فأَصْبَحَتِ الثِّيرَانُ غَرْقَى وأَصْبَحَتْ |
|
نسَاءُ تَميمٍ يَلْتَقِطْنَ الصَّياصِيَا |
أَي يَلْتَقطْن القُرُونَ ليَنْسِجْنَ بها ، يُريد : لكَثْرَة المَطَر غَرِقَ الوَحْشُ.
وفي الحَديث (١) ، وذَكَرَ فتْنَةً تكونُ في أَقْطَار الأَرْض : «كَأَنَّهَا صَيَاصِي بَقَرِ» ، أَي قُرُونُهَا. يقال وَاحدُها صِيصَةٌ ، بالتَّخْفيف ، شَبَّه الفِتْنَةَ بها لِشِدَّتِهَا وصُعُوبَةِ الأَمْرِ فيها.
والصِّيصِيَةُ : الحِصْنُ والجَمْع الصَّياصِي ، ومنه قولُه تَعَالَى : (مِنْ) صَياصِيهِمْ (٢) ، أَي من حُصُونِهم التي تَحَصَّنُوا بها. وكُلُّ ما امْتُنِعَ به فهو صِيصِيَةٌ ، ج صَيَاصٍ ، بحذف الياء على التَّخْفيف.
وقال أَبو عَمْرو : الصِّيصِيَةُ من الرِّعاءِ : الرَّاعي الحَسَنُ القيَامِ على مالِه. وقال غيرُه : الصِّيصِيَةُ : الوَدُّ ، أَي الوَتِدُ الذي يُقْلَع به التَّمْرُ ، شُبِّه بقَرْن البَقَر ، قال :
خالِي عُوَيْفٌ وأَبُو عَلجِّ |
|
المُطْعِمانِ اللَّحْمَ بالعَشِجِّ |
وبالغَداةِ فِلَقَ البَرْنِجِّ |
|
يُقْلَعُ بالوَدِّ وبالصِّيصِجِّ (٣) |
أَرادَ أَبُو عَليّ ، وبالعَشيّ ، والبَرْنِيّ ، وبالصِيصِيّ (٤).
فصل العين
المهملة مع الصاد
[عبقص] : العَبْقَصُ ، كجَعْفَرٍ ، وعُصْفُورٍ ، أَهمله الجَوْهَريّ ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ : دُوَيْبَّةٌ. وأَنْكَر ذلك الأَزْهَريّ.
[عتص] : العَتْصُ ، أَهمَلَه الجَوْهَرِيّ وصاحبُ اللّسَان.
وقال ابنُ دُرَيد : هو فِعْلٌ مُمَاتٌ ، وهو فيمَا زَعَمُوا مثْل الاعْتِياصِ ، وليس بِثَبتٍ ؛ لأَنَّ بِنَاءَه بِناءٌ لا يُوَافِقُ أَبْنيَةَ العَرَبِ.
قُلْتُ : فمثْلُ هذا لا يُسْتَدْركُ به على الجَوْهَريّ ، فتَأَمَّلْ.
[عرص] : العَرْصُ ، بالفَتْح : خَشَبَةٌ تُوضَعُ على البَيْت عَرْضاً إِذَا أَرَادُوا تَسْقيفَهُ ، ثمّ يُلْقَى عَلَيْه أَطْرَافُ الخَشَبِ القِصَارِ ، قاله أَبُو عُبَيْد ، قال : ومنه حَديثُ عائشَةَ رَضيَ الله تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا قالت : «نَصَبْتُ على بابِ حُجْرَتي عَبَاءَةً ، وعَلَى مَجَرِّ (٥) بَيْتِي سِتْراً ، مَقْدَمَهُ من غَزْوَة خَيْبَر ، أَو تَبُوكَ ، فدَخَلَ البَيْت وهَتَكَ العَرْصَ حَتَّى وَقَعَ إِلى الأَرْض (٦)». ويُقَال فيه : العَرْسُ ، بالسّين. وقيل : هو الحائطُ يُجْعَلُ بَيْنَ حائطَي البَيْتِ لا يُبْلَغُ به أَقْصَاه ، ثمّ يُوضَعُ الجَائزُ من طَرَف الحَائطِ الداخِلِ إِلَى أَقْصَى البَيْت ويُسَقَّفُ البَيْتُ كُلّه ، فما كانَ بَيْنَ الحَائطَيْنِ فهو سَهْوَةٌ ، وما كَانَ تَحْتَ الجائزِ فهو مُخْدَعٌ. قال الأَزْهَريّ : رَوَاه اللَّيْثُ بالصَّاد ، ورَوَاه أَبُو عُبَيْدٍ بالسِّين ، وهُمَا لُغَتَان. قال الهَرَويّ : والمُحَدِّثُون يَلْحَنُون فيُعْجِمُون الصَّادَ ، ولَيْسَ في نَصّ الهَرَويّ نسْبَةُ اللَّحْنِ لَهُم ، وإِنّمَا قال : والمُحَدِّثُون يَرْوُونَه بالضّاد المعجمة ، وهو بالصّاد والسّين. والحَديثُ جاءَ في سُنَن أَبي دَاوُودَ بالضّاد المُعْجَمَة ، وشَرَحَهُ الخَطَّابيُّ في المَعَالم ، وفي غَريب الحَديثِ بالصَّادِ المُهْمَلَة ، وقال : قال الراوِي : العَرْضُ ، وهُوَ غَلَطٌ. وقال الزَّمَخْشَريّ : هو بالصَّاد المُهْمَلَة (٧).
والعَرْصَةُ : كُلُّ بُقعَةٍ بَيْنَ الدُّورِ وَاسِعَةٍ ، لَيْسَ فيها بِنَاءٌ ، سُمِّيَتْ بذلكَ لاعْترَاصِ الصِّبْيَان فيها. وقال الأَصْمَعيُّ : كُلُّ جَوْبَةٍ مُنْفتِقَةٍ (٨) ليس فيها بنَاءٌ فهي عَرْصَةٌ. قال مالكُ بنُ الرَّيْب :
تَحَمَّلَ أَصْحَابِي عِشَاءً وغادَرُوا |
|
أَخاثِقَة في عَرْصَةِ الدّارِ ثاوِيَا |
ج عِرَاصٌ ، وعَرَصاتٌ ، وأَعْرَاصٌ.
قال أَبُو النَّجْم :
فَرُبَّمَا عُجْتُ من القِلاصِ |
|
على أَثَافِي الحَيِّ والعِرَاصِ |
__________________
(١) في اللسان : «وفي التهذيب» والحديث في النهاية.
(٢) سورة الأحزاب الآية ٢٦.
(٣) الأرجاز باختلاف بعض الألفاظ.
(٤) عن اللسان «عجج» وبالأصل «بالصيصية».
(٥) عن التكملة وبالأصل «حجر بيتي».
(٦) النهاية واللسان : وقع بالأرض.
(٧) زيد في النهاية عنه : قال : وقد روي بالضاد المعجمة ، لأنه يوضع على البيت عرضاً.
(٨) في معجم البلدان «عرصة» : متسعة.