضُ ، أَي قابِضُها الَّذِي يَسُوقُهَا لِكَثْرَتِهَا. ثُمّ قالَ : والعَارِضُ منه عائِضٌ ، أَيْ المُعْطِي بَدَلَ بُضْعِكِ عَرْضاً عائضٌ أَي آخذٌ عِوَضاً منك بالتَّزْوِيج ، يَكُون كِفَاءً لِمَا عَرَضَ مِنْكِ. يُقَال : عِضْتُ أَعَاضُ ، إذا اعْتَضْتَ عِوَضاً. وعُضْتُ أَعُوضُ ، إِذَا عَوَّضْتَ عِوَضاً ، أَي دَفَعْتَ. وقولُهُ : عائضٌ ، من عِضْتُ بالكَسْرِ ، لا مِنْ عُضْتُ. ومَنْ رَوَى يَغْدِر أَرادَ يَتْرُكُ. قال ابن بَرِّي : والَّذِي في شِعْرِه : والعائِضُ مِنْكِ عائِضُ ، أَي والعوَضُ مِنْكِ عَوَضٌ ، كما تَقُولُ : الهِبَةُ مِنْكَ هِبَةٌ.
وقال ابنُ دُرَيْدٍ : العَارِضَانِ صَفْحَتَا (٤) العُنُق ، في بَعْضِ اللُّغَات.
وقال اللِّحْيَانِيّ : العارِضَانِ : جَانِبَا الوَجْهِ وقيلَ : شِقَّا الفَمِ ، وقيل : جَانِبَا اللِّحْيَةِ.
والعَارِضُ : العَارِضَةُ. يُقَالُ : إِنَّهُ لَذُو عَارِضٍ وعَارِضَةٍ ، أَي ذو جَلَدٍ.
والعَارِضُ : السِّنُّ الَّتِي في عُرْضِ الفَمِ بَيْنَ الثَّنَايَا والأَضْراسِ.
ج الكُلّ عَوَارِضُ ، قاله شَمِرٌ ، وبه فُسِّر الحَدِيثُ : «أَنَّ النَّبِيَّ صلىاللهعليهوسلم بَعَثَ أُمِّ سُلَيْمٍ لِتَنْظُرَ إِلَى امرأَةٍ فقال : شَمِّي عَوَارِضَهَا» أَمَرَهَا بِذلِكَ لِتَبُورَ به نَكْهَتَهَا ورِيحَ فَمِهَا ، أَطَيِّبٌ أَمْ خَبِيثٌ. وقال كَعْبُ بنُ زُهَيْرٍ :
تَجْلُو عَوَارِضَ ذِي ظَلْمٍ إِذا ابْتَسَمَتْ |
|
كأَنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ |
يَصِفُ الثَّنَايَا ومَا بَعْدَهَا. أَي تَكْشِفُ عن أَسْنَانِهَا. قال شَيْخُنَا : وقد ذَكَرَ الشَّيْخُ ابنُ هِشَامٍ في شَرْحِ قوْلِ كَعْبٍ
__________________
(١) اللسان : للعوارض.
(٢) سورة الأحقاف الآية ٢٤.
(٣) اللسان : أبو عبيدة.
(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : «صفحة».