وأَيْضاً : ما احْتَرَقَ من طَرَفِ الفَتِيلَةِ. وقِيلَ : بل القُرَاطَةُ : المِصْباحُ نَفْسُه.
وفي المَثَل : «خُذْهُ ولو بقُرْطَيْ مارِيَةَ» هي بنتُ ظالِمِ بنِ وَهْبِ بنِ الحارِثِ ابن مُعَاوِيَةَ الكِنْدِيِّ ، أُمُّ الحَارِثِ بنِ أَبِي شَمِرٍ الغَسّانِيِّ ، وهي أَوَّل عربيَّةٍ تَقَرَّطَت ، وسارَ ذِكْرُ قُرْطَيْهَا في العَرَبِ ، وكانا نَفِيسَيِ القِيمَةِ ، قِيل : إِنَّهما قُوِّما بأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ ، وقِيلَ : كانَتْ فِيهِمَا دُرَّتانِ كبَيْضِ الحَمَامِ لم يُرَ مِثْلُهُمَا ، وقِيلَ : هي امْرَأَةٌ من اليَمَنِ أَهْدَتْ قُرْطَيْهَا إِلى البَيْتِ. يُضْرَبُ في التَّرْغِيبِ في الشَّيْءِ ، وإِيجابِ الحِرْصِ عليهِ ، أَي لا يَفُوتَنَّك على حَالٍ ، وإِنْ كُنْتَ تَحْتَاجُ في إِحْرازِه إِلى بَذْلِ النَّفائِسِ.
والقُرَيْطُ ، كزُبَيْرٍ ، والحِمَالَةُ : فَرَسَان لبَنِي سُلَيْم ، قال العَبّاسُ بنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ رضِيَ الله عَنْه ـ أَنْشَدَه له أَبُو مَحَمَّدٍ الأَعْرَابِيّ ـ :
بَيْنَ الحِمَالَةِ والقُرَيْطِ فَقَدْ |
|
أَنْجَبْتِ من أُمٍّ ومنْ فَحْلِ |
وقُرْطا النَّصْلِ : أُذُنَاهُ ، كما في اللِّسَانِ ، وهو على التَّشْبِيهِ.
وقال ابنُ عَبَّادٍ : قِرَاطَا النَّصْلِ : طَرَفَا غِرَارَيْهِ (١).
قال الجَوْهَرِيُّ : وأَمّا القِيرَاطُ الَّذِي في الحَدِيثِ فقد جاءَ تَفْسِيرُه فيه أَنَّهُ مثلُ جَبَلِ أُحُدٍ. قلت : يُشِيرُ إِلى حَدِيثِ «من شَهِدَ الجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فلَهُ قِيرَاطٌ ، ومن شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فله قِيرَاطَانِ ، قيل : وما القِيرَاطَانِ؟ قال : مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَينِ». رَواه أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عنه فبَلغَ ذلِك ابنَ عُمَرَ رَضِيَ الله عنه ، فقال : لقَدْ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ. فبَلَغَ ذلِكَ عائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا فصَدَّقَتْ أَبا هُرَيْرَةَ. فقال : لقد ضيّعْنا في قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ.
وقِيرَاطٌ ، أَبُو العالِيَةِ : من أَتْبَاعِ التّابِعِينَ يَرْوِي عن الحَسَنِ البَصْرِيِّ ومُجَاهِدٍ.
وزَعَمَ بعضُ المُحَدِّثِينَ أَنَّ قَرارِيطَ مَوضِعٌ أَو جَبَلٌ ، وبه فُسِّرَ الحَدِيثُ : «ما بَعَثَ الله نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى غَنَماً» ويُرْوَى : «إِلاّ رَاعِيَ غَنَمٍ ، قالُوا : وأَنْتَ يا رَسُولَ الله؟ قالَ : وأَنا كُنْتُ أَرْعَاهَا على قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ» قالَ الصّاغَانِيُّ : قَدِمْتُ بَغْدَادَ سَنَة ٦١٥ ـ وهي أَوَّلُ قَدْمَتِي إِلَيْهَا ـ فسَأَلَنِي بعضُ المُحَدِّثِينَ عن مَعْنَى القَرَارِيطِ في هذا الحَدِيثِ ، فقُلْتُ : المرادُ به قَرَارِيطُ الحِسابِ.
فقال : سَمِعْنا الحافِظَ الفُلانِيَّ يَقُولُ : إِنَّ القَرَارِيطَ : اسمُ جَبَلٍ أَو مَوْضِعٍ فأَنْكَرْتُ ذلِكَ كُلَّ الإِنْكَارِ ، وهو مُصرٌّ على ما قالَ كُلَّ الإِصْرَارِ. أَعاذَنا الله من الخَطَأَ والخَطَلِ ، والتَّصْحِيفِ والزَّلَل. انتهى.
ويُقال : أَعْطَيْتُ فُلاناً قَرَارِيطَ ، إِذا أَسْمَعَه ما يَكْرَهُه.
ويُقَالُ أَيْضاً : اذْهَبْ لا أُعْطِيك قَرارِيطَكَ ، أَي : أَسُبُّك وأُسْمِعُكَ المَكْرُوهَ ، وقال ابنُ الأَثِيرِ : وهي لُغَةٌ مِصْرِيَّةٌ لا تُوجَدُ في كَلامِ غيرِهِم. قال : ولذا خُصَّتْ مِصْرُ بذِكْر القِيرَاطِ في حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ المتقدّمِ.
وقُرْطٌ ، بالضَّمِّ : اسمُ رَجُلٍ من سِنْبِس ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وقُرْطُ أَيْضاً : قَبِيلَةٌ من مَهْرَةَ بنِ حَيْدَانَ ، وإِليهم نُسِبَت الإِبِلُ القُرْطِيَّةُ الَّتي ذَكَرَها المُصَنِّفُ.
ونُوحُ بنُ سُفْيَان المِصْرِيُّ القُرْطِيُّ ، بضَمٍّ فسُكُونٍ ، وأَخُوه عُثْمَانُ ، وابنُ أَخِيهِمَا مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بنِ سُفْيَانَ ، أَبُو إِسْحَاقَ الفَقِيهُ المالِكيُّ : مُحَدِّثُون.
وأَبُو عاصِمٍ بَكْرُ بنُ عَبْدٍ القُرْطِيُّ ، عن ابْنِ عُيَيْنَةَ ، ذَكَرَه المالِينِيُّ.
والقِرْطِيطُ ، بالكَسْرِ : العَجَبُ ، عن الأَزْهَرِيِّ.
وقال ابنُ عَبّادٍ : قَرَّطْتُ إِليهِ رَسُولاً ، تَقْرِيطاً : أَعْجَلْتُه إِليهِ. قلتُ : وهو مَجَازٌ ، ونصُّ الأَسَاسِ نَفَّذْتُه (٢) مُسْتَعْجِلاً.
قال : وهو من مَجازِ المَجازِ ، أَي مَأْخُوذٌ من قَوْلِهِمْ : قَرَّطَ الفَرَسَ عِنَانَه : إِذا أَرْخاهُ حَتّى وَقَع على ذِفْراه عند الرَّكْض.
قلْتُ : ومنه اسْتِعْمَالُ العَامَّةِ : التَّقْرِيطُ بمَعْنَى التَّنْبِيهِ والاسْتِعْجَالِ والتَّضْيِيقِ والتَّأْكِيدِ في الأَمْرِ ، وهو من مَجازِ مَجازِ المَجَازِ ، فتَأَمَّل.
وتَقَرَّطَتِ الجَارِيَةُ : لَبِسَت القُرْطَ.
وجَزِيرَةُ القُرطيين : قريةٌ قُرْبَ مِصْرَ.
__________________
(١) في الأساس : وكأن غِراري النصل قراطان.
(٢) عن الأساس وبالأصل «نبذته».