الرُّمَيْصاءُ ، كما تَقَدَّم ، من مَنازِلِ القَمَرِ ، وهِيَ في الذِّراعِ أَحَدُ الكَوْكَبَيْنِ ، وأُخْتُهَا الشِّعْرَى العَبُورُ ، وهي الَّتِي خَلْفَ الجَوْزَاءِ. وإِنَّمَا سُمِّيَت الغُمَيْصَاءُ بهذا الاسْمِ لِصِغَرِها ، وقِلَّةِ ضَوْئِها ، منْ غَمَصِ العَيْن ، لأَنَّ العَيْنَ إِذَا غَمِصَتْ صَغُرَتْ.
ومن أَحادِيثِهِم أَنَّ الشِّعْرَى العَبُورَ قَطَعَت المَجَرَّةَ فسُمِّيَت عَبُوراً ، وبَكَت الأُخْرَى على إِثْرِهَا حتّى غَمِصَت فسُمِّيَتِ الغُمَيْصاءَ. ويُقَالُ لهَا الغَموصُ أَيْضاً.
وقال ابنُ الأَثِيرِ : الغُمَيْصاءُ هي الشِّعَرى الشّامِيَّة وأَكبر كَوْكَبَيِ الذِّراعِ المَقْبُوضَة.
وقال ابنُ دُرَيْد : تَزْعُم العَرَبُ في أَخبارها أَنَّ الشِّعْرَيَيْنِ أُخْتَا سُهَيْل ، وأَنَّهَا كانَت مُجْتَمِعَةً ، فانْحَدَرَ سُهَيْلٌ فصار يَمَانِياً ، وتَبِعَتْه الشِّعْرَى اليَمَانِيِّة فعَبَرَتِ المَجَرَّةَ (١) فسُمِّيَتْ عَبُوراً ، وأَقامَت الغُمَيْصَاءُ مَكَانَهَا فبَكَتْ لِفَقْدِهِمَا حَتَّى غَمِصَتْ عَيْنُهَا ، وهي تَصْغِيرُ الغَمْصَاءِ.
والغُمَيْصَاءُ : ع ، ذَكَرَه الجَوْهَرِيّ ولم يُعَيِّنْهُ. وفي اللِّسَان : قال ابْنُ بَرِّيّ : قال ابْنُ وَلاّدٍ في المَقْصُور والمَمْدُودِ في حَرْف الغَيْنِ : هُوَ المَوْضِعُ الَّذِي أَوْقَعَ فيه خالِدُ بنُ الوَلِيدِ ، رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنه ، ببَنِي جَذِيمَةَ من بَنِي كِنَانَةَ. (٢) قالت امرأَةٌ مِنْهُم :
وكائِنْ (٣) تَرَى يَوْمَ الغُمَيْصَاءِ مِنْ فَتًى |
|
أُصِيبَ وَلَمْ يَجْرَحْ وقَدْ كانَ جَارِحَا |
وأَنشد غَيْرُه في الغُمَيْصَاءِ أَيْضاً :
وأَصْبَحَ عَنِّي بالغُمَيْصَاءِ جالِساً |
|
فَرِيقانِ مَسْؤُولٌ وآخَرُ يَسْأَلُ (٤) |
قُلْت : هو للشَّنْفَرَى.
والغُمَيْصَاءُ : اسْمُ أُمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْه ، هكَذَا في سَائِرِ الأُصُولِ ، ومِثْلهُ في العُبَاب. وقال شَيْخُنا : هو وَهَمٌ ، بل الغُمَيْصاءُ : اسمُ أُمِّ حَرَام بِنْتِ مِلْحَانَ. وأَمَّا أُمَّ أَنَسٍ فالرُّمَيْصاء ، كما قَالَه الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ وغَيْرُه. وقِيلَ : هو لَقَبٌ ، واسْمُهَا سَهْلَةُ أَو رُمَيْلَةُ ، أَو مُلَيْكَةُ. وكُنْيَتُهَا أُمُّ سُلَيم ، كما قَالَه جَمَاعَةٌ. انتهى.
قُلْتُ : وفي مُعْجَمِ الذَّهَبِيّ وابنِ فَهْدٍ : الرُّمَيْصَاءُ أَو الغُمَيْصَاء أُمُّ سُلَيْمٍ زَوْجَةُ أَبي طَلْحَة ، (٥) وأُمُّ أَنَسٍ كَبِيرَةُ القَدْر. وقال في الغَيْن : الغُمَيْصَاء وقِيلَ الرُّمَيْصَاء : أُمُّ سُلَيْمٍ بنتُ مِلْحَان.
وقال ابنُ دُرَيْد بعد ذِكْر الشِّعْرَى الغُمَيْصَاء ، وبِهِ سُمِّيَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ الغُمَيْصَاء.
وقال ابنُ عَبَّادٍ : يُقَال : لَا تَغْمِص عَلَيَّ ، أَي لا تَكْذِبْ هكَذَا في سَائِر الأُصول.
وفي العُبَاب ، أَي لا تَغْضَبْ.
* ومّما يُسْتَدْرَكُ عليه :
غَمَصَ اللهُ الخَلْقَ : نَقَصَهم من الطُّولِ ، والعَرْض ، والقُوَّةِ ، والبَطْشِ ، فصَغَّرَهُم وحَقَّرَهُمْ ، وقد جَاءَ ذلِكَ في حَدِيث عَليٍّ في قَتْلِ ابْنِ آدَمَ أَخَاهُ.
ورَجُلٌ غَمِصٌ ، ككَتِفٍ ، على النَّسَب ، أَي عَيّابٌ.
وأَنا مُتَغَمِّصٌ مِنْ هذا الخَبَرِ ، ومُتَوَصِّمٌ ، وذلِك إِذا كَانَ خَبَراً يُسِرُّ ويَخَافُ أَلاَّ يَكُونَ حَقًّا ، أَو يخَافُه ويُسِرُّه. (٦)
[غنص] : الغَنَصُ ، مُحَرَّكَةً ، أَهملَه الجَوْهَرِيّ. وقال أَبُو مالكٍ عَمْرُو بنُ كِرْكِرَةَ : هو ضِيقُ الصَّدْرِ ، وقد غَنِصَ ، كفَرِحَ ، كَذَا في العُبابِ والتَّكْمِلَة. وفي اللّسَان ، يُقَال : غَنَصَ صَدْرُه غُنُوصاً.
[غوص] : الغَوْصُ ، والمَغَاصُ ، والغِيَاصَةُ والغِيَاصُ ، كالعَوْذِ ، والمَعَاذِ ، والعِيَاذَةِ ، والعِيَاذِ ، صَارَتِ الوَاوُ يَاءً لِانْكِسَار ما قَبْلَهَا : النُّزُولُ تَحْتَ الماءِ ، كما في الصّحاحِ.
وقِيلَ : هو الدُّخُول في الماءِ. غَاصَ فيه يَغُوصُ ، فهو
__________________
(١) في اللسان : «البحر».
(٢) زيد في معجم البلدان : عام الفتح.
(٣) في معجم البلدان : فكائن.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وأصبح الخ فريقان مرفوع بالابتداء ومسؤول وما بعده بدل منه ، وخبر المبتدأ قوله بالغميصاء ، وعني متعلق بيسأل ، وجالساً حال ، والعامل فيه يسأل أيضاً ، وفي أصبح ضمير الشأن والقصة ويجوز أن يكون فريقان اسم أصبح ، وبالغميصاء الخبر ، والأول أظهر ، نقله في اللسان عن ابن بري».
(٥) يفهم من عبارة ابن الأثير في أسد الغابة أن الغيمصاء أم سليم تزوجت بأبي طلحة بعد مالك بن النضر.
(٦) في التهذيب : أو يخافه ويسوه ولا يأمن أن يكون حقًّا.