ومِنْ ذلِكَ حَدِيثُ ابنِ عَبّاسِ : «أَنَّ النَّبِيَّ صلىاللهعليهوسلم كانَ يَلْحَظُ في الصَّلاةِ ولا يَلْتَفِتُ». وهُوَ أَشَدُّ الْتِفَاتاً مِنَ الشَّزْرِ.
قالَ :
نَظَرْناهُمُ حَتَّى كَأَنَّ عُيُونَنا |
|
بِهَا لَقْوةٌ مِنْ شِدَّةِ اللَّحَظانِ |
وَقِيلَ : اللَّحْظَةُ : النَّظْرَةُ مِنْ جانِبِ الأُذُنِ ، ومِنْهُ قَوْلُ الشّاعِرِ :
فَلَمَّا تَلَتْهُ الخَيْلُ وهْوَ مُثَابِرٌ |
|
عَلَى الرَّكْبِ يُخْفِي نَظْرَةً ويُعِيدُهَا (١) |
والمُلاحَظَةُ : مُفَاعَلَةٌ منه ، ومنه لحَدِيثُ : «جُلُّ نَظَرِه المُلاحَظَةُ» قال الأَزْهَرِيُّ : هو أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ بِلِحَاظِ عَيْنَيْهِ إِلَى الشَّيْءِ شَزْراً ، وهو شِقُّ العَيْنِ الَّذِي يَلِي الصُّدْغَ.
واللَّحَاظُ ، كَسَحَابٍ : مُؤخِرُ العَيْنِ ، كَذَا في الصّحاح.
قالَ شَيْخُنَا : وبَعْضُ المُتَشَدِّقِينَ يَكْسِرُهُ وهو وَهَمٌ ، كما أَوْضَحْتُه في شَرْحِ نَظْمِ الفَصِيحِ.
قُلْتُ : وهذا الَّذِي خَطّأَه قَدْ وُجِدَ بِخَطِّ الأَزْهَرِيّ في التَّهْذِيب : الماقُ والمُوقُ : طَرَفُ العَيْنِ الَّذِي يَلِي الأَنْفَ.
واللِّحاظُ : مُؤْخِرُ العَيْنِ الَّذِي يَلِي الصُّدْغَ ، بكَسْرِ الّلامِ ولكِنَّ ابنَ بَرِّيّ صَرَّحَ بأَنَّ المَشْهُورَ في لِحَاظِ العَيْنِ الكَسْر لا غَيْر.
واللِّحَاظُ ككِتَابٍ : سِمَةٌ تَحْتَ العَيْنِ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ. وقَالَ ابنُ شُمَيْلٍ هو مِيسَمٌ في مُؤْخِرِهَا إِلَى الأُذُنِ ، وهو خَطٌّ مَمْدُودٌ ، ورُبما كانَ لِحَاظَانِ مِنْ جانِبَيْنِ ، ورُبما كانَ لِحَاظٌ وَاحِدٌ مِن جَانِبٍ وَاحِدٍ ، وكَانَتْ هذِهِ السِّمةُ سِمَةَ بَنِي سَعْدٍ. قَالَ رُؤْبَةُ ، ويُرْوى لِلْعَجّاج :
ونارَ حَرْبٍ تُسْعِرُ الشِّوَاظا |
|
تُنْضِجُ بَعْدَ الخُطُمِ اللِّحَاظَا |
الخِطَامُ : سِمَةٌ تَكُونُ علَى الخَطْمِ. يَقُولُ : وَسَمْنَاهُمْ مِنْ حَرْبِنَا بسِمَتَيْنِ لا تَخْفِيانِ.
كالتَّلْحِيظِ ، حَكَاه ابنُ الأَعْرَابِيّ ، وأَنْشَدَ :
أَمْ هَلْ صَبَحْتَ بَنِي الدَّيَّانِ مُوضِحَةً |
|
شَنْعَاءَ بَاقِيَةَ التَّلْحِيظِ والخُبُطِ (٢) |
جَعَلَهُ ابنُ الأَعْرَابِيّ اسْماً للسِّمَةِ ، كَمَا جَعَلَ أَبُو عُبَيْدٍ التَّحجِينَ اسْماً للسِّمَةِ ، فَقَالَ : التَّحْجِينُ : سِمَةٌ مُعْوَجَّةٌ.
قالَ ابنُ سِيدَه : وعِنْدِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهما إِنَّمَا يُعْنَى به العَمَلُ ، ولا أُبْعِد مع ذلِكَ أَنْ يَكُونَ التَّفْعِيلُ اسْماً ، فإِنَّ سِيبَوَيْه قَدْ حَكَى التَّفْعِيلَ في الأَسْمَاءِ ، كالتَّنْبِيتِ ، وهُوَ شَجَرٌ بِعَيْنِهِ. والتَّمْتِين ، وهُوَ خُيُوطُ الفُسْطَاطِ ، يُقَوِّي ذلِكَ أَنَّ هذا الشّاعِرَ قَدْ قَرَنَهُ بالخُبُطِ.
أَو اللِّحَاظُ : ما يَنْسَحِي مِنَ الرِّيشِ إِذا سُحِيَ من الجَنَاحِ ، قالَهُ ابنُ فارِسٍ.
وقال أَبو حَنِيفَةَ : اللِّحَاظُ : اللِّيطَةُ الَّتِي تَنْسَحِي من العَسِيبِ مع الرَّيش ، عَلَيْهَا مَنْبِتُ الرِّيِش. قالَ الأَزْهَرِيّ :وأَمّا قَوْلُ الهُذَلِيّ يَصِفُ سِهَاماً :
كَساهُنّ أَلْآماً كَأَنَّ لِحَاظَهَا |
|
وتَفْصِيلَ ما بَيْنَ اللِّحَاظِ قَضِيمُ (٣) |
كَأَنَّهُ أَرَادَ كَسَاهَا رِيشاً لُؤَاماً. ولِحَاظُ الرِّيشَةِ : بَطْنُهَا إِذا أُخِذَتْ من الجَنَاحِ فقُشِرَتْ ، فأَسْفَلُها الأَبْيَضُ هو اللِّحَاظُ.
شَبَّهَ بَطْنَ الرِّيشَةِ المَقْشُورَةِ بالقَضِيمِ ، وهو الرَّقُّ الأَبْيَضُ يُكْتَبُ فِيه.
واللِّحَاظُ من السَّهْمِ : ماوَلِيَ أَعْلَاهُ من القُذَذِ من الرِّيشِ ، وقيل : ما يَلِي أَعْلَى الفُوقِ من السَّهْم.
واللَّحِيظُ ، كَأَمِيرٍ : النَّظِيرُ والشَّبِيهُ. يُقَالُ : هو لَحِيظُ فُلانٍ ، أَي نَظِيرُه وشَبِيهُهُ.
ولَحِيظ ، بِلا لَامٍ : مَاءٌ أَوْ رَدْهَةٌ م مَعْرُوفَةٌ ، طَيِّبَةُ الماءِ.
قال يَزِيدُ بنُ مُرْخِيَةٍ :
وجَاؤُوا بِالرَّوَايَا مِنْ لَحِيظٍ |
|
فَرَخُّوا المَحْضَ بالمَاءِ العِذَابِ |
رَخُّوا : أَيْ خَلَطُوا (٤).
__________________
(١) عجزه في التهذيب :
على الركض يخفي لحظة ويعيدها
(٢) في اللسان خبط برواية التلحيم بدل التلحيظ وعلى هذه الرواية فلا شاهد فيه ، ونسبه لوعلة الجرمي.
(٣) لم أجده في ديوان الهذليين ، والبيت في التهذيب واللسان والتكملة.
(٤) في معجم البلدان : مزجوا.