إِذا انتَفَخَ ، فِيهِنَّ ، يَحْبَط حَبَطاً فهُو حَبِطٌ ، من إِبِلٍ حَبَاطَى وحَبِطَةٍ ، كما في المُحْكَم. أَو حَبَطُ المَاشِيَةِ : انْتِفَاخُ البَطْنِ عن أَكْلِ الذُّرَقِ وهو الحَنْدَقُوقُ ، يُقَال : حَبِطَت الشّاةُ ، بالكَسْرِ ، كما نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن ابنِ السِّكِّيتِ ، قال : ومنه الحَدِيثُ : «وإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُّ» واسمُ ذلِكَ الدّاءِ : حُبَاطٌ ، بالضَّمِّ ، قال الأَزْهَرِيُّ : ورَوَاه بعضهم بالخَاءِ المُعْجَمَةِ ، من التَّخَبُّط ، وهو الاضْطِرَابُ.
والحَبَطُ : وَرَمٌ في الضَّرْعِ أَو غَيْرِهِ ، والذي في المُحْكَمِ : الحَبَطُ في الضَّرْعِ : أَهْوَنُ الوَرَمِ ، وقيل : الحَبَطُ : الانْتِفاخُ أَيْن كانَ من داءٍ أَو غَيْرِه. وحَبِطَ جِلْدُه : وَرِمَ.
ومن المَجَازِ : حَبِطَ عَمَلُهُ ، كسَمِعَ ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ وغيرُهُ من الأَئمَّة ، وزاد أَبو زَيْدٍ : حَبَطَ عَمَلُه ، مثل ضَرَبَ. وحَكَى عن أَعْرَابِيٍّ أَنَّه قرأَ فَقَدْ حَبطَ عَمَلُه ، بفَتْحِ الباءِ قال الأَزْهَرِيُّ : ولم أَسْمَع هذا لغَيْرِه والقِراءَةُ : (فَقَدْ) حَبِطَ (عَمَلُهُ) (١) بكَسْرِ الباءِ ، حَبْطاً بالفَتْح ، وحُبُوطاً ، بالضَّمِّ ، نَقَلَهُمَا الجَوْهَرِيُّ ، ومُقْتَضَى سِيَاقِه أَنَّهُمَا مَصْدَرانِ لِحَبِطَ كسَمِع ، والَّذِي في التَّهْذِيبِ : أَنَّ الحُبُوطَ مَصْدرُ حَبَطَ ، كضَرَبَ ، على ما نَقَلَه أَبو زَيْدٍ : بَطَلَ ثَوَابُه ، كما في الصّحاحِ.
وقَالَ الأَزْهَرِيُّ : إِذا عَمِلَ الرَّجُلُ عَمَلاً ثمّ أَفْسَدَه قيل : حَبِطَ عَمَلُه ، وقال ابنُ السِّكِّيتِ : فهو حَبْطٌ ، بسُكُونِ الباءِ ، قال الزَّمَخْشَرِيُّ وابنُ الأَثِيرِ : هو من حَبَطَت الدّابَّةُ حَبطاً ، إِذا أَصابَتْ مَرْعًى طيِّباً فأَفْرَطَتْ في الأَكْلِ حَتّى تَنْتَفِخَ فتَمُوتَ.
قال الزَّمَخْشَرِيُّ : ومنه أَيْضاً : حَبِطَ دَمُ القَتِيلِ إِذا هَدَرَ وبَطَلَ ، وهو من حَدِّ سَمِعَ فقط ، ومُقْتَضَى العَطْفِ أَنْ يكونَ من البَابَيْنَ ، وليسَ كذلِكَ ، ومَصْدَرُه الحَبَطُ بالتَّحْرِيكِ (٢) ، وقال الأَزْهَرِيُّ : ولا أَرى حَبْطَ العَمَلِ وبُطْلانَه مَأْخُوذاً إِلاّ من حَبَطِ البَطْنِ ؛ لأَنَّ صاحِبَ البَطْنِ (٣) يَهْلِكُ ، وكذلِكَ عَمَلُ المُنافِقِ [والمشركِ] (٤) يَحْبَطُ ، غيرَ أَنَّهُم سَكَّنُوا البَاءَ من قوْلهم : حَبِطَ عَمَلُه يَحْبَطُ حَبْطاً ، وحَرَّكُوها من حَبِطَ بَطْنُه حَبَطاً ، كذلِكَ أُثْبِتَ لنا عن ابْنِ السِّكِّيتِ وغيرِه.
ومِن المَجَازِ : أَحْبَطَهُ الله تَعَالى ، أَي أَبْطَلَهُ ، وقد جاءَ في الحَدِيثِ هكذا ، وفي التَّنْزِيلِ العزِيزِ : فَأَحْبَطَ (أَعْمالَهُمْ) (٥) قيل : أَفْسَدَها ، وقيلَ : أَبْطَلَها ، وتقُولُ : إِنْ عَمِل عَمَلاً صالِحاً أَتْبَعَهُ ما يُحْبِطُه ، وإِنْ أَرْسَلَ كَلِماً طَيِّباً أَرْسَلَ خَلْفَه ما يُهْبِطُه.
وعن أَبِي عَمْرٍو : أَحْبَطَ ماءُ الرَّكِيَّة ، إِذا ذَهَب ذَهَاباً لا يَعُودُ كما كان.
وأَحْبَطَ عن فُلانٍ : أَعْرَضَ ، يُقال : قد تَعَلَّق بهِ ثُمَّ أَحْبَطَ عنه ، إِذا تَرَكَه وأَعْرض عنه. عن أَبِي زَيْدٍ.
والحَبْطَةُ ، بالفَتْح : بَقِيَّةُ الماءِ في الحَوْضِ ، عن ابنِ عَبّادٍ ، أَو الصَّوابُ الخِبْطَةُ ، بالخَاءِ المُعْجَمة وبالكَسْرِ ، وأَجازَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ فتْحَها ، كما نَقَلَه الصّاغَانِيُّ ، وسَيُذْكَرُ في مَحَلِّه.
والحَبَنْطَاةُ : القَصِيرَةُ الدَّمِيمَةُ البَطِينَةُ ، ويُرْوَى بالهَمْزِ.
والحَبَنْطَى : القَصِيرُ الغَلِيظُ (٦) ، كما في الصّحاحِ.
وحكى اللِّحْيَانِيُّ عن الكِسائِيِّ : رجلٌ حَبَنْطًى ، مقصورٌ ، وحِبَنْطًى ، مَكسورٌ ، وحَبَنْطَأٌ ، وحَبَنْطأَةٌ ، أَي المُمْتَلِىءُ غَيْظاً ، أَو بِطْنَةً ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ للرّاجِزِ :
إِنِّي إِذَا أَنْشَدْتُ لا أَحْبَنْطِي |
|
ولا أُحِبُّ كَثْرَةَ التَّمَطِّي |
وقد يُهْمَزُ ، وأَنْشَدَ :
ما لَكَ تَرْمِي بالخَنَى إِلَيْنَا (٧) |
|
مُحْبَنْطِئاً مُنْتَقِماً عَلَيْنا |
وقد تَرْجَمَ الجَوْهَريُّ على «حَبْطَأَ» وصَوابُه أَنْ يُذْكَرَ في «حبط» لأَنَّ الهَمْزَةَ زائِدَةٌ ليست بأَصْليّة ، وقد احْبَنْطَأْتُ واحْبَنْطَيْت ، وكلُّ ذلِكَ من الحَبَط الَّذِي هُو الوَرَمُ ، ولذلِكَ حُكِم على نُونِه وهَمْزَتهِ أَو يائِه أَنَّهما مُلْحِقَتَانِ له ببِنَاءِ سَفَرْجَل.
__________________
(١) سورة المائدة الآية ٥.
(٢) ضبطت في التهذيب واللسان ، بالقلم ، حبْطاً بسكون الباء.
(٣) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : صاحب الحبط.
(٤) زيادة عن التهذيب.
(٥) من الآية ٩ ومن الآية ٢٨ من سورة محمد.
(٦) في الصحاح : القصير البطين.
(٧) عن اللسان وبالأصل «علينا».