وشَوَّطَ سَفِينَتَه ، إِذا سافَرَ بها ، وهو مأْخُوذٌ من قَوْلِ ابنِ الأَعْرَابِيِّ. والتَّشْوِيطَةُ اسمُ تلك المَسَافَةِ ، وقد يُكْنَى بها عن الطّاعُونِ والأَمْرَاضِ المُهْلِكَةِ ، وهُوَ مِنْ ذلِكَ.
ومن أَمْثَالهم : «الشَّوْطُ بَطِينٌ» ذَكَرَه الحَرِيرِيُّ في المَقَامَة الحَضْرَمِيّة ، يُضْرَب في طُولِ الأَمدِ بحيثُ يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدْرَكَ فيه مَا فَاتَ ، وأَصْلُه قولُ سُلَيْمَانَ بنِ صُرَدٍ ، قال لِعَلِيٍّ رضِيَ الله عنه حين تَأَخَّر عن وقْعَةِ الجَمَلِ (١).
وشَوْطَى ، كسَكْرَى : هَضبَةٌ ، قال ابنُ مُقْبِلٍ :
ولو تَأَلَّفَ مَوْشِيًّا أَكَارِعُه |
|
مِنْ فُدْرِ شَوْطَى بأَدْنَى دَلّهَا أَلِفَا |
ومنه : عَقِيقُ شَوْطَى.
وشاطٌ : حِصْنٌ بالأَنْدَلُسِ ، نقله الصّاغَانِيُّ.
وشَوَائِطُ ، بالفَتْح : بَلْدَةٌ باليَمَنِ ، قُرْبَ تَعِزَّ ، منها الإِمَامُ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ بنُ عليِّ بنِ عُمَرَ بنِ أَحمدَ بن بَكْرٍ الشَّوَائِطيُّ الحِمْيَرِيُّ الكَلَاعِيُّ ، وُلِدَ بها سنة ٧٨١ وحَدَّث عن البُرْهانِ ابنِ صِدِّيقٍ ، والجَمَالِ بن ظَهِيرَةَ ، والزَّيْنِ المَرَاغِيِّ ، وماتَ بمَكَّةَ ، تَرْجَمه الخَيْضَرِيُّ في الطَّبَقَات.
[شيط] : شاطَ الشَيْءُ يَشِيطُ (٢) شَيْطاً ، وشَيْطُوطَةً ، وشِيَاطَةً ، بالكَسْرِ : احْتَرَق ، وخَصَّ بعضُهُم به الزَّيْتَ والرُّبَّ ، قال :
كشائِطِ الرُّبِّ عليه الأَشْكَلِ
وشاطَ السَّمْنُ ، والزَّيْتُ ، إِذا خَثُرَا ، أَو شَاطَ السَّمْنُ ، إِذا نَضِجَ حَتَّى كاد أَنْ يَهْلِك. وفي الصّحاحِ حتّى يَحْتَرقَ.
وزادَ في العُبَابِ ؛ لأَنَّه يَهْلِكُ حِينَئذٍ. قال نُقادةُ الأَسَدِيُّ يصفُ ماءً آجِناً :
أَوْرَدْتُه قَلائصاً أَعْلاطَا |
|
أَصْفَرَ مِثْلَ الزَّيْتِ لمّا شاطَا |
وشَاطَ فُلانٌ يَشِيطُ ، أَي هَلَكَ ، ومنه حدِيثُ غَزْوةِ مُؤتَةَ :«إِنَّ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ رَضِيَ الله عَنْه ، قاتَلَ بِرَايَةِ رَسُولِ الله صلىاللهعليهوسلم حَتّى شَاطَ في رِمَاحِ القَوْمِ».
قال الأَعْشَى :
قَدْ نَخْضِبُ العَيْرَفي مَكنُونِ فَائِله |
|
وقَدْ يَشِيطُ على أَرْمَاحِنَا البَطَلُ |
هكَذا هو في الصّحاح.
ورَوَى أَبُو عَمْرٍو : «قد نَطْعُنُ العَيْرَ» وفي حَدِيثِ عُمَرَ لمّا شَهِدَ عَلَى المُغِيرَةِ ثلاثةُ نَفَرٍ بالزِّنَا ، قال : «شاطَ ثلاثَةُ أَرْبَاعِ المُغِيرَةِ».
وكُلُّ ما ذَهَبَ فقد شاطَ.
ومِنْهُ : الشَّيْطَانُ فَعْلان في قَوْل مَنْ قالَ : إِنَّ اشْتِقاقَهُ من شَاطَ ، واخْتَلَفُوا فقِيلَ : بمَعْنَى احْتَرَقَ ، وقِيلَ : بمعنَى هَلَكَ ، وقِيلَ : بمعنَى ذَهَبَ ، وقيل : بمعنَى بَطَل ؛ لأَنَّ من أَسمائه المُذْهِبُ والباطِلُ ، ويَدُلُّ على ذلِكَ قِرَاءَةُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ والأَعْمَشِ وسَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ ، وأَبُو البَرَهْسَمِ (٣) ، وطَاوُوسٍ ، ومَا تَنَزَّلَتْ به الشَّيَاطُونُ (٤) وقال بعضُهُم : هو فَيْعَالٌ من شَطَن ، إِذا بَعُدَ. قال شيخُنَا : وقد جَعَلَ سِيبَوَيْه ـ رحِمَه الله تعالَى ـ في الكِتَابِ نُونَه زَائِدَةً تَارَةً ، وأَصْلِيّةً أُخْرَى ، بِنَاءً على مَا ذَكَرْنَاه من الاشْتِقَاقِ ، وإِيّاه تَبِعَ المُصَنِّفُ ، فإِنَّهُ ذَكَرَه هُنَا وأَعَادَه في «شطن» إِيماءً لذلِكَ على عادَتِه فيما فيهِ من الأَلْفَاظِ اشْتِقَاقٌ أَو أَكْثَر ، والله أَعلم.
قلت : بَقِيَ عَليه أَمْرَانِ : الأَوَّلُ أَنَّه إِذا كَانَ من شَاطَ يَشِيطُ بمَعْنَى احْتَرَقَ فهو على حَقِيقَتِه ، وإِنْ كانَ من الشَّيْط بمعنَى الذَّهَابِ والبُطْلانِ والهَلاكِ فإِنَّهُ مَجَازٌ. والثّاني : الشَّيْطَانُ مُنْصَرِفٌ ، فإِذَا سُمِّيَ به لم يَنْصَرِفْ ، وعلى ذلِكَ قولُ طُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ :
وقَدْ مَتَّتِ الخَذْواءُ مَتًّا عَلَيْهم |
|
وشَيْطَانُ إِذْ يَدْعُوهُمُ ويُثَوِّبُ |
فلم يَصْرِف شَيْطَانَ ، وهو شَيْطَانُ بنُ الحَكَمِ بن جُلْهُمَة ، والخَذْواءُ : فَرَسُه.
ومن المَجَازِ : شَاطَتِ الجَزُورُ ، أَي تَنَفَّقَتْ ، وفي الصّحاحِ : أَي لَمْ يَبْقَ منهَا نَصِيبٌ إِلاَّ قُسِمَ قلتُ : وهو قَوْلُ الأَصْمَعِيِّ. وفي الأَساس : شاطَ لَحْمُ الجَزُورِ ، إِذا ذَهَبَ مُقَسَّماً لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ.
__________________
(١) ونصه كما في النهاية : قال لعلي : يا أمير المؤمنين إن الشوط بطينٌ ، وقد بقي من الأمور ما تعرف به صديقك من عدوك.
(٢) عن القاموس وبالأصل «يشيطه».
(٣) عن التكملة وبالأصل «أبي ابراهيم».
(٤) سورة الشعراء الآية ٢١٠.