ونَحَرُوا جَزُوراً إِكراماً له ، فَراحَ ابنُ بَرَاقِشَ إِلى أَبِيهِ بِعرْقٍ منْ جَزُورٍ ونص ابن القُطامِيّ : فرَاحتْ بَراقِشُ بِعَرْقٍ من الجَزُورِ ، فدَفعتْهُ لزوجِها ، فأَكَلَ لُقْمانُ ، فقالَ : ما هذَا ، فَما تَعَرَّقْتُ طَيِّباً مِثْلَه قَطُّ؟ فقالَ : جَزُورٌ نَحَرَها أَخْوالِي ، ونصُّ ابنِ القُطَامِيّ : فقالت بَرَاقِشُ : هذا من لحْم جَزُورٍ ، قال : أَوَ لُحُومُ الإِبِلِ كُلِّها هكذا في الطِّيبِ؟ قالت : نَعَم ، فَقالَتْ : جَمِّلُوا ، هكذا في النُّسَخ ، والصَّوَابُ (١) «جَمِّلْنَا واجْتَمِلْ» ، فأَرْسلْتَهَا مَثَلاً ، أَي أَطْعِمْنَا الجَمَلَ واطْعمْ أَنْتَ مِنْهُ ، وكَانَتْ بَرَاقِشُ أَكْثَرَ قَوْمِهَا بَعِيراً ، فأَقْبَلَ لُقْمَانُ على إِبِلِهَا وإِبِلِ أَهْلِهَا ، فَأَشْرَعَ فِيهَا ، وفَعَلَ ذلِكَ بنُو أَبِيهِ لمّا أَكَلُوا لَحْمَ الجَزُورِ ، هكذا في النُّسخ ، والصَّوَابُ لُحُومَ الجَزُورِ ، فقِيلَ : «عَلَى أَهْلِهَا تَجْنِي بَراقِشُ» ، فصارَتْ مَثَلاً.
وبَراقِشُ وهَيْلانُ : جبَلانِ ، عن أَبِي عَمْرٍو ، أَو وَادِيَانِ ، عن الأَصْمَعِيّ ، أَو مدِينَتَانِ عادِيَّتَانِ باليَمنِ خَرِبَتَا ، وهذا الأَخِيرُ هُو قَوْلُ أَبِي حَنِيفَة الدِّينَوَرِيّ ، قال : زَعَمُوا. وقال النّابِغَةُ الجعْدِيّ يَذكر امْرأَةً :
يُسَنُّ بالضِّرْوِ من بَرَاقِشَ أَو |
|
هَيْلانَ أَو ضَامِرٍ من العُتُمِ |
أَيْ يُسَوَّكُ ، ويُرْوَى «نَاضِر» كذا في التّكْمِلَةِ ، وفي المُعْجَم : يَسْتَنّ (٢) ، وقال : يَصِفُ بَقَراً ، قال : والضِّرْوُ : شَجَرٌ يُسْتَاكُ به ، والعُتْمُ : شَجَرُ الزَّيْتُونِ ، قال الصَّاغانيّ : ورَوَاه الجاحِظُ :
ويَرْتَعِي الضِّرْوَ مِنْ بَرَاقِشَ ...
إِلى آخره ، قال : وليستْ رِوَايَتُه بشَيْءٍ.
وبَرْقَشَ عَليَّ في الكَلَامِ : خَلَّطَهُ.
وبَرْقَشَ في الأَكْلِ : أَقْبَلَ عَلَيْه ، وهذانِ قد ذَكَرَ مَصْدَرَيْهِمَا آنِفاً ، وتفريقُ المَصَادِرِ من الأَفْعَالِ غيرُ مُناسِب. أو خَلَّطه*.
وكَذا قولُه البَرْقَشَةُ ، وفي بَعْضِ النُّسَخ (٣) ، أَو البَرْقَشَةُ : التَّفَرُّقُ ، قد تقَدَّمَ بِعَيْنِه قريباً ، فهو تَكْرارٌ مَحْضٌ. والبَرْقَشَةُ : اخْتِلافُ لَوْنِ الأَرْقَشِ.
ويُقَال : تَبَرْقَشَ لَنَا ، أَي تَزَيَّنَ بأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ كُلّ لونٍ.
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه :
بَرْقَشَ الرّجُلُ بَرْقَشَةً : وَلَّى هارِباً.
والبَرْقَشَةُ : شِبْهُ تَنْقِيشٍ بأَلْوَانٍ شَتَّى ، وبَرْقَشَهُ : نَقَشَه.
وتَبَرْقَشَ النَّبْتُ : تَلَوَّنَ ، وتَبَرْقَشَتِ البِلَادُ : تَزَيَّنَت ، وتَلَوَّنَتْ ، وأَصلُه من أَبِي بَرَاقِشَ.
ويُقَال : تَرَكْتُ البِلادَ بَرَاقِشَ ، أَي ممتَلِئَةً زَهْراً مُخْتَلِفَة مِنْ كلّ لَوْنٍ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ ، وأَنشَدَ للْخَنْسَاءِ تَرْثِي أَخَاهَا :
تَطَيَّرَ حَوْلِي والبِلادُ بَرَاقِشٌ (٤) |
|
بأَرْوَعَ طَلاّبِ التِّرَاتِ مُطَلَّبِ |
ويُرْوَى : تُطَيِّرُ ، أَي تُسْرِع وتَعْدُو.
وقِيل : بلادٌ بَرَاقِشُ : أَيْ مُجْدِبَةٌ خَلاءٌ ، كبَلَاقِعَ : سَوَاءٌ ، فإِنْ كَانَ كذلِكَ فهُوَ من الأَضْداد.
والمُبْرَنْقِشُ : الفَرِحُ المَسْرورُ كالمُبْرَنْستِقِ.
وابْرَنْقَشَت العِضَاهُ : حَسُنَت.
وابرَنْقَشَت الأَرْضُ : اخْضَرَّتْ.
وابْرَنْقَشَ المَكَانُ : انْقَطَعَ عن غَيْرِه.
وحَكَى أَبُو حاتِمٍ عن الأَصْمَعِيّ ، عن أَبِي عَمْرِو بن العَلَاءِ أَنّ بَرَاقِشَ ومَعِينَ مَدِينَتان بُنِيَتَا في سَبْعِينَ أَو ثَمَانِينَ سَنَةً ، وقد فَسَّرَهما الأَصْمَعِيُّ في شِعْرِ عَمْرِو بنِ مَعْدِيكَرِب ، وهُمَا مَوْضِعَان ، وهو :
دَعانَا من بَراقِشَ أَوْ مَعِينٍ |
|
فأَسْرَعَ واتْلأَبَّ بِنَا مَلِيعُ (٥) |
__________________
(١) بالأصل : والصوب.
(٢) في معجم البلدان «براقش» : تستن.
(*) ساقطة من المصرية والكويتية ..
(٣) وهي عبارة القاموس المطبوع.
(٤) صدره في التهذيب :
تَطيرُ حواليّ البلاد براقشاً
ونبه بهامش المطبوعة المصرية إلى ضبط «تطير» في الشاهد وفي الشرح الآتي.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : دعانا هكذا في اللسان والذي في المعجم لياقوت : ينادي بدل دعانا ، وأسمع بدل أسرع.