لا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لا سَرَاةَ لَهُمْ |
|
ولا سَرَاةَ إِذَا جُهَّالُهمْ سَادُوا |
أَو النَّاسُ فَوْضَى ، أَي مُتَفَرِّقُونَ ، قَالَهُ اللَّيْثُ. قال : وهُوَ جَمَاعَةُ الفَائِضِ ، ولا يُفْرَدُ كما يُفْرَدُ الوَاحِدُ من المُتَفَرِّقِين.
والوَحْشُ فَوْضَى ، أَي مُتَفَرِّقَة تَتَرَدَّد. أَوْ نَعَامٌ فَوْضَى : مُخْتَلِطٌ بَعْضُهُم ببَعْضٍ ، وكَذلِكَ جَاءَ القَوْمُ فَوْضَى ، كما في الصّحاح. وقِيلَ : هُم الّذِينَ لا أَميرَ لَهُم ، ولا مَنْ يَجْمَعُهُم.
وأَمْرُهُمْ فَوْضَى بَيْنَهُم وفَيْضَى : مُخْتَلِطٌ ، عن الِّلحْيَانِيّ : وقال : مَعْنَاه : سَوَاءٌ بَيْنَهُمْ.
ويُقَالُ : أَمْرُهُمْ فَوْضُوضَاءُ بَيْنَهُمْ ، بالمَدّ ، ويُقْصَرُ ، إِذَا كَانِوا مُخْتَلِطِينَ يَتَصَرَّفُ كُلُّ مِنْهُمْ فِيمَا لِلآخَرِ ، يَلْبَس هذَا ثَوْبَ هذَا ، ويَأْكُلُ هذَا طَعَامَ هذَا ، لا يُؤامِرُ وَاحِدٌ مِنْهُم صاحِبَهُ فِيما يَفْعَلُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ (١) ، قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ.
والمُفَاوَضَةُ : الاشْتِرَاكُ في كُلِّ شَيْءٍ ، ومنه شَرِكَةُ المُفَاوَضَةِ ، وهي العَامَّةُ في كُلِّ شَيْءٍ. وشَرِكَةُ العِنَانِ في شَيْءٍ وَاحِدٍ (٢). قالهُ الَّليْثُ. وقال الأَزْهَرِيُّ في تَرْجَمَةِ «ع ن ن» وشَارَكْتُهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ وذلِكَ أَن يَكُونَ مَالهُمَا جَمِيعاً من كُلِّ شَيْءٍ يَمْلِكَانِهِ بَيْنَهُمَا. وقِيلَ شَرِكَةُ المُفَاوَضَةِ أَنْ يَشْتَرِكَا في كُلِّ شَيْءٍ في أَيْدِيِهِمَا أَو يَسْتَفِيئَانِهِ مِنْ بَعْد ، وهذِه الشَّرِكَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ الشَّافِعيّ. وعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وصَاحِبَيْه جائِزَةٌ. كالتَّفَاوُضِ. يُقَالُ : تَفَاوَضَ الشَّرِيكَانِ في المَاءِ ، إِذا اشْتَرَكا فِيه أَجْمَع.
والمُفَاوَضَةُ : المُسَاوَاةُ ، والمُشَارَكَةُ ، مُفَاعَلَةٌ مِنَ التَّفْوِيضِ. ومنه حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ قال لدَغْفَلٍ النَّسَّابة : بِمَ ضَبَطْتَ ما أَرَى؟ قال : بمُفَاوَضَةِ العُلماءِ. قال : وما مفَاوَضَةُ العُلَمَاءِ؟ قال : كُنْتُ إِذَا لَقِيتُ عَالِماً أَخذتُ ما عِنْدَه وأَعْطَيْتُهُ ما عِنْدِي.
أَيْ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَدَّ ما عِنْدَهْ إِلَى صاحِبِه.
أَرادَ مُحَادَثَةَ العُلَمَاءِ ومُذَاكَرَاتَهمْ في العِلْمِ.
والمُفَاوَضَةُ أَيْضاً : المُجَارَاةُ في الأَمْرِ. يُقَالُ : فَاوَضَهُ في أَمْرِه ، أَي جَارَاهُ.
وتَفَاوَضُوا الحَدِيثَ : أَخَذُوا فِيهِ. وتَفَاوَضُوا في الأَمْرِ :
فَاوَضَ فِيهِ بَعْضُهم بَعْضاً ، كما في الصّحاح.
* وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه :
يُقَالُ : مَتَاعُهُمْ فَوْضَى بَيْنَهُم ، إِذَا كانُوا فِيه شُرَكَاءَ. ويُقَالُ أَيْضاً : فَوْضَى فَضاً ، قَالَ :
طَعَامُهُمُ فوضَى فَضاً في رِحَالِهِمْ |
|
ولا يُحْسِنُون السِّرَّ إِلاَّ تَنَادِيَا |
كما في اللِّسَان.
وفي العُبَابِ : الفَوْضَةُ الاسْمُ من المُفَاوَضَةِ (٣). ويُقَالُ : رَأَيْتُ التَّفْوَاضَةَ لِفُلانٍ ، أَيْ بَقِيَّةَ الحَيَاةِ.
[فهض] : فَهَضَهُ ، كمَنَعَهُ ، فَهْضاً. أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيّ في التكْمِلَة ، وذَكَرَهُ في العُبَابِ عن ابنِ دُرَيْدٍ ، أَيْ كَسَرَهُ وشَدَخَهُ ، وذَكَرَهُ صاحِبُ اللِّسَانِ أَيْضاً ، وقد تَقَدَّم مِثلُ ذلِكَ في «ف ح ض» وأَنَّهُ لُغةٌ يَمَانِيَةٌ.
[فيض] : فَاضَ المَاء والدَّمْعُ وغَيْرُهُمَا يَفِيضُ فَيْضاً ، وفُيُوضاً ، بالضَّمِّ والكَسْرِ وفُيُوضَةً وفَيْضُوضَةً وفَيَضَاناً ، بالتَّحْرِيكِ ، أَي كَثُرَ حَتَّى سَالَ كالوَادِي. وفي الصّحاح : على ضِفَّةِ الوَادِي ، ومِثْلُه في العُبَاب.
وفي الحدِيث : «ويَفِيضُ المالُ» أَيْ يَكْثُر. من فَاضَ الماءُ. وفَاضَ صَدْرُهُ بالسِّرِّ ، إِذا امْتَلأَ وباحَ به ، ولم يُطِقْ كَتْمَهُ ، وكَذلِكَ النَّهْرُ بمَائِهِ ، والإِنَاءُ بما فيه.
وفَاضَ الرَّجُلُ يَفِيضُ فَيضاً وفُيُوضاً : مَاتَ ، وكَذلِكَ فَاضَتْ نَفْسُهُ ، أَيْ خَرَجَتْ رُوحُهُ ، نَقله الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي عُبَيْدَةَ والفَرَّاءِ ، قَالا : وهي لُغَةٌ في تَمِيمٍ ، وأَبُو زَيْدٍ مِثْلُه.
قال : الأَصْمَعِيُّ : لا يُقَالُ فَاضَ الرَّجُلُ ، ولا فَاضَتْ نَفْسُه ، وإِنَّمَا يَفِيضُ الدَّمْعُ والماءُ. زادَ في العُبَابِ : ولكِنْ يُقَالُ فَاظَ ، بالظَّاءِ ، إِذَا مَاتَ ، ولا يُقَالُ : فَاضَ بالضَّادِ البَتَّةِ ، فأَنْشَدَهُ أَبُو عُبَيدَةَ رَجَزَ دُكَيْنِ بنِ رَجَاءٍ الفُقَيْمِيّ :
تَجَمَّع الناسُ وقَالُوا عِرْسُ |
|
إِذَا قِصَاعٌ كالأَكُفِّ خَمْسُ |
زَلَحْلَحَاتٌ مُصْغَراتٌ مُلْسُ |
|
ودُعِيَت قَيْسٌ وجاءَتْ عَبْسُ |
ففُقِئَتْ عَيْنٌ وفَاضَتْ نَفْسُ
__________________
(١) التهذيب : «فيما يفعل في أمره» وفي التكملة : «من أمره».
(٢) قال الأزهري : فأما شركة العِنان فهو أن يحضر كل واحد من الشريكين دنانير أو دراهم مثل ما يخرج الآخر ويخلطانها ويأذن كل واحد منهما لصاحبه بأن يتجر فيه. ولم يختلف الفقهاء في جواز هذه الشركة وإنهما إن ربحا فيما تجرا فيه فالربح بينهما ، وإن وضعا فعلى رؤوس أموالهما.
(٣) ومثله في التكملة.