والمَرَضُ : الظُّلْمَةُ ، عن ابْن الأَعْرَابِيّ ، وبه فُسِّر قَوْلُهُ تَعَالى : (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ) مَرَضٌ (١) أَي ظُلْمَةٌ ، وقِيلَ : فُتُورٌ عَما أُمِرَ به ونُهِيَ عنْه. ويُقَالُ : حُبُّ الزِّنَا. وأَنْشَد ابنُ الأَعْرَابِيّ كَمَا في التَّكْمِلَة ، وفي العُبَابِ أَنْشَدَ ابنُ كَيْسانَ لأَبِي حَيَّةَ النُّمَيْرِيّ :
ولَيْلَةٍ مَرِضَتْ من كُلِّ ناحِيَةٍ |
|
فَلا يُضِيءُ لَهَا نَجْمٌ ولا قَمَرُ (٢) |
ويُرْوَى : فما يُحسُّ بِهَا ، قال : أَيْ أَظْلَمتْ ، وهكَذَا فَسَّره ثَعْلَبٌ أَيْضاً ، وهو مَجَازٌ.
وقال الرَّاعِي :
وطَخْيَاءَ مِنْ لَيْلِ التِّمَامِ مَرِيضَةٍ |
|
أَجَنَّ العَمَاءُ نَجْمَهَا فهْو مَاصِحُ |
تَعَسَّفْتُها لَمّا تَلَاوَمَ صُحْبَتي |
|
بمُشْتَبِهِ المَوْماةِ والمَاءُ نازِحُ (٣) |
وقَال ابنُ الأَعْرَابِيّ : أَصْلُ المَرَضِ النُّقْصانُ ، يُقَالُ : بَدنٌ مَرِيضٌ ، أَي نَاقِصُ القُوَّةِ. وقَلْبٌ مَرِيضٌ ، أَي ناقِصُ الدِّينِ.
وأَمْرَضَهُ الله : جَعَلَهُ مَرِيضاً. وقال سِيبَوَيْه : أَمْرَضَ الرَّجُلَ : جَعَلَهُ مَرِيضاً.
وفي الصّحاح : أَمْرَضَ الرَّجُلُ ، أَي قَارَبَ الإِصَابَةَ في رَأْيِهِ زَادَ في اللَّسَانِ : وإِنْ لَمْ يُصِبْ كُلَّ الصَّوابِ. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ قَوْلَ الشَّاعِرِ ، وهُوَ الأُقَيْشِرُ الأَسَدِيُّ يَمْدَحُ عَبْدَ الملِكِ بْنَ مَرْوَان ، وأَوَّلُه :
رَأَيْتُ أَبَا الوَلِيدِ غَداةَ جَمْعٍ |
|
بِهِ شَيْبٌ وما فَقَدَ الشَّبَابَا |
ولكِنْ تَحْتَ ذَاكَ الشَّيْبِ حَزْمٌ |
|
إِذَا مَا ظَنَّ أَمْرَضَ أَوْ أَصَابَا |
والَّذِي في الأَساس (٤) : ومِنَ المَجَازِ : أَمْرَضَه فُلانٌ : قَارَبَ إِصابَةَ حاجَتِهِ؟ : ولا يَخْفَى أَنَّ هذا غَيْرُ إصابَةِ الرَّأْيِ ، وقد اشْتَبَهَ عَلَى المُصَنِّف حَيْثُ جَعلَ أَمْرَضَهُ في إِصابَةِ الرَّأْيِ ، وإِنَّمَا هو أَمْرَضَ الرَّجُلُ بنَفْسِه ، كما هُو نَصُّ الصّحاحِ وغَيْرِه من أُمَّهَاتِ اللُّغَة ، فتَأَمَّلْ.
وأَمْرَضَ الرَّجُلُ : صَارَ ذا مَرَضٍ.
ويُقَالُ : أَتَى فُلاناً فأَمْرَضَهُ ، أَي وَجَدَهُ مَرِيضاً.
ومن المَجَاز : التَّمْرِيضُ في الأُمُورِ : التَّوْهِينُ فيها وأَنْ لا تُحْكِمَها ، وقِيلَ : هُوَ التَّضْجِيعُ ، وقد مَرَّضَ في الأَمْرِ : ضَجَّعَ فيه ، كما في الأَسَاسِ. وقال ابنُ دُرَيْدٍ : مَرَّضَ الرَّجُلُ في كلامِه ، إِذَا ضَعَّفَهُ ، ومَرَّض فِي الأَمْرِ ، إِذا لَمْ يُبَالِغْ فيه.
والتَّمْرِيضُ : حُسْنُ القِيَامِ عَلَى المَرِيضِ. قال سِيبَوَيْه : مرَّضَهُ تَمْرِيضاً : قَامَ عَلَيْهِ ووَلِيَهُ في مَرَضِهِ ودَاوَاهُ لِيَزُولَ مَرَضُهُ. جاءَتْ فَعَّلْتُ هُنَا للسَّلْبِ وإِنْ كانَتْ في أَكْثَرِ الأَمْرِ إِنَّمَا تَكُونُ للإِثْبَاتِ.
والتَّمْرِيضُ : تَذْرِيَةُ الطَّعَامِ ، عن أَبِي عَمْرٍو.
ومن المَجَازِ : رِيحٌ مَرِيضَةٌ : سَاكِنَةٌ ، أَو شَدِيدَةُ الحَرِّ ، أَو ضَعِيفَةُ الهُبُوبِ. وشَمْسٌ مَرِيضةٌ ، إِذا لمْ تكُنْ مُنْجَلِيَةً صافِيَةً حَسَنةً. وأَرْضٌ مَرِيضةٌ ، أَي ضعِيفةُ الحَال ، وأَنْشدَ أَبُو حَنِيفة :
تَوَائِمُ أَشْباهُ بأَرْضٍ مَرِيضةٍ |
|
يَلُذْن بخِذْرَافِ المِتَانِ وبالغَرْبِ |
وقِيلَ مَعْنَاه ، مُمْرِضَة ، عَنَى بِذلِك فَسادَ هَوَائها. وقد تَكُونُ مَرِيضَةً هُنَا بمَعْنَى قَفْرَةٍ أَو سَاكِنَةِ الرِّيحِ شَدِيدَةِ الحرِّ.
والمَرَاضَانِ ، بالفَتْح (٥) : وَادِيَانِ مُلْتَقَاهُمَا وَاحِدٌ. قالَه اللَّيْثُ. أَوْ هُما مَوْضِعانِ أَحدُهُما لِسُلَيْمٍ ، والآخَرُ لِهُذَيْلٍ.
ويُقَالُ : هُمَا المَارِضَانِ : كَذَا في التَّكْمِلَةِ.
والمَرَائِضُ (٦) : ع وقَالَ الأَزْهَرِيّ : المَرَائِضُ (٧) والمرَاضَانِ : مَوَاضِعُ في دِيارِ تَمِيمٍ بَيْنَ كَاظِمَةَ والنَّقِيرَة ، فيها
__________________
(١) سورة الأحزاب الآية ٣٢.
(٢) في التهذيب : شمس ولا قمر.
(٣) البيتان في ديوانه ، وعنه ضبطت ، وانظر تخريجهما فيه ص ٥٠ والعماء : «الغمام» بدلها في الأساس.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : والذي في الأساس ومن المجاز الخ ، الذي رأيته في النسخة الصحيحة التي بيدي من الأساس : وأمرض فلان قارب إصابة حاجته ، ثم استشهد عليه بالبيتين المذكورين».
(٥) في معجم البلدان ضبطت بالحركة بكسر الميم ، وفيه نص : تثنية المراض بلفظ جمع مريض ، ثُني بعد أن سمي.
(٦) في القاموس ومعجم البلدان : المرايض.
(٧) في معجم البلدان «المراضان» : المرايض.