ومن أَمْثالِهِمْ : «حَال الجَرِيضُ دُونَ القَريضِ». قَاله عَبِيد بنُ الأَبْرصِ حِينَ أَرادَ المُنْذِرُ قَتْلَهُ فَقَالَ : أَنْشِدْنِي مِنْ قَوْلِكَ ، فَقَال ذلِكَ ، وقد تَقَدَّمَ في ج ر ض قِيلَ : الجَرِيض : الغُصَّةُ.
والقَرِيضُ : مَا يَرُدُّهُ البَعِيرُ من جِرَّتِهِ ، كما نَقَلَه الجوْهَرِيّ. وقال اللَّيْثُ : القَرِيضُ : الجِرَّةُ ، لأَنَّه إِذا غُصَّ لَمْ يَقْدِرْ على قَرْضِ جِرَّتِهِ. وقال ابنُ سِيدَه : قَرَضَ البَعِيرُ جِرَّتَهُ يَقْرِضُهَا قَرْضاً ، وهي قَرِيضٌ : مَضَغَهَا أَوْ رَدَّهَا. وقال كُراع : إِنَّما هي الفَرِيضُ «بالفَاءِ» وقد تَقَدَّم في مَوْضِعِهِ. وقِيلَ الجرِيضُ في المثَلِ : الغَصَصُ ، والقَرِيضُ الشِّعْرُ ، كما نَقَلَهُ الجوْهَرِيُّ أَيْضاً ، أَي حالَ ما هالهُ دُون شِعْره ، ولِذَا صارَ يقُولُ :
أَقْفَرَ من أَهْلِه عَبِيدُ |
|
فاليَوْمَ لا يُبْدِي ولا يُعِيدُ |
والشِّعْرُ قَرِيضٌ ، فَعِيلٌ بمعْنَى مفْعُولٍ ، كالقَصِيدِ ونَظَائرِه. قال ابنُ بَرِّيّ وقد فَرَّقَ الأَغْلَبُ العِجْلِيُّ بيْنَ الرَّجَزِ والقَرِيضِ بقَوْله :
أَرجزاً تُرِيدُ أَمْ قَرِيضا |
|
كِلَيْهِمَا أُجِيدُ مُسْتَرِيضَا |
والقُرَاضَةُ ، بالضَّمِّ : ما سقَطَ بالقَرْضِ ، أَيْ بقَرْضِ الفَأْر من خُبْزٍ ، أَوْ ثَوْب ، أَوْ غيْرِهِما ، وكذلِك قُرَاضَاتُ الثَّوْبِ التي (١) يَقْطَعُهَا الخَيَّاطُ ويَنْفِيهَا الجلَمُ ، وكَذلِكَ قُراضَةُ الذَّهَبِ والفِضَّةِ.
والمِقْرَاضُ : وَاحِدُ الْمَقَارِيضِ ، هكَذا حَكَاهُ سِيبَوَيْه بالإِفْرَاد. وأنْشَد ابنُ بَرّيّ لِعَدِيِّ بنِ زَيْدٍ :
كُلُّ صعْلٍ كأَنَّمَا شَقَّ فِيهِ |
|
سَعَفَ الشرْي شَفْرَتَا مِقْراضِ |
وقال ابنُ مَيّادَةَ :
قد جُبْتُها جَوْبَ ذِي المِقْراضِ مِمْطَرَةً |
|
إِذَا اسْتَوَى مُغْفِلَاتُ البِيِد والحدَب (٢) |
وقال أَبُو الشِّيصِ :
وجنَاحِ مقْصُوصٍ تَحيَّفَ رِيشَهُ |
|
رَيْبُ الزَّمانِ تَحَيُّفَ المِقْرَاضِ |
فقالوا مِقْراضاً فأَفْرَدُوه. وقال ابنُ بَرّيّ : ومِثْلُهُ المِفْراضُ ، «بالفَاءِ والصّاد» ، وقد تَقَدَّمَ في مَوْضِعِه.
وهُمَا مِقْراضانِ تَثْنِيةُ مِقْراضٍ وقال غَيْرُ سِيبَوَيْه من أَئِمَّةِ اللُّغَةِ : المِقْراضانِ : الجَلَمانِ ، لا يُفْرَدُ لَهُما وَاحِدٌ.
والقَرْضُ ، بالفَتْحِ كما هو المَشْهُور ، ويُكْسَرُ ، وهذِه حكاها الكِسَائيُّ ، كما نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. وقال ثَعْلَبٌ : القَرْضُ المَصْدَر ، والقِرْضُ (٣) الاسْمُ. قال ابنُ سِيدَه : لا يُعْجِبُني.
وفي اللّسان : هو ما يَتَجَازَى بِهِ النَّاسُ بَيْنَهُم ويَتَقَاضَوْنَهُ ، وجمْعُهُ قُرُوضٌ. قال الجوْهرِيّ : هو ما سَلَّفْتَ مِنْ إِساءَةٍ أَوْ إِحْسان ، وهو مَجَازٌ على التَّشْبِيهِ ، وأَنْشَدَ لِلشَّاعِرِ ، وهو أُميَّةُ ابنُ أَبِي الصَّلْتِ :
كُلُّ امرئِ سوْفَ يُجْزَى قَرْضَهُ حَسَناً |
|
أَوْ سَيِّئاً أَوْ مَدِيناً مِثْلَ مادَانَا (٤) |
وأَنْشَد الصَّاغَانِيُّ لِلَبِيدٍ ، رضِيَ الله عَنْه :
وإِذا (٥) جُوزِيتَ قَرْضاً فاجْزِهِ |
|
إِنَّمَا يَجْزِي الفَتَى لَيْس الجَمَلْ |
وفي اللّسان : معْنَاهُ إِذَا أُسدِيَ إِلَيْك مَعْرُوفٌ فَكَافِئْ علَيْهِ.
وفي الصّحاح : القَرْضُ : ما تُعْطِيهِ من المالِ لِتُقْضَاهُ.
وقال أَبُو إِسْحَاقَ النَّحْوِيُّ في قَوْله تَعالَى : (مَنْ ذَا الَّذِي) يُقْرِضُ (اللهَ) قَرْضاً (حَسَناً) (٦) قال : مَعْنَى القَرْضِ : البَلاءُ الحَسَنُ. تَقُولُ العَربُ : لَكَ عِنْدِي قَرْضٌ حَسنٌ ، وقَرْضٌ سيِّيءٌ. وأَصْلُ القَرْضِ : ما يُعْطِيهِ الرَّجُلُ أَو يَفْعَلُهُ لِيُجَازَى عَلَيْهِ. والله عَزَّ وجلَّ لا يَسْتَقْرِضُ مِنْ عَوَزٍ ولكِنَّه يبْلُو عِبَادَهُ ، فالقَرْضُ كما وَصَفْنا. قال : وهو في الآيةِ اسْمٌ لِكُلِّ ما يُلْتَمَسُ عَلَيْه الجَزَاءُ ، ولَوْ كانَ
__________________
(١) عن اللسان وبالأصل «الذي».
(٢) اللسان وبهامشه : «قوله مغفلات كذا فيما بأيدينا من النسخ ولعله معقلات جمع معقلة بفتح فسكون فضم وهي التي تمسك الماء.
(٣) ضبطت في الكويتية بالفتح ، وما أثبت عن اللسان.
(٤) عجزه في التهذيب :
أو سيئاً ومدينا كالذي دانا
(٥) ديوانه ط ليدن : فإذا جوزيت.
(٦) سورة البقرة الآية ٢٤٥.