ونَقَل الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي عُبَيْدٍ ، قال : وبَعْضُهُم يَجْعَلُ عُوطَطاً مَصْدَراً ، ولا يَجْعلُه جَمْعاً ، وكَذلِك حُولَلٌ ، وفي اللِّسَانِ : العُوطَطُ عِنْدَ سِيبَوَيْهٍ : اسمٌ في مَعْنَى المَصْدَرِ ، قُلِبَت فيهِ الياءُ واواً ، ولم يُجْعَلْ بمَنْزِلَةِ بِيضٍ ، حيثُ خَرَجَتْ إِلى مِثالِها هذا وصَارَتْ إِلى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ ، وكأَنَّ الاسْمَ هُنَا لا تُحَرَّكُ ياؤُه ما دامَ على هذِه العِدَّةِ ، وأَنْشَدَ :
مُظَاهِرَة نَيًّا عَتِيقاً وعُوطَطاً |
|
فقد أَحْكَمَا خَلْقاً لها مُتَبَاينَا |
والعائِطُ : في الإِبِل : البَكْرَةُ الَّتِي أَدْرَكَ إِنَا رَحِمِها فلم تَلْقَحْ ، وقد اعْتاطَتْ ، والاسمُ العُوطَةُ والعُوطَط.
ففي كَلامِ المُصَنِّفِ نَظَر ، حيث جَعَلَ العُوطُط بضَمَّتَيْنِ من أَبْنِيَةِ الجَمْعِ ، وهو مَصْدَرٌ ، وكان يَنَبَغِي أَن يُنَبِّه على ما نَقله الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عُبَيْدٍ ، فَتْركُهُ قُصورٌ ظاهِرٌ ، فتَأمَّلْ.
وفي المُحْكَمِ : عاطَت النّاقَةُ تَعِيطُ ، من إِبِلٍ عِيطات ، بالكَسْرِ ، وقالُوا : عائِطُ عِيطٍ ، وعائِط عُوطٍ ، وعائِطُ عُوطَطٍ ، مُبَالَغَةً ، وذلِك إِذا لم تَحْمِل السَّنَةَ المُقْبِلَةَ أَيْضاً ، كما قالُوا حائِلُ حُولٍ وحُولَلٍ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن الكِسائىِّ.
والعائطُ من الإِبِل : ما أُنْزِيَ عَلَيْها فلَمْ تَحْمِلْ ، أَو الَّتِي أَدْرَك إِنَا رَحِمِها فلم تَلْقَحْ.
وقد اعْتَاطَتْ اعْتِياطاً وهي مُعْتَاطٌ ، والاسمُ : العُوطَةُ والعُوطَطُ.
وقال اللَّيْثُ : رُبَّما كان اعْتِياطُها من كَثْرَةِ شَحْمِها ، وكذلِك تَعَوَّطَتْ ، وتَعَيَّطَت ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وقال العَدَبَّسُ الكِنَانِيُّ : يُقال : تَعَوَّطَت النّاقَةُ ، إِذا حَمَل عليها الفَحْلُ فلم تَحمِلْ. وفي الصّحاحِ : وفي الحَدِيث : «أَنَّهُ بعثَ مُصَدِّقاً فأُتِي بشَاةٍ شَافِعٍ فلم يَأْخُذْها ، وقال : ائْتِني بمُعْتاطٍ» والشّافِعُ : الَّتِي مَعَهَا وَلَدُها. قلت : وفي حَدِيثِ الزَّكاةِ : «فاعْمِدْ إِلى عَنَاقٍ مُعْتاطٍ» قال ابنُ الأَثِيرِ : المُعْتاطُ من الغَنَمِ : الَّتِي امْتَنَعَتْ من الحَبَل لسِمَنِها وكَثْرَة شَحْمِها ، وهي في الإِبِلِ التي لا تَحْمِلُ سَنَوَاتٍ من غَيْرِ عُقْرٍ. والَّذِي جاءَ في الحَديث : أَنَّ المُعْتَاطَ : الَّتِي لم تَلِدْ وقد حانَ وِلَادُها ، وكأَنَّ المُرَادَ بالوِلَادِ الحَمْلُ ، أَي أَنَّها لم تَحْمِلْ وقد حانْ أَنْ تَحْمِلَ ، وذلِكَ من حيثُ مَعْرِفَة سِنِّها وأَنَّها قد قارَبَتِ السِّنَّ التي يَحْمِلُ مثلُها فِيهَا فسُمِّيَ الحَبَلُ (١) بالوِلَادَةِ.
وقالَ اللَّيْثُ : التَّعَيُّطُ : أَنْ يَنْبُعَ (٢) حَجَرٌ ، أَو شجرٌ ، أَو عُودٌ فيَخْرُجَ مِنْهُ شِبْهُ ماءٍ فيُصمَّغ أَو يَسِيلَ ، وتَعَيَّطَت الذَّفْرَى : سَالَتْ بالعَرَقِ. قال الأَزْهَرِيُّ : وذِفْرَى الجَمَلِ تَتَعَيَّطُ بالعَرَق الأَسْوَدِ ، وأَنْشَدَ :
تَعَيَّطُ ذِفْرَاهَا بجَوْنٍ كَأَنَّهُ |
|
كُحَيْلٌ جَرَى من قُنْفُذِ اللِّيتِ نَابِعُ |
قلتُ : هكذا أَنْشَدَه اللَّيْثُ ، وتَبِعَهُ الأَزْهَرِيُّ ، والرِّوايَةُ : تَفَيَّضُ وتُفَيِّضُ ، والبَيْتُ لجَرِيرٍ. والقُنْفُذ : الذِّفْرَى ، سُمِّيتْ به لاجْتِمَاعِها ، كما في العُبابِ.
والتَّعَيُّطُ : الجَلَبَةُ والصِّياحُ ، أَو صيَاحُ الأَشِرِ بقَوْلِه : عِيطْ ، وبه فُسِّرَ قولُ رُؤْبَةَ ، ووَقَعَ في اللِّسَانِ ذُو الرُّمَّةِ ، وهو غَلَط :
وقد كَفَى تَخَمُّطَ الخَمَّاطِ |
|
والبَغْيَ من تَعَيُّطِ العَيّاطِ |
حِلْمِي وذَبَّ النَّاسَ عن إِسْخَاطِي
والتَّعَيُّط : السَّيَلانُ ، وقد تَعيَّطَت الذِّفْرَى ، أَي سالَتْ بالعَرَقِ ، وقد تَقَدَّم قريباً. وتَعَيَّطَ الشَّيْءُ ، إِذا خَرَجَ نَدَاهُ وسَالَ.
والعِيطُ ، بالكَسْرِ : خِيَارُ الإِبِل وأَفْتَاؤُها ، ما بين الحِقَّةِ إِلى الرَّبَاعِيَةِ.
وعِيطِ ، بالكَسِرِ ، مَبْنِيَّةً : صَوْتُ الفتْيَانِ النَّزِقِينَ إِذا تَصايَحُوا في اللَّعِبِ أَو هي ، على ما قَالَهُ اللَّيْثُ : كَلِمَةٌ يُنادَى بها عِنْدَ السُّكْرِ ، أَو يُلْهَجُ بها ، عِنْدَ الغَلَبَةِ ، ولا يَفْعَلُه إِلاّ النَّزِقُ ، يَقُول : عِيطْ عِيطْ ، وقد عَيَّطَ الرَّجُلُ تَعْيِيطاً ، إِذا قالَهُ في السُّكْرِ مَرَّةً ولم يَزِدْ على وَاحِدَةٍ ، فإِنْ كَرَّرَ ورَجَّعَ فقُل : عَطْعَطَ عَطْعَطَةً وقد تَقَدَّمَ.
ومَعْيَطٌ ، كمَقْعَذٍ : وَادٍ ، قال ابنُ جِنِّي : هو مَفْعَلٌ من لَفْظِ عَيْطاءَ ، واعْتَاطَتْ ، إِلاّ أَنَّه شَذَّ ، وكان قِيَاسُه الإِعْلالَ ، مَعَاطٌ ، كمَقَامٍ وَمبَاعٍ ، غيرَ أَنَّ هذا الشُّذُوذَ في العَلَمِ أَسْهَلُ
__________________
(١) في اللسان : الحمل.
(٢) في التهذيب : التعيط : تتبع الشيء من حجر ...