وقيل : الخَبْطُ : كلّ سَيْرٍ على غَيْرِ هُدًى ، أَو على غيْرِ جَادَّةٍ.
ومِنَ المَجَاز : خَبَطَ الشَّيْطَانُ فُلاناً ، إِذا مَسَّهُ بأَذًى فأَفْسَدَه وخَبَلَه ، كتَخَبَّطَهُ.
وفي حَدِيثِ الدُّعَاءِ : «وأَعُوذُ بك أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ» أَي يَصْرَعَني وَيَلْعَبَ بِي.
ومن المَجَازِ : خَبَطَ زَيْداً ، إِذا سَأَلَه المَعْرُوفَ من غَيْرِ آصِرَة ، على فَاعِلَةٍ ، وهو الرَّحِمُ والقَرَابةُ ، كما تَقَدَّم ، كاخْتَبَطَهُ ، وهذِه عن ابنِ بَرِّيّ. وقال ابنُ فَارِسٍ : الأَصْلُ فيه أَنَّ السّارِيَ إِليه أَو السَّائرَ لا بُدَّ من أَنْ يَخْتَبِطَ الأَرْضَ ، ثمّ اخْتُصِرَ الكَلامُ فقِيلَ للآتِي طَالِباً جَدْوَى : مُخْتَبِطٌ ، فخَبَطَهُ زَيْدٌ المَسْئُولُ بخَيْرٍ : أَعْطَاهُ. وقال أَبو زَيْدٍ : خَبَطْت الرَّجُلَ خَبْطاً : وَصَلْتَه. وشَاهِدُ الخَبْطِ بمَعْنَى السُّؤالِ قولُ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى يَمْدَحُ هَرِمَ بنَ سِنَانٍ :
ولَيْسَ مانِعَ ذِي قُرْبَى ولا رَحِمٍ |
|
يَوْماً ولا مُعْدِماً مِنْ خَابِطٍ وَرَقَا (١) |
وأَمّا شاهِدُ الاخْتِبَاطِ بمَعْنَى طَلَبِ المَعْرُوفِ ، فقَوْلُ الشّاعِرِ :
ومُخْتَبِطٍ لمْ يَلْقَ من دُونِنَا كُفًى |
|
وذَاتِ رَضِيعٍ لم يُنِمْهَا رَضِيعُهَا |
وقَوْلُ لَبِيدٍ :
لِيَبْكِ على النُّعْمَانِ شَرْبٌ وقَيْنَةٌ |
|
ومُخْتَبِطَاتٌ كالسَّعَالِى أَراملُ |
ومِنْ أَبْيَاتِ الشَّوَاهِد :
لِيَبْكِ يَزِيدَ ضَارِعٌ لخُصُومَة |
|
ومُخْتَبِطٌ مّما تُطِيح الطَّوائحُ |
كُلُّ ذلِكَ مُسْتَعَارٌ من خَابِطِ الوَرَقِ
وخَبَط فُلانٌ : قَامَ ، هكَذَا في النُّسَخِ ، وهو تصحيفٌ ، صوابُه : «نَامَ» ، بالنُّونِ ، فقد قال أَبو عُبَيْد : خَبَطَ : مثلُ هَبغَ ، إِذا نامَ.
وخَبَطَ البَعِيرَ خَبْطاً ، إِذا وَسَمَهُ بالخِبَاطِ ، بالكَسْرِ ، كما سَيَأْتِي قَرِيباً ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وخَبَطَ فُلانٌ : طَرَحَ نَفْسَه حَيْثُ كَانَ لِيَنَام ، كذا في الصّحاحِ ، وفي اللِّسَانِ : حيثُ كانَ ، ونامَ ، وأَنْشَدَ لدبَّاقٍ (٢) الدُّبَيْرِيّ :
قَوْدَاءُ تَهْدِي قُلُصاً مَمَارِطاً |
|
يَشْدَخْنَ باللَّيْلِ الشُّجَاعَ الخَابِطَا |
المَمَارِطُ : السِّرَاعُ ، وَاحِدها ، مِمْرَطَةٌ.
وخَبَطَ فُلانٌ فُلاناً ، إِذَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ من غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بَيْنَهُمَا ، كذا في الصّحاحِ ، وهو مَجازٌ ، وزاد غيرُه : ولا وَسِيلَةَ ولا قَرَابَةَ.
قلتُ : وهو بعَيْنِه : خَبَطَه بخَيْرٍ : أَعْطَاهُ ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لعَلَقَمَةَ بن عَبَدَةَ يَمدَحُ الحارِثَ بن أَبِي شَمِرٍ ، ويَسْتَعْطِفُه لأَخِيهِ شَأْسٍ :
وفي كُلِّ حَيٍّ قد خَبَطْتَ بنِعْمَةٍ |
|
فحُقَّ لشَأْسٍ مِنْ نَدَاكَ ذَنُوبُ (٣) |
فَقَالَ الحارِثُ : نَعَمْ وأَذْنِبَةٌ ، وكان قد أَسرَ شَأْسَ بن عَبَدَةَ يَومَ عَيْنِ أُبَاغَ ، فَأَطْلَق شَأْساً وسَبْعِينَ أَسِيراً من بَنِي تَمِيمٍ.
قلتُ : هكَذَا في نُسَخِ الصّحاحِ : «قد خَبَطْت» ووجَدتُ في الهَامِشِ : والأَجْوَدُ أَنْ يُكتب «خَبَطَّ» بغَيْرِ تاءٍ ؛ لأَنَّ أَصلَه خَبَطْتَ ، فأُدْغِم ، فطَرْحُ التّاءِ من الكِتَابَةِ أَجْوَدُ قلتُ : وكَذلِكَ يُرْوَى أَيْضاً في اللّسَان ، ولو قال : «خَبَتَّ» يُرِيدُ «خَبَطْتَ» لكان أَقْيَسَ اللُّغَتَيْن ؛ لأَنَّ هذه التَّاءَ ليسَتْ مُتَّصِلَةً بما قَبْلَها اتّصالَ تاءِ افْتَعَلْتَ بمثَالِهَا الذي هي فيه ، ولكِنَّه شَبَّه تاءَ خَبَطْت بتاءِ افْتَعَل ، فقَلَبَهَا طاءً ؛ لوقُوعِ الطّاءِ قَبْلَهَا ، كقوله : اطَّرَد ، واطَّلَعَ. قال شيخُنَا : وأَرادَ بقَوْلِه : «في كُلّ حَيٍّ» أَنَّ النّابِغَةَ كانَ كَلَّمَه في أَسارَى بنِي أَسَدٍ ، وكانُوا نَيّفاً وثَمانِين ، فأَطْلَقَهم. واستعارَ الذَّنُوبَ لنَصِيبِه من الحارِثِ.
وفَرَسٌ خَبُوطٌ وخَبِيطٌ : يَخْبِطُ الأَرْضَ برِجْلَيْهِ ، كما في العَيْن ، وفي التَّهْذِيب : بِيَدَيْه.
__________________
(١) رواية عجزه في التهذيب واللسان :
يوماً ولا خابطاً من ماله ورقا
والمثبت رواية الديوان.
(٢) في اللسان ط دار المعارف مصر : أبّاق الدبيري.
(٣) في الأساس نسبه لعمرو بن شأس يخاطب الملك.