بَلْ منْهَلٍ ناءٍ مِنَ الغِيَاضِ |
|
ومِنْ أَذَاةِ البقِّ والإِنْقَاضِ |
هابِي (١) العَشِيِّ مُشْرِفِ القَضْقَاضِ
يَقُولُ : يَسْتَبِينُ القَضْقَاضُ في رَأْيِ العَيْنِ مُشْرِفاً لِبُعْدِهِ.
قَوْلُه : ويُكْسَرُ ، خَطَأٌ ، وكَأَنَّه أَخَذَهُ من قَوْلِ الصّاغَانِيّ : ويُرْوَى القِضَاض ، فظَنَّهُ القِضْقَاض ، وإِنَّما هو القِضَاضُ ، بالكَسْرِ ، جَمْعُ قَضَّةٍ ، بالفَتْحِ.
والتَّقَضْقُضُ : التَّفَرُّق ، وهو من مَعْنَى القَضِّ لا مِنْ لَفْظِه. ومنهُ حدِيثُ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ المُطَّلِبِ في غَزْوَةِ أُحُدٍ : «فَأَطَلَّ عَلَيْنَا يَهُودِيٌّ فقُمْتُ إِلَيْهِ فضَرَبْتُ رَأْسَهُ بالسَّيْفِ ثُمَّ رَمَيْتُ بِه عَلَيْهم فتَقَضْقَضُوا» أَي تَفَرَّقُوا.
والقَضَّاءُ : الدِّرْعُ المسْمُورَةُ ، من قَضَّ الجَوْهَرَةَ ، إِذا ثَقَبَهَا ، قالهُ ابنُ السِّكِّيتِ. وأَنْشَدَ :
كَأَنَّ حَصَاناً قَضَّهَا الْقَيْنُ حُرَّة |
|
لَدى حَيْثُ يُلْقَى بالفِنَاءِ حَصِيرُهَا (٢) |
شَبَّهَها على حَصِيرِهَا وهو بِسَاطُهَا بِدُرَّةٍ في صَدَفٍ فاسْتَخْرَجَهَا ، كما في اللِّسَان والعُبَاب. وقال في التَّكْمِلَة.
وقد تَفَرَّدَ بهِ ابنُ السِّكِّيت (٣). والَّذِي قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ : دِرْعٌ قَضّاء ، أَي خَشِنَةُ المَسِّ ، لَمْ تَنْسحِقْ بَعْدُ ، وقولُه : خَشِنَةُ المَسِّ أَي مِنْ حِدَّتِهَا ، فهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قَضَّ الطَّعامُ والمَكَانُ ، ووَزْنُه على هذَيْنِ القَوْلَيْنِ فَعْلَاءُ. وقال الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَسَاسِ بنَحْوِ ما قَالَهُ الجَوْهَرِيّ. ويَقْرُب منه أَيْضاً قَوْلُ شَمِرٍ : القَضَّاءُ من الدُّرُوع : الحَدِيثَةُ العهْدِ بالجِدَّةِ ، الخَشِنَةُ المَسِّ ، من قَوْلِكَ : أَقضَّ عَلَيْهِ الفِراشُ. وأَنْشَد ابنُ السِّكِّيتِ قَوْلَ النَّابِغَةِ :
ونَسْجِ سُلَيْمٍ كُلَّ قَضَّاءَ ذائِل (٤)
قال : أَيْ كُلّ دِرْعٍ حَدِيثَةِ العَمَلِ. قال : ويُقَالُ : القَضَّاءُ : الصُّلْبَةُ الَّتِي امْلاس في مَجَسَّتِهَا قضة (٥) وخَالَفهم أَبو عَمْرو فَقَالَ : القَضَّاءُ هي الَّتِي فُرِغَ مِنْ عَمَلِها وأُحْكِمَ ، وقد قَضَيْتُها ، أَي أَحْكَمْتُهَا وأَنْشَدَ بيْتَ الهُذَلِيِّ :
وتَعَاوَرَا مَسْرُودَتَيْن قَضَاهُما |
|
دَاوُودُ أَوْ صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ (٦) |
قال ابنُ سِيدَه : وهذا خَطَأٌ في التَّصْرِيف لِأَنَّهُ لَوْ كانَ كَذلِكَ لَقَالَ قَضْيَاءَ. وقال الأَزْهَرِيّ : جَعَلَ أَبو عَمْرٍو القَضَّاءَ فَعَّالاً من قَضَى ، أَي حَكَمَ وفَرَغَ ، قال : والقَضَّاءُ فَعْلاءُ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ قُلْت : وسيأْتِي الكَلامُ عَلَيْهِ فِي المُعْتَلِّ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وقال أَبو بَكْر : القَضَّاءُ من الإِبِلِ : ما بَيْنَ الثَّلاثِينَ إِلَى الأَرْبَعِين ، كما في العُبَابِ ، والتَّكْمِلَة ، والّلسانِ. وقال ابنُ بَرّيّ : القَضَّاءُ بِهذا المعْنَى ليْس من هذا البابِ لِأَنَّهَا مِنْ قَضَى يَقْضِي ، أَي تُقْضَى بِهَا الحُقُوق.
والقَضَّاءُ مِنَ النّاسِ : الجِلَّةُ (٧) وإِنْ كان لا حَسَبَ لَهُمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا جِلَّةً في الأَبْدَانِ والأَشْنَانِ (٨). وقال ابنُ برّيّ : الجِلَّة في أَسْنانِهِمْ.
وقال أَبُو زَيْدٍ : قِضْ ، بالكَسْرِ مُخَفَّفَةً : حِكَايةُ صَوْتِ الرُّكْبَةِ إِذا صاتَتْ. يُقالُ : قَالَت رُكْبَتُه قِضْ ، وأَنْشَدَ :
وقَوْلُ رُكْبَتِهَا قِضْ حِينَ تَثْنِيهَا
واستَقَضَّ مَضْجَعَهُ ، أَيْ وَجَدَهُ خَشِناً ، نقله الجَوْهَرِيّ.
* وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه :
قَضَّ عَلَيْهِمُ الخَيْلَ يقُضُّها قَضّاً : أَرْسَلَها أَوْ دَفَعَهَا. قال :
قَضُّوا غِضَاباً عَلَيْكَ الخَيْلَ من كَثَبِ (٩)
وانْقَضَّ النَّجْمُ : هَوَى ، وهُو مَجاز. ومِنْهُ قَوْلُهُم : أَتَيْنَا
__________________
(١) في اللسان : «هامي العشي» بالميم.
(٢) ويروى : «فضها القين» والقين الغوّاص ، والحصان : الدرّة.
(٣) الذي قاله ابن السكيت ، كما في التكملة : القضّاء : الدرع المسمورة. وانظر التهذيب واللسان.
(٤) ديوانه ص ٧١ وصدره فيه :
وكل صموتٍ نثلةٍ تُبّعية
وبالأصل «ذايل» والمثبت عن الديوان ، أي ذات ذيل سابغ ، وسُليم أراد سليمان بن داود.
(٥) كذا ، وفي التهذيب : الصلبة التي لم تملاسّ كأن في مجستها قضة.
(٦) البيت لأبي ذؤيب ديوان الهذليين ١ / ١٩ وفيه : وعليها مسرودتان بدل وتعاورا مسرودتين.
(٧) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : «الحِكّة».
(٨) في اللسان : جلة في أبدانٍ وأسنانٍ.
(٩) عن اللسان وبالأصل «كبب».