والقُضَّةُ ، بالضَّمِّ : العَيْبُ ، يُقَالُ لَيْسَ في نَسَبِهِ قُضَّةٌ ، أَيْ عَيْبٌ. ويُخَفَّفُ. ويُقَالُ أَيْضاً : قُضْأَةٌ ، بالهَمْزِ ، وقد تَقَدَّمَ في مَوْضِعِهِ.
واقْتَضَّهَا ، أَيْ الجَارِيَةَ : افْتَرَعَهَا ، كافْتَضَّهَا ، نَقلَهُ الجوْهَرِيُّ بالْقَافِ ، والْفاءُ لُغَةٌ فيه.
وانْقَضَّ الجِدارُ انْقِضاضاً : تَصَدَّعَ ولَمْ يقَعْ بَعْدُ ، أَي لَمْ يَسْقُطْ ، كانْقَاضَّ انْقِضَاضاً. فإِذا سَقَطَ قِيلَ : تَقَيَّضَ تَقَيُّضاً.
هذا قوْلُ أَبِي زَيْدٍ. وقال الجَوْهريّ ومَنْ تَبِعَهُ : انْقَضَّ الحَائِطُ ، إِذا سَقَطَ ، وبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (جِداراً يُرِيدُ أَنْ) يَنْقَضَّ (١) هكَذَا عَدَّهُ أَبُو عُبيْدٍ ثُنَائِيّاً ، وجَعلَهُ أَبُو علِيّ ثُلَاثِيّاً مِنْ نَقَضَ فهُو عِنْدَهُ افْعَلَّ. وفِي التَّهْذِيبِ : (يُرِيدُ أَنْ) يَنْقَضَّ ، أَيْ يَنْكَسِرَ. وقَرَأَ أَبُو شَيْخٍ البُنَانِيّ وخُلَيْدٌ العَصَرِيّ في إِحْدَى الرِّوايَتَيْنِ عَنْهُما يُرِيدُ أَن يَنْقَاضَّ ، بتَشْدِيدِ الضَّادِ.
وانْقَضَّت الخَيْلُ عَلَيْهِمْ ، إِذا انْتَشَرتْ ، وقِيلَ : انْدفَعتْ ، وهو مَجَازٌ عَلَى التَّشْبِيهِ بانْقِضَاضِ الطَّيْرِ. ويُقَالُ : انْقَضَّ الطائِرُ ، إِذا هَوَى فِي طيَرَانِهِ ، كما في الصّحاح ، وقَوْلُه لِيَقَعَ ، أَيّ يُرِيدُ الوُقُوعَ. ويُقَالُ : هُوَ إِذا هَوَى مِنْ طيَرَانِهِ لِيَسْقُطَ عَلَى شيْءٍ. يُقالُ : انْقَضَّ البَازِي على الصَّيْدِ ، إِذا أَسْرَعَ في طَيرَانِهِ مُنْكَدِراً عَلَى الصَّيْدِ ، كتَقَضَّضَ ، على الأَصْلِ يُقَالُ : انْقَضَّ البازِي وتَقَضَّضَ. ورُبَّما قالُوا تَقَضَّى البَازِي يَتَقَضَّى ، علَى التَّحْوِيلِ ، وكان في الأَصْلِ تَقَضَّضَ ، فلَمَّا اجْتَمَعَتْ ثَلاثُ ضَادَاتٍ قُلِبَتْ إِحْدَاهُنَّ ياءً ، كما قالُوا : تَمطَّى وأَصْلُه تَمَطَّطَ ، أَي تَمَدَّدَ ، وكَذلكِ تَظَنَّى من الظَّنّ ، وفي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ : (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها) (٢) وقَوْلُ الجوْهَرِيّ : ولم يستعملوا منه تَفَعَّلَ إِلاَّ مُبْدَلاً ، إِشارةٌ إِلَى أَنَّ المُبْدَلَ في استِعْمَالِهِمْ هو الأَفْصَحُ ، فَلا مُخَالَفَةَ في كلامِ المُصَنِّفِ لِقَوْل الجَوْهَرِيّ ، كَما تَوَهّمَهُ شَيْخُنا ، فتَأَمّلْ.
ومِنَ المُبْدلِ المشْهُورِ قَوْلُ العَجّاجِ يمْدَحُ عُمَرَ بنَ عُبيْدِ الله بنِ مَعْمَرٍ :
إِذا الكِرَامُ ابْتَدرُوا البَاعَ بَدَرْ |
|
تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ (٣) |
والقَضَضُ ، مُحرَّكَةً : التُّرَابُ يَعْلُو الفِرَاشَ ، ومِنْه قَضَّ المَكَانُ وأَقَضَّ.
وأَقَضَّ فُلانٌ ، إِذا تَتَبَّع مَداقَّ الأُمُور الدَّنِيئَةِ وأَسفَّ إِلى خِسَاسِهَا ، ولو قال : تَتَبَّعَ دِقَاقَ المَطَامِع ، كما هو نَصُّ الصَّاغَانِيّ وابْنِ القطَّاعِ والجَوْهرِيّ ، لكانَ أَخْصَر. قال رُؤْبَةُ :
ما كُنْتَ عن تَكَرُّمِ الأَعْرَاضِ |
|
والخُلُقِ العَفِّ عن الإِقْضاضِ |
ويُرْوَى : الأَقْضَاضِ ، بالفَتْح.
وأَقَضَّ علَيْه المَضْجَعُ : خَشُنَ وتَتَرَّب. قَال أَبُو ذُؤَيْبٍ الهُذَلّي :
أَمْ ما لِجَنْبِكَ لا يُلائِمُ مَضْجعاً |
|
إِلاَّ أَقَضَّ علَيْكَ ذَاكَ المَضْجَعُ (٤) |
وقَرَأتُ في شَرْحِ الدِّيوان : أَقَضَّ ، أَيْ صارَ علَى مَضْجعِه قَضَضٌ ، وهو الحَصَى الصِّغَار. يَقُولُ : كَأَنَّ تحْت جَنْبِهِ قَضَضاً لا يَقْدِرُ على النَّوْمِ لِمَكَانِهِ.
وأَقَضَّهُ اللهُ ، أَي المضْجَعَ : جعلَهُ كَذلِكَ ، لازِمٌ مُتَعَدٍّ. وأَقَضَّ الشَّيْءَ : تَرَكَهُ قَضَضاً أَيْ حَصًى صِغَاراً. ومنه حَدِيثُ ابنِ الزُّبَيْرِ وهدْمِ الكَعْبِة : «كانَ في المسْجِدِ حُفَرٌ مُنْكَرَةٌ وجَرَاثِيمُ وتَعَادٍ (٥) ، فأَهابَ بالنّاسِ إِلى بَطْحِهِ ، فلَمَّا أَبْرَزَ عن رُبْضِهِ دَعَا بكُبْرِهِ فَنَظَرُوا إِلَيْهِ ، وأَخَذَ ابْنُ مُطِيعٍ العَتَلَةَ فعَتَلَ ناحِيَةً من الرُّبْضِ فَأَقَضَّهُ».
ويقال : جَاؤُوا قضّهم ، بَفَتْحِ الضَّادِ وبِضَمِّهَا وفَتْح القَافِ وكَسْرِها ـ بقَضِيضِهم. الكَسْر عن أَبِي عَمْرو ، كما في العُبَابِ ، أَي بأَجْمَعِهم ، كما في الصّحاح وأَنْشَدَ سِيبَوَيْه للشَّمَّاخ :
أَتَتْنِي سُلَيْمٌ قَضَّهَا بقَضِيضِهَا |
|
تُمَسِّحُ حَوْلِي بالبَقِيع سِبَالَهَا |
وهو مَجازٌ ، كما في الأَساس.
وكَذلِكَ : جَاؤُوا قَضَضُهم وقَضِيضُهُم ، أَي جَمِيعُهُم.
وقِيلَ. جاءُوا بجَمْعِهِمْ لَمْ يَدَعُوا (٦) وَرَاءَهم شَيْئاً ولا أحَداً :
__________________
(١) سورة الكهف الآية ٧٧.
(٢) سورة الشمس الآية ١٠.
(٣) أي كسر جناحيه لشدة طيرانه ، وقبله
دانى جناحيه من الطور فمرّ
(٤) ويروى : أم ما لجسمك.
(٥) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «جراثيم تعاد».
(٦) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : يخلفوا.