القوارِيرِ الَّتِي في الدُّنْيا من الرَّمْلِ ، فأَعْلم الله عزوجل فَضْلَ تِلْك القَوَارِيرِ (١) ، أَنَّ أَصْلَها مِنْ فِضَّةٍ يُرَى مِنْ خَارِجِها مَا فِي دَاخِلِهَا. قال الأَزْهَرِيّ أَيْ تَكُونُ مَع صفَاءِ قَوَارِيرِهَا آمِنَةً مِن الكَسْرِ ، قَابِلَةً للجَبْرِ ، مِثل الفِضَّةِ ، قال : وهذا [من] (٢) أَحْسَنِ ما قِيل فِيهِ.
وقال ابنُ عَبَّادٍ : الفِضَّةُ (٧) : الحَرَّةُ الشّاهِقَةُ وتُفْتَحُ ، ج فِضَضٌ ، وفِضَاضٌ.
قال : وفِضَاضُ الجِبَالِ : الصَّخْرُ المَنْثُورُ بَعْضُه على بَعْضٍ جَمْعُ فَضَّةٍ ، بالفَتْح.
وقال الفَرَّاءُ : الفَاضَّةُ : الدَّاهِيَةُ ، ج فَوَاضُّ ، كَأَنَّهَا تَفُضُّ ما أَصَابَتْ وتَهُدُّه.
ودِرْعٌ فَضْفَاضٌ وفَضْفَاضَةٌ : وَاسِعَةٌ. قال عَمْرُو بنُ مَعْدِيكَرِبَ :
وأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ فَضْفَاضَةً |
|
كَأَنَّ مَطَاوِيَهَا مِبْرَدُ |
وقال آخرُ :
وأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ فَضْفَاضَةً |
|
دِلَاصاً تَثَنَّى عَلَى الرَّاهِشِ |
والفَضْفَاضَةُ : الجَارِيَةُ اللَّحِيمَةُ الجَسِيمَةُ : الطَّوِيلَةُ. قال رُؤْبَةُ :
أَزمانَ ذَاتُ الكَفَل الرَّضْرَاضِ |
|
رَقْراقَةٌ في بُدْنِها الفَضْفَاضِ |
وافْتَضَّهَا : افْتَرَعَها ، مِثْلُ اقْتَضَّهَا ، بالقَافِ.
وافْتَضَّ الماءَ : صَبَّه شَيْئاً بَعْدَ شَيْءٍ. ومنه حَدِيثُ غَزْوَةِ هَوَازِنَ : «فَجَاءَ رَجُلٌ بنُطْفَةٍ من إِدَاوَةٍ فافْتَضَّهَا ، فأَمَرَ بها رَسُولُ الله صَلى الله عليه وآله وسلّم فصُبَّتْ في قَدَح فتَوَضَّأْنا كُلُّنَا» ويُرْوَى بالقافِ أَيضاً ، أَي فَتَحَ رَأْسَهَا. أَو افْتَضَّهُ : أَصَابَهُ ساعَةَ يَخْرُجُ ، كما في الصّحاح ، أَيْ من العَيْنِ ، أَوْ يَصُوبُ من السَّحَابِ.
وافتَضَّت المَرْأَةُ : كَسَرَتْ عِدَّتَهَا بمَسِّ الطِّيبِ أَوْ بغَيْرِه ، كقَلْمِ الظُّفرِ ، أَو نَتْفِ الشَّعرِ من الوَجْهِ ، أَو دَلَكَتْ جَسَدَها بدَابَّةٍ أَو طَيْرٍ لِيَكُونَ ذلِكَ خُرُوجاً عن العِدَّةِ ، أَوْ كَانَتْ مِنْ عادَتِهم أَنْ تَمْسَح قُبُلَها بطَائِرٍ وتَنْبِذَه فلا يَكَادُ يَعِيشُ.
وفي حَدِيثِ أُمِّ سلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : «جَاءَت امرأَةٌ إِلَى رَسُولِ الله صَلى الله عليه وسلّم فقَالَت : إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عنها زَوْجُهَا وقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا (٣) ، أَفَتَكْحُلُهُما؟ فقالَ : لا ، مَرَّتَيْنِ أَو ثَلاثاً إِنَّمَا هي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْراً. وقد كَانَت إِحْداكُنَّ (٤) تَرْمِي بالبَعرَةِ على رَأْسِ الحَوْلِ» ، ومَعْنَى الرَّمْيِ بالبَعَرَةِ أَنَّ المَرْأَةَ كانَتْ إِذَا تُوُفِّيَ عنها زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشاً ولَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا حَتَّى تَمُرَّ بها سَنَةٌ ، ثمّ تُؤْتَى بدَابَّةٍ شَاةٍ أَو طائِرٍ فتَفْتَضُّ بها ، فقَلَّمَا تَفْتَضُّ بشَيءٍ إِلاّ ماتَ ، ثُمَّ تَخْرُجُ فتُعْطَى بَعرَةً فتَرْمِي بِهَا.
وقال ابنُ مُسْلِمٍ (٥) : سَأَلْتُ الحِجَازِيِّينَ عن الاقْتِضاضِ ، فَذَكَرُوا أَنَّ المُعْتَدَّةَ كانَتْ لا تَغْتَسِلُ ولا تَمَسُّ مَاءً ، ولا تَقْلِمُ ظُفراً ، ولا تَنْتِفُ من وَجْهِهَا شَعراً ، ثُمَّ تَخْرُجُ بَعْدَ الحَوْلِ بأَقْبَحِ مَنْظَرٍ ، ثمّ تَفْتَضُّ بطائِرٍ تَمْسَحُ به قُبُلَها وتَنْبِذُه فَلا يَكَادُ يَعِيشُ. أَي تَكْسِرُ مَا هي فيه مِنَ العِدَّةِ بذلِكَ ، قَالَ : وهو مِنْ فَضَضْتُ الشَّيْءَ ، أَي كَسَرْتُهُ ، كَأَنَّهَا تَكُونُ في عِدَّةٍ من زَوْجِهَا فتَكْسِرُ مَا كَانَتْ فيه ، وتَخْرُجُ منه بالدَّابَّة. قال ابنُ الأثِيرِ : ويُرْوَى بالقَافِ والبَاءِ المُوَحَّدَةِ. وقال الأَزْهَرِيُّ : وقد رَوَى الشافِعِيُّ هذَا الحَدِيثَ ، غَيْرَ أَنَّه رَوَى هذَا الحَرْفَ بالقَافِ والضَّادِ (٦) ، أَي من القَبْضِ ، وهو الأَخْذُ بأَطْرافِ الأَصَابعِ.
والفَضْفَضَةُ : سَعَةُ الثَّوْبِ ، والدِّرْع ، والعَيْشِ : يُقَالُ : ثَوْبٌ فَضْفَاضٌ ، وعَيْشٌ فَضْفَاض ، ودِرْعٌ فَضْفَاضَةٌ ، أَي وَاسِعَةٌ. كما في الصّحاح. وفي حَدِيثِ سَطِيح :
أَبْيَضُ فَضْفاضُ الرِّدَاءِ والبَدَنِ
أَرادَ : وَاسِعَ الصَّدْرِ والذِّرَاعِ. فكَنَى عَنْهُ بالرِّدَاءِ والبَدَنِ ، وقِيلَ أَرادَ كَثْرَةَ العَطَاءِ.
* ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :
المَفْضُوضُ : المَكْسُورُ ، كالفَضِيضِ ، وهو المُفَرَّقُ أَيْضاً.
__________________
(١) في التهذيب : «أن أفضل تلك القوارير أصله من فضة» والأصل كاللسان.
(٢) زيادة عن التهذيب.
(٧) بالمطبوعة المصرية ليست من القاموس بل هي منه.
(٣) في التهذيب واللسان : اشتكت عينها ، أفتكحلها؟
(٤) في اللسان : إحداكن في الجاهلية.
(٥) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : القتيبي.
(٦) في التهذيب : روى هذا الحرف بعينه ، فتقبص به بالقاف والصاد.