فُؤَادُه من الفَزَع. وهُما ، أَي المَمْحُوصُ والمَحِيصُ أَيْضاً : الشَّدِيدُ الخَلْقِ المُدْمَجُ من الخَيْل والإِبلِ والحَمِيرِ. قال امرُؤُ القيْسِ يَصِفُ حِمَاراً والأُتُنَ :
وأَصْدَرَهَا بَادِي النَّوَاجِذِ قَارِحٌ |
|
أَقَبُّ كَكَرِّ الأَنْدَرِيِّ مَحِيصُ |
وأَوْرَدَ ابنُ بَرِّيٍّ هذَا البَيْتَ مُسْتَشْهِداً به على المَحِيصِ : المَفْتُول الجِسْم ، وهو المُدْمَج الَّذِي ذَكَرَه المُصَنِّف ، رَحِمَه الله تَعَالَى ، مَأْخُوذٌ من المَحْصِ ، وهو شِدَّةُ الخَلْقِ. وقال رُؤْبَةُ يَصِفُ فَرَساً :
شَدِيدُ جَلْزِ الصُّلْبِ مَمْحُوصُ الشَّوَى |
|
كالكَرِّ لا شَخْتٌ ولا فِيهِ لَوَى (١) |
ورَجُلٌ ، هكَذَا في النُّسَخِ ، وهو غَلَطٌ ، والصَّوَابُ : فَرَسٌ مَمْحُوصُ القَوَائِمِ ، إِذا خلَصَ من الرَّهَلِ ، وقالُوا ؛ يُسْتَحَبُّ مِنَ الخيْلِ أَنْ تُمْحَصَ قَوَائِمُه ، أَي تَخْلُصَ من الرَّهَلِ.
وحَبْلٌ مَحِصٌ ، ككَتِفٍ : أُجِيدَ فَتْلُه حَتَّى ذَهَبَ زِئْبِرُهُ ولَانَ ، وقد مَحَصَهُ مَحْصاً ، وكَذلِكَ المَلِصُ. ويُقَالُ : وَتَرٌ مَحِصٌ ، إِذا مُحِصَ بمُشَاقَةٍ حَتَّى ذَهَبَ زِئْبِرُهُ. قال أُمَيَّةُ بنُ أَبِي عَائِذٍ الهُذَلِيّ :
بها مَحِصٌ غيْرُ جَافِي القُوَى |
|
إِذا مُطْيَ حَنَّ بوَرْكٍ حُدَالْ |
وقد يُقَال : حَبْلٌ مَحْصٌ ، بالفَتْح ، وكذلِك زِمَامٌ مَحْصٌ ، في ضَرُورَةِ الشِّعْر ، كما قال :
ومَحْصٍ كسَاقٍ السَّوْذَقَانِيِّ نَازَعَتْ |
|
بكَفِّيَ جَشَّاء البُغَامِ خَفُوق (٢) |
أَرادَ : ومَحِصٍ ، فخَفَّفَه ، وهو الزِّمَامُ الشَّدِيدُ الفَتْلِ.
وفَرَسٌ مَحْصٌ ، بالفَتْح ومُمَحَّصٌ ، كمُعَظَّمٍ : شَدِيدُ الخَلْقِ ، ذَكَرَهُمَا أَبو عُبَيْدَةَ في صِفَاتِ الخَيْل فقال : أَمّا المُمَحَّصُ فالشَّدِيدُ الخَلْقِ ، والأُنْثَى مُمَحَّصَة ، وأَنشد :
مُمَحَّصُ الخَلْقِ وَأَى فُرَافِصَهْ |
|
كُلُّ شَدِيدٍ أَسْرُهُ مُصَامِصَهْ |
قَال : المُمَحَّصُ والفُرَافِصَةُ سَوَاءٌ. قال : والمَحْصُ بمَنْزِلَةِ المُمَحَّصِ ، والجَمْعُ مِحَاصٌ ومِحَاصَاتٌ (٣). وأَنشد :
مَحْصُ الشُّوَى مَعْصُوبَةٌ قَوَائِمُهْ
قال : ومَعْنَى : مَحْصُ الشَّوَى : قَلِيلُ اللَّحْمِ. إِذا قُلْتَ : مَحَص كذا (٤) ، وأَنْشَدَ :
مَحْصُ المُعَذَّرِ أَشْرَفَتْ حَجَبَاتُهُ |
|
يَنْضُو السَّوَابِقَ زَاهِقٌ قَرِدُ (٥) |
والمَحّاصُ ، ككَتَّانٍ : البَرّاقُ ، وقد مَحَصَ البَرْقُ والسَّرَابُ.
قال الأَغْلَبُ العِجْلِيّ :
في الآلِ بالدَّوِّيَّة المَحّاصِ
وقال ابنُ عَبّادٍ : الدَّوِّيَّةُ المَحّاصُ (٦) ، ككَتّان هي الفَلاةُ الَّتِي يَمْحَصُ النَّاسُ فِيهَا السَّيْرَ ، أَي يَجِدُّونَ ، من مَحَصَ الظبْيُ : إِذا جَدَّ في عَدْوِه.
وقال أَبو عَمْرٍو : الأَمْحَصُ : مَنْ يَقبَلُ اعْتِذَارَ الصَّادِقِ والكَاذِبِ.
وأَمْحَصَ الرَّجُلُ إِمْحَاصاً : بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ ، عن ابنِ عَبّادٍ.
وأَمْحَصَتِ الشَّمْسُ : ظَهَرَتْ من الكُسُوفِ وانْجَلَت ، ومنه حَدِيثُ الكُسُوفِ : «فَرَغَ من الصَّلاةِ ، وقد أَمْحَصَتِ الشَّمْسُ» كانْمَحَصَتْ ويُرْوَى امْحَصتْ ، عَلَى المُطَاوَعَةِ ، وهو قَلِيلٌ في الرباعيّ ، قاله ابنُ الأَثِير.
والتَّمْحِيصُ : الابْتِلاءُ والاخْتِبَارُ ، كما في الصّحاح ، وبه فُسِّرَ قولُ الله تَعَالَى : (وَ) لِيُمَحِّصَ (اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) (٧) أَيْ يَبْتَلِيَهُم ، قال ابنُ عَرَفَةَ. وقال ابنُ إِسْحَاقَ : جَعَلَ الله الايّامَ دُوَلاً بينَ النَّاسِ لِيُمَحِّصَ المُؤْمنِينَ بما يَقَعُ عَليْهم مِنْ قَتْلٍ ،
__________________
(١) كذا بالأصل واللسان نسبا لرؤبة وهما للعجاج في ديوانه ص ٧٢.
(٢) الخفوق التي يخفق مشفراها إذا عدت ، عن التهذيب.
(٣) الأصل واللسان وفي التهذيب : «مَحَصَات».
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : إذا قلت ، كذا بالنسخ كاللسان ، وحرره» ومثله في التهذيب ، وضبطت محص فيه بكسر الحاء.
(٥) في التهذيب : «فرد» بدل «قرد».
(٦) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : «المَحَاص» بتخفيف الحاء المفتوحة.
(٧) سورة آل عمران الآية ١٤١.