حَتَّى نَجَوْتُ ولَمَّا يَنْزِعُوا سَلَبِي |
|
بوَالِهٍ من قَبِيضِ الشَّدِّ غَيْدَاقِ |
فإِنَّه يَصِفُ عَدْوَ نَفْسِهِ ، كما قالَهُ الصّاغَانِيُّ. قُلْت : وكانَ مِنْ أَعْدَى العَرَبِ ، كما سَيَأْتِي في «أَ ب ط».
وقُبِضَ فُلانٌ ، كعُنِيَ : ماتَ ، فهو مَقْبُوضٌ ، كما في الصّحاح.
وفي الحَدِيثِ : قالَتْ أَسْمَاءُ ، رَضِيَ الله عَنْهَا : «رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلى الله عليه وسلّم في المَنَام ، فَسَأَلَنِي : كَيْفَ بَنُوكِ؟ قُلْتُ : يُقْبَضُونَ قَبْضاً شَدِيداً ، فأَعْطَانِي حَبَّةً سَوْدَاءَ كالشُّونِيزِ شِفَاءً لَهُمْ. قال : وأَمّا السّامُ فلا أَشْفِي مِنْه وفي اللسان : قُبِضَ». المَرِيضُ ، إِذا تُوُفِّيَ ، وإِذا أَشْرَفَ عَلَى المَوْتِ ، ومِنْه الحَدِيثُ : «فأَرْسَلَتْ إِلَيْه : أَنَّ ابْناً لي قُبِضَ».
أَرادَتْ أَنَّه في حالِ القَبْضِ ، ومُعَالَجَةِ النَّزْع.
ويُقَالُ : دَخَلَ مالُكَ في القَبَض ، مُحَرَّكَةً ، أَيْ في المَقْبُوضِ ، كالهَدَم للمَهْدُوم ، والنَّفَضِ لِلْمَنْفُوضِ. وفي الصّحاح : هوَ ما قُبِضَ من أَمْوَالِ النّاسِ. قُلْتُ : ومنه الحَدِيث : «اذْهَبْ فاطْرَحْه في القَبَضِ» قَالَهُ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ قَتَلَ سَعِيدَ بْنَ العَاصِ وأَخَذَ سَيْفَهُ.
وفي حَدِيث أَبِي ظَبْيَانَ : «كان سَلْمَانُ عَلَى قَبَضٍ مِنْ قَبَضِ المُهَاجِرِين».
وقال اللَّيْثُ : القَبَضُ : ما جُمِعَ من الغَنَائم قَبلَ أَن تُقْسَمَ. وأَلْقِيَ في قَبَضِهِ ، أَي مُجْتَمَعِه.
والمَقْبِضُ ، كمَنْزِلٍ ، وعليه اقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ والمَقْبَضُ ، مِثْلُ مَقْعَدٍ ، نَقَلَهُ اللَّيْثُ : قال : والكَسْرُ أَعَمُّ وأَعْرَفُ ، أَي كَسْر الباءِ ، ويقَالُ : المِقْبَضُ مِثْلُ مِنْبَر ، وما رأَيْتُ أَحداً من الأَئِمّة ذَكَره ، والمقْبضة بِهاءٍ فِيهِنّ ، وهذِه عن الأَزْهَرِيّ : ما يُقْبَضُ عَلَيْه بِجُمْعِ الكَفِّ ، من السَّيْفِ وغَيْرِه ، كالسِّكِّين والقَوْسِ. وقال ابنُ شُمَيْلٍ : المقْبضَة : مَوْضِعُ اليَدِ من القَنَاةِ.
وقال أَبو عَمْرو : القُبَّض ، كرُكَّعٍ : دَابَّةٌ تُشْبِه السُّلَحْفَاةَ ، وهي دونَ القُنْفُذِ ، إِلاّ أَنَّهَا لا شَوْكَ لَها.
والقَبْضَةُ ، بالفَتْحِ ، وضَمُّهُ أَكْثَرُ (١) : ما قَبَضْتَ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ. يُقَالُ : أَعْطَاهٌ قَبْضَةً من السَّوِيقِ أَو مِنَ التَّمْرِ ، أَيْ (٢) كَفّاً مِنْهُ. ويُقَالُ : بالضَّمِّ اسْمٌ بمَعْنَى المَقْبُوضِ ، كالغُرْفَةِ بمَعْنَى المَغْرُوفِ. وبالفَتْحِ المَرَّة. وقَولُه تَعالَى : فَقَبَضْتُ قَبْضَةً (مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) (٣) قال ابنُ جِنِّي : أَرادَ مِنْ تُرابِ أَثَرِ حافِر فَرَسِ الرَّسُولِ ، ومِثْلُه مَسْأَلَةُ الكِتَابِ : أَنْتَ مِنّي فَرْسَخَانِ ، أَيْ أَنْتَ مِنّي ذُو مَسَافَةِ فَرْسَخَيْنِ. وقولُه عَزَّ وجَلَّ : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً) قَبْضَتُهُ (يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٤) أَي في حَوْزَتِهِ حَيْث لا تَمْلِيكَ لِأَحَدٍ.
ويُقَالُ : رَجلٌ قُبَضَةٌ رُفَضَةٌ ، كهُمَزَةٍ ، فِيهِمَا : مَنْ يُمْسِكُ بالشَّيْءِ ، ثُمَّ لا يَلْبَثُ أَنْ يَدَعَهُ ويَرْفُضَه ، كما في الصّحاح.
وهذا هو الصَّوَابُ ، وعِبَارَةُ المُصَنِّفِ تَقْتَضِي أَنَّ هذَا تَفْسِيرُ قُبَضَةٍ وَحْدَهُ ، ولَيْسَ كَذلِكَ. وقَدْ سَبَقَ أَيضاً في «ر ف ض» مِثلُ ذلِكَ.
والقُبَضَةُ : الرَّاعِي الحَسَنُ التَّدْبِيرِ ، وعِبَارَةُ الصّحاح : راعٍ قُبَضَةٌ ، إِذا كانَ مُنْقَبِضاً لا يَتَفَسَّحُ في رَعْيِ غَنَمِه ، والَّذِي قَالَهُ الأَزْهَرِيّ : يُقَالُ للرَّاعِي الحَسَنِ التَّدْبِيرِ الرَّفِيقِ بِرَعِيَّتِهِ : إِنَّه لَقُبَضَةٌ رُفَضَةٌ ، ومَعْنَى ذلِكَ أَنَّه يَقْبِضُهَا فيَسوقُها إِذا أَجْدَبَ لها المَرْتَعُ ، فإِذا وَقَعَتْ في لُمْعَةٍ من الكَلإِ رَفَضَهَا حَتَّى تَنْتَشِرَ فَتَرْتَعَ (٥). وكَأَنَّ المُصَنِّفَ جَمَعَ بَيْنَ القَوْلَيْنِ فأَخَذَ شَيْئاً مِنْ عِبَارَةِ الأَزْهَرِيّ ، وشَيْئاً من عِبَارَة الصّحاح.
والقِبِضَّى ، كزمِكَّى : ضَرْبٌ من العَدْوِ فيه نَزْوٌ ، ويُرْوَى بالصَّادِ المُهْمَلَة ، وقد تَقَدَّم ، وبِهِمَا يُرْوَى قَوْلُ الشّمّاخ يَصِفُ امْرَأَتَهُ :
أَعَدْوَ القِبِضَّى قَبْلَ عَيْرٍ وما جَرَى |
|
ولَمْ تَدْرِ ما خُبْرِي ولَمْ أَدْرِ مَالَها |
والقَبِيضُ من النَّاسِ : اللَّبِيبُ المُقْبِلُ المُكِبُّ على صَنْعَتِه ، عن ابنِ عَبَّادِ.
__________________
(١) في اللسان : القُبضة بالضم ... وربما جاء بالفتح.
(٢) اللسان : «أو» ونبه بهامشه إلى عبارة الشارح.
(٣) سورة طه الآية ٩٦.
(٤) من الآية ٦٧ من سورة الزمر. أجاز بعض النحويين قبضته يوم القيامة ، بنصب قبضته ، قال ثعلب : وهذا ليس بجائز عند أحد من النحويين البصريين لأنه مختص ، لا يقولون زيدٌ قبضتك ولا زيدٌ دارَك.
(٥) في التهذيب : فترتع كيف شاءت.