وهو مُخْتَصٌّ بالنَّفْي. ويُعْرَب إِنْ أُضِيفَ ، كَلَا أَفْعَلُهُ عَوْضَ العَائِضِين ، كما تَقُولُ دَهْرَ الدَّاهِرينَ ، أَي لا أَفْعَلُه أَبداً. وعَوْضُ مَعْنَاهُ أَبَداً ، كما تَقَدَّم ، وبه فَسَّرَ أَبُو زَيْد قَوْلَ الأَعْشَى السَّابقَ ، أَو مَعْنَاه الدَّهْرُ والزَّمَان ، كَذَا نَقَلَه اللَّيْثُ عن بَعْضِهِم ، سُمِّيَ به لأَنَّه ، هذَا مَأْخُوذٌ من عبَارَة ابْنِ جِنّيَّ. ونَصُّ ما قَالَهُ : يَنْبَغِي أَنْ تَعْلَم أَن العِوَضَ من لَفْظِ عَوْضُ الَّذي هو الدَّهْرُ ، ومَعْنَاه (١) ، والْتِقاؤُهُما أَنَّ الدَّهْرَ إِنَّمَا هو مُرُورُ النَّهَارِ واللَّيْل وتَصَرُّمُ أَجْزَائِهمَا ، وكُلَّمَا مَضَى جُزْءٌ منْهُ عَوَّضَهُ ، ونَص ابن جنِّي : خَلَفَهُ جُزْءٌ آخَرُ يَكُونُ عِوَضاً منه. فالوَقْتُ الكائنُ الثَّانِي غَيْرُ الوَقْتِ الماضِي الأَوَّل ، قال : فلهذَا كانَ العِوَضُ أَشَدَّ مُخَالَفَةً للمُعَوَّضِ منه ، من البَدَل.
أَو عَوْضُ قَسَمٌ. قَال اللَّيْثُ : كَلِمَةٌ تَجْرِي مَجْرَى القَسَمِ. قال : وبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ ، هُوَ الدَّهْرُ ، والزَّمَانُ.
يَقُولُ الرَّجُلُ لصَاحِبِه : عَوْضُ لا يَكُونُ ذلكَ أَبَداً ، فلو كَانَ عَوْضُ اسْماً للزَّمَان إِذَنْ لَجرَى بالتَّنْوين ، ولكنَّهُ حَرْفٌ يُرَادُ به القَسَمُ ، كما أَنَّ أَجَلْ ، ونَعَمْ ، ونَحْوَهُمَا ، ممّا لم يتمكَّن في التَّصْرِيف حُمِلَ على غَيْرِ الإِعْرَاب.
أَو عَوْضُ : اسْمُ صَنَمٍ لبَكْرِ بْن وَائلٍ ، وبه فَسَّرَ ابنُ الكَلْبيّ قَوْلَ الأَعْشَى :
حَلَفْتُ بمَائِرَاتٍ حَوْلَ عَوْضٍ |
|
وأَنْصَابٍ تُرِكْنَ لَدَى السُّعَيْرِ (٢) |
قال : والسُّعَيْرُ : اسمُ صَنَمٍ كان لعَنَزَةَ خَاصَّةً ، كما في الصّحاح. قال الصّاغَانِيّ : لَيْسَ البَيْتُ للأَعْشَى ، وإِنّمَا هو لرُشَيْد بن رُمَيْض العَنَزِيّ.
ويُقَالُ : افْعَلْ ذلكَ من ذِي عَوْضٍ كما تَقُولُ : مِنْ ذِي أُنُفٍ وذي قَبْل ، أَي فيمَا تَسْتَأْنِف وفيما يُسْتَقْبَل ، أَضافَ الدَّهْرَ إِلى نَفْسِه ، كما في العَيْنِ.
والعِوَضُ ، كعِنَبٍ : الخَلَفُ. وفي العُبَاب : كُلُّ ما أَعْطَيْتَهُ من شَيْءٍ فكان خَلَفاً. وفي المُحْكَم : العِوَضُ : البَدَلُ ، وبَيْنَهُمَا فَرْقٌ لا يَليقُ ذِكْرُه في هذا المَكَان ، والجَمْع أَعْوَاضٌ. وفي الصّحاح : العِوَضُ وَاحدُ الأَعْوَاضِ تقول : عَاضَنِي (٣) الله منه عَوَضاً وعَوْضاً وعِيَاضاً ، ككِتَابٍ. وأَصْلُه عِوَاضٌ قُلِبَت الوَاوُ ياءً لِانْكِسَارِ ما قَبلَهَا ، وعَوَّضَني الله منه تَعْوِيضاً ، والاسْمُ من العَوْضِ العِوَاضُ والمَعُوضَة ، كالمَعُونَة.
وتَعَوَّضَ منْهُ : أَخَذَ العِوَضَ ، وكَذلِكَ اعْتَاضَ.
واسْتَعَاضَهُ : سَأَلَهُ العِوَضَ فعَاوَضَه مُعَاوَضَةً : أَعْطَاهُ إِيّاه.
وتَقُولُ : اعْتَاضَهُ : جَاءَهُ طالِباً لِلْعِوَضِ والصِّلَةِ. قال رُؤْبَةُ يَمْدَحُ بِلالَ بْنَ أَبي بُرْدَةَ :
نِعْمَ الفَتَى ومَرْغَبُ المُعْتَاضِ |
|
والله يَجْزِي القَرْضَ بالإِقْرَاضِ |
والْعَائِضُ في قَوْل أَبي مُحَمَّدٍ عُبَيْدِ الله بنِ مُحَمَّد بن رِبْعِيّ الفَقعَسِيّ الحَذْلَميّ :
هَلْ لَكِ والعَارِضُ مِنْك عائِضُ |
|
في هَجْمَةٍ يُغْدِرُ منها القَابِضُ |
بمَعْنَى مَفْعُولٍ ، كعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ بمَعْنَى مَرْضِيَّةٍ ، كما في الصّحاح ، ويُرْوَى : في مِائَةٍ. ويُرْوَى : يُسْئِر ، بَدَل : يُغْدِرُ.
والقَابضُ : السائق الشَّدِيدُ السَّوْقِ. قال الأَزْهَريّ : أَي هَلْ لَك في العَارِضِ منك على الفَضْلِ في مِائَة يُسْئِر منْهَا القَابِض. وقد قَدَّمنَا في «ع ر ض» مَعْنَى هذَا البَيْت نَقْلاً عن الجَوْهَرِيّ ، وذَكَرْنَا مَا فيه من الاخْتِلاف فرَاجِعْه.
* وممّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه :
أَعَاضَهُ الله ، مِثْلُ عَاضَهُ وعَوَّضَهُ ، عن ابن جِنِّي.
واعْتَاضَ : أَخَذَ العِوَضَ. وقال اللَّيْث : عِضْتُ ، بالكسْرِ : أَخذْت عِوَضاً. قال الأَزْهَرِيّ : لمْ أَسْمَعْه لغَيْر اللَّيْث.
وتَعَاوَض القَوْمُ تَعَاوُضاً : ثَابَ مالُهُم وحالُهُم بَعْد قِلّة.
وقال ابنُ بَرِّيّ : وعَوْضٌ : قَبِيلَة منَ العَرَبِ. قال تَأَبَّطَ شَرّاً :
ولَمَّا سَمِعْتُ العَوْضَ تَدْعُو تَنَفَّرَتْ |
|
عَصَافِيرُ رَأْسِي من نَوًى وتَوَانِيَا |
__________________
(١) عبارة اللسان : ومعناه أَن الدهر إِنما هو مرور النهار والليل والتقاؤهما وتصرم أَجزائهما.
(٢) نسب في اللسان والتكملة لرشيد بن رميض العنزي. وضبطت السعير في الصحاح بفتح فكسر. وضبطه في القاموس بالعبارة مصغراً.
(٣) في القاموس : أَعاضني.