يُنَوِّرُ (١) ولا يُرِّبِّي ، وفي نَوْرِهِ عَسَلٌ كَثِيرٌ ويُمَصُّ ، وتَأْكُلُهُ النَّحْلُ فَيَجُودُ عَسَلُهَا عَلَيْهِ ، الوَاحِدَةُ مَظَّةٌ ، ولَهُ حَطَبٌ أَجْوَدُ حَطَبٍ وأَثْقَبُهُ نَاراً ، يُسْتَوْقَدُ كَما يُسْتَوْقَدُ الشَّمَعُ. وقال السُّكَّرِيّ في شَرْح الدّيوان : المَظُّ : الرُّمَّانُ البَرِّيّ الَّذِي تَأْكُلُهُ النَّحْلُ ، وإِنّمَا يَعْقِدُ الرُّمَّانُ البَرِّي وَرَقاً ، ولا يَكُونُ لَهُ رُمَّانٌ. قال أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ عَسَلاً :
يَمَانِيَة أَحْيَا لَها مَظَّ مَأْبِدٍ |
|
وآلِ قَرَاسٍ صَوْبُ أَسْقِيةٍ كُحْلِ |
وقد تَقَدَّم شَرْحُ هذا البَيْتِ في «م ب د» وفي «ق ر س» وأَنْشَدَ أَبُو الهَيْثَمِ لِبَعْضِ طَيِّىءٍ :
ولا تَقْنَطْ إِذا جَلَّتْ (٢) عِظَامٌ |
|
عَلَيْكَ من الحَوَادِثِ أَن تُشَظّا |
وسَلِّ الهَمَّ عَنْكَ بِذَاتِ لَوْثٍ |
|
تَبُوصُ الحَادِيَيْنِ إِذا أَلَظَّا |
كَأَنَّ بنَحْرِها وبمِشْفَرَيْهَا |
|
ومَخْلِجِ أَنْفِهَا رَاءً ومَظّا (٣) |
وقال أَبو الهَيْثَمِ : المَظُّ : دَمُ الأَخَوَيْن ، وهو دَمُ الغَزَالِ ، ويُعْرَف الآنَ بالقَاطِرِ المَكِّيّ.
والمَظُّ : عُصَارَةُ عُرُوقِ الأَرْطَى وهي حُمْرٌ ، والأَرْطاةُ خَضْراءُ ، فإِذا أَكَلَتْهَا الإِبِلُ احْمَرَّتْ مشَافِرُها.
والمَظَاظَةُ : شِدَّةُ الخُلُقِ وفَظَاظَتُهُ ، كما في اللِّسَان ، ونَقَلَهُ ابنُ عَبّادٍ أَيْضاً.
ومَظَظْتُهُ : لُمْتُه ، عن ابنِ عَبّادٍ.
وأَمْظَظْتُ (٤) العُودَ الرَّطْبَ ، أَي تَوقَّعْتُ ذَهابَ نُدُوَّتِهِ ، وعَرَّضْتُهُ لِذلكَ ، نَقَلَهُ اللَّيْثُ.
ومَاظَظْتُه مُمَاظَّةً ومِظَاظاً : شَارَرْتُه ونَازَعْتُه ، وخَاصَمْتُهُ ، ولا يَكُونُ ذلِكَ إِلاّ مُقَابَلَةً مِنْهُمَا.
وفي حَدِيث أَبي بَكْرٍ أَنَّهُ مَرَّ بابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمنِ وهو يُمَاظُّ جَاراً له فقالَ : «لا تُمَاظِّ جارَكَ فإِنَّهُ يَبْقَى ويَذْهَبُ النّاسُ» قَالَ أَبو عُبَيْدٍ : المُمَاظَّةُ : المُخَاصَمَةُ والمُشَاقَّةُ والمُشَارَّةُ وشِدَّةُ المُنازَعَة مع طُولِ اللُّزُومِ. ومِنْهُ : مَاظَظْتُ الخَصْمَ ، أَيْ لَازَمْتُه ، قِيلَ : ومنه اشْتِقَاقُ المَظّ الَّذِي ذُكِرَ لِتَضامِّ حَبِّه مع بَعْضٍ ، أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِ الأَعْرَابِيِّ : كأَزَزِ (٥) الرُّمَّان المُحْتَشِيَةِ ، هذا قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيّ. وقال رُؤْبة :
إِذْ سَئِمَتْ رَبِيعَةُ الكِظَاظَا |
|
لَاواءَهَا والأَزْلَ والمِظَاظَا |
وقال غَيْرُه :
جافٍ دَلَنْظَى عَرِكٌ مُغانِظُ |
|
أَهْوَجُ إِلاَّ أَنَّهُ مُماظِظُ |
وتَمَاظُّوا : تَعَاظُّوا بأَلْسِنَتِهِمْ ، والضَّادُ لُغَةٌ فيه.
وقال ابنُ عَبّادٍ : المَظْمَظَةُ : الذَّبْذَبَةُ. وقالَ الصّاغَانِيّ : التَّرْكِيبُ يَدُلُّ عَلَى مُشَارَّةٍ ومُنَازَعَةٍ ، وقَدْ شَذَّ عَنْ هذا التَّرْكِيبِ المَظّ. قُلْتُ : ولَمّا كَانَ التَّضَامُّ مِنْ لَوَازِمِ المُنَازَعَةِ والمُشَارَّةِ غالِباً حَسُنَ اشْتِقَاقُ المَظِّ مِنْهُ ، فلا مَعْنَى لِشُذُوذِه عن التَّرْكِيبِ. فَتَأَمَّلْ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :
المُمَاظَّةُ : المُشَاتَمَةُ.
وقَال أَبو عَمْرٍو : أَمَظَّ ، إِذا شَتَمَ ، وأَبَظَّ ، إِذا سَمِنَ.
وتَمَاظَّ القَوْمُ : تَلاحَوْا ، كَتَمَاضُّوا. ومَظَّةُ : لَقَبُ سُفْيَانَ بنِ سِلْهِم (٦) بنِ الحَكَمِ بنِ سَعْدِ العَشِيرَة. نقله الجَوْهَرِيّ والصّاغَانِيُّ والأَزْهَرِيّ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
[ملظ] : المِلْوَظُّ ، «بالكَسْرِ وتَشْدِيدِ الظّاءِ» : عَصا يُضْرَبُ بِهَا ، أَوْ سَوْطٌ. أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ :
ثُمَّتَ أَعْلَى رَأْسَه المِلْوَظَّا
ونَقَلَهُ المُصَنِّفُ في «لأَظ» تَبَعاً للصّاغَانِيّ. وهذَا مَحَلّ ذِكْرِهِ. قالَ ابْنُ سِيدَه : وإِنَّمَا حَمَلْتُه على فِعْوَلٍّ ، ولَيْسَ فيهِ مِفْعَلٌّ ، وقد يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِلْوَظٌ مِفْعَلاً ، ثُمَّ يُوقَف عَلَيْهِ
__________________
(١) في النبات رقم ٩٨٨ وهو ينور نوراً كثيراً.
(٢) الأصل واللسان وفي التهذيب : حلّت.
(٣) بعده في التهذيب واللسان :
جرى نسئ على عسنٍ عليها |
|
فمار خصيلها حتى تشظى |
(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى وامتظظت.
(٥) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «كأرز».
(٦) عن جمهرة ابن حزم ص ٤٠٨ والضبط عنها ، وبالأصل «أسليم» وضبطت في الصحاح بفتح فسكون ففتح.