أَمالِيه لِلْفَرَزْدَقِ ، وزَادَ الصّاغَانِيّ : يَهْجُو فُقَيْماً ونَهْشَلاً :
وَجَدْنَا نَهْشَلاً فَضَلَتْ فُقَيْماً |
|
كفَضْلِ ابْنِ الْمَخَاضِ على الفَصِيلِ (١) |
قال (٢) ابنُ الأَثِيرِ : وإِنَّما سُمِّيَتْ ابنَ مَخَاضٍ ، ونَصُّ النّهَايَة : وإِنَّمَا سُمِّيَ ابنَ مَخَاضٍ في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لأَنَّهُمْ ، أَي العَرب ، إِنَّمَا كَانُوا يَحْمِلُونَ الفُحُولَ عَلَى الإِنَاثِ بَعْدَ وَضْعِهَا بسَنةٍ ، ليَشْتَدَّ وَلَدُهَا فهي تَحْمِلُ في السَّنَةِ الثَّانِيَة ، وتَمْخَضُ ، فيكُونُ وَلَدُهَا ابنَ مَخَاضٍ.
وقال الأَصْمَعِيُّ : تَمَخَّضَتِ الشَّاةُ : لَقِحَتْ ، وهي مَاخِضٌ ، ومَخُوضٌ. وقال ابنُ شُمَيْلٍ : ناقَةٌ مَاخِضٌ ومخُوضٌ ، وهِيَ الَّتِي ضَرَبَهَا المَخَاضُ ، وقَدْ مَخِضَتْ تَمْخَض مخاضاً ، وإِنَّهَا لتَمَخَّضُ بوَلَدِهَا ، وَهُو أَنْ يَضْرِبَ الوَلَدُ في بَطْنِهَا حين تُنْتَجَ فتَمْتَخِضَ.
ومن المَجَازِ : تَمَخَّضَ الدَّهْرُ بالفِتْنَةِ ، أَي أَتَى بِهَا. قال الشَّاعِر :
وما زَالَتِ الدُّنْيَا يَخُونُ نَعِيمُهَا |
|
وتُصْبِحُ بالأَمْرِ العَظِيم تَمَخَّضُ |
ويُقَال للدُّنْيَا إِنَّهَا تَتمَخَّضُ بفِتْنَةٍ مُنْكَرَةٍ ، وكَذلِك تَمَخَّضَت المَنُونُ وغيْرُهَا. وأَنْشَد الجَوْهَرِيّ لعَمْرِو بنِ حَسَّانَ أَحَدِ بَنِي الحَارِثِ بنِ هَمّامٍ يُخَاطِبُ امْرَأَتَه. قُلْتُ : وهكَذَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ السِّيرَافِيّ ، ويُرْوَى لِسَهْمِ بْنِ خالِدِ بْنِ عَبْدِ الله الشِّيْبانِيّ ، ولِخَالِدِ بْنِ حِقٍّ الشَّيْبانِيّ (٣) ، وهكَذا أَنْشَد أَبو عُبَيْدِ الله (٤) مُحَمَّدُ بن عِمْرانَ بْنِ مُوسَى المَرْزُبَانِيّ في تَرْجَمَتَيْهِما :
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ لَهُ بِيوْمٍ |
|
أَنَى ولكُلِّ حامِلَةٍ تِمَامُ |
وكَأَنَّه من المَخَاصِ. قال الجَوْهَرِيُّ : جعَلَ قَوْلَه تَمَخَّضَتْ يَنُوبُ مَنَابَ قَوْله لَقِحَتْ بوَلَدٍ ، لِأَنَّهَا ما تَمَخَّضَتْ بالولَدِ إِلاَّ وَقَد لَقِحَتْ. وقَوْلُه : أَنَى ، أَيْ حانَ وِلادَتُهُ لتَمام أَيّامِ الحَمْلِ. وأَوّلُ هذِهِ الأَبياتِ.
أَلَا يا أُمَّ عَمْرٍو لا تَلُومِي |
|
وأَبْقِي إِنَّمَا ذا النّاسُ هامُ |
وهكَذَا ساقَه الصّاغَانِيُّ والجَوْهَرِيّ. وقال ابنُ بَرِّيّ : المَشْهُورُ في الرِّوايَة : أَلا يا أُمَّ قَيْسٍ ، وهِيٌ زَوْجَتُهُ ، وكانَ قد نَزَلَ به ضَيْف يُقَالُ لهُ إِسافٌ ، فعَقَرَ له ناقَةً ، فَلامَتْهُ ، فقالَ هذَا الشِّعْرَ. قال صاحِب اللِّسَان : وقد رَأَيْتُ أَنا في حاشِيَةٍ منُ نُسَخِ أَمَالِي ابْنِ بَرِّيّ أَنه عَقَرَ له ناقَتَيْنِ بدلِيلِ قَوْله في القَصِيدَة :
أَفِي نابَيْنِ نَالَهُمَا إِسَافٌ |
|
تَأَوَّهُ طَلَّتِي ما إِنْ تَنَامُ |
وقد ذَكَرَ بَقِيَّةَ الأَبْيَاتِ الصَّاغَانِيُّ في التَّكْمِلَةِ وفي العُبَابِ ، فراجِعْهَا فإنَّهَا حِكْمَةٌ ومَوْعِظَةٌ. وقد أَردْنَا الاخْتِصَارَ.
ومَخِيضٌ ، كأَمِيرٍ : ع قُرْبَ المَدِينَةِ ، عَلَى ساكِنها أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام ، مَرَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلىاللهعليهوسلم في غَزَاةِ بَنِي لِحْيَانَ.
والمُسْتَمْخِضُ : اللَّبَنُ البَطِيءُ الرَّوْبِ (٥) ، فإِذَا استَمْخَضَ لَمْ يَكَدْ يَرُوبُ ، وإِذا رَابَ ثُمَّ مَخَضْتَهُ فعَاد مَخْضاً فهُو المُسْتَمْخِضُ ، وذلِكَ أَطْيَبُ أَلْبَانِ الغَنَم ، لأَنَّ زُبْدَهُ اسْتُهْلِك فِيه. واسْتَمْخَضَ اللَّبَنُ أَيْضاً ، إِذا أَبْطَأَ أَخْذُهُ الطَّعْمَ بَعْدَ حَقْنِهِ في السِّقَاءِ.
وأَمْخَضَ اللَّبَنُ ، وامْتَخَضَ : تَحَرَّكَ في المِمْخَضَةِ ، هكَذَا نَصُّ العُبَابِ. والَّذِي في الصّحاح : وأَمْخَضَ اللَّبَنُ : حَانَ لَهُ أَنْ يُمْخَضَ. وتَمَخَّضَ اللَّبَنُ وامْتَخَضَ ، أَيْ تَحَرَّكَ في المِمْخَضَةِ. والظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ ذلِكَ من العُبَابِ سَهْواً من الصّاغَانِيّ في نَقْلِهِ ، فَقَلَّدَهُ المُصَنِّفُ من غَيْرِ أَنْ يُرَاجِعَ الصّحاحَ وغَيْرَهُ من الأُصُولِ.
وقال الجَوْهَرِيُّ : والمِمْخَضَةُ : الإِبْرِيجُ ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ :
__________________
(١) البيت للفرزدق ، ديوانه ٢ / ٩٦ وبعده بيتان فقيماً ونهشلا.
(٢) بالأصل «قاله» والصواب ما أثبت يؤيده سياق العبارة في النهاية.
(٣) في اللسان «حمل» ذكر منسوباً لعمرو أو خالد بن حق.
(٤) بالأصل «أبو عبد الله» تحريف.
(٥) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : «الرُّؤُوب» ومثلها في التهذيب.