وقَالَ الجَوْهَرِيّ : وأَنَا أَرَى أَنَّهما لُغَتَان ، مثل نَهْرٍ ونَهَر ، لأَجْلِ حَرْف الحَلْقِ ، وصَحَّحَه الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ. وزادَ اللَّيْثُ الشَّحْصَاءُ ، وزاد الأَصْمَعِيّ : الشَّحَاصَة ، كسحَابَة ، وزاد ابنُ عَبَّاد : الشَّحَصَة ، مُحَرَّكَةً. وقال الكِسَائِيُّ : الشَّحْصُ : شاةٌ ذَهَبَ لَبَنُها كُلُّهُ ، وكَذلكَ النَّاقَة. حَكَاه عنه أَبُو عُبَيْدٍ ، كما في الصّحاح. وقال اللَّيْث : والشَّحْصُ أَيضاً تَكُونُ السَّمِينَة ، كما نَقَلَه الصّاغانِيّ. وفي المحكم : والشَّحْصَاءُ من الغَنَمِ : السَّمِينَةُ. وقِيلَ : هي الَّتِي لا حَمْلَ (١) بِهَا ولا لَبَنَ : وقال الأَصْمَعِيّ : الشَّحَاصَة : هي التي لا لَبَنَ لها. وفي الصّحاح : قال العَدَبَّسُ : الشَّحَصُ : التي لم يُنْزَ عَلَيْهَا قَطُّ. والعائِطُ : الّتي قد أُنْزِيَ عليهَا فلم تَحْمِلْ. ج أَشْحَاصٌ ، كفَلْسِ وأَفْلاس ، وسَبَبٍ وأَسْبَابٍ ، وشِحَاصٌ ، كعَبْدٍ وعِبَادٍ وشَحْصٌ ، بلَفْظِ الواحد ، عن الكِسَائِيّ ، ونَقَلَه الجَوْهَريّ ، وشَحَصَاتٌ وشَحَصٌ ، مُحَرَّكةً فِيهِما ، نقلَهمَا ابنُ عَبَّاد. وفاتَه من الجُمُوع : أَشْحُصٌ ، كفَلْسٍ وأَفْلُسٍ ، عن شَمِرٍ ، وأَنشد :
بأَشْحُصٍ مُسْتَأْخِرٍ مَسَافِدُهْ
والشَّحُوص ، كصَبُور. النِّضْوَةُ (٢) تَعَباً ، أَورَدَه الصَّاغانِيُّ في كِتَابَيْه.
وأَشْحَصَهُ : أَتْعَبَه ، كما في العُبَابِ. وقال ابنُ عَبَّاد : أَشْحَصَه عَنِ المَكَانِ : أَجْلاهُ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :
أَشْحَصَهُ وشَحَّصَهُ : أَبْعَدَهُ ، كما في النَّوادر ، وكذلك أَقْحَصَهُ وقَحَّصَهُ ، وأَمْحَصَه ومَحَّصَهُ. قال أَبُو وَجْزَةَ :
ظَعائِنُ من قَيْسِ بنِ عَيْلانَ أَشْحَصَتْ |
|
بِهِنّ النَّوَى إِنَّ النَّوَى ذَاتُ مِغْوَلِ |
أَي باعَدَتْهُنّ.
والشَّحَصُ : رَدىءُ المال ، وخُشَارَتُه.
وفي المُحْكم : شَحِصَ الرَّجُلُ شَحَصاً : لَحِجَ.
وظَبْيَةٌ شَحَصٌ : مَهْزُولَة ، عن ثَعْلَب.
[شخص] : الشَّخْصُ : سَوادُ الإِنْسانِ وغَيْرِه تَراهُ من بُعْدٍ ، وفي الصّحاح : من بَعِيدٍ (٣).
ج في القَلِيل أَشْخُصٌ ، وفي الكَثِير شُخُوصٌ ، وأَشْخَاصٌ ، وفاتَه : شِخَاصٌ.
وذكر الخَطَّابِيُّ وغَيْرُه أَنَّهُ لا يُسَمَّى شَخْصاً إِلاّ جِسْمٌ مُؤَلَّفٌ له شُخُوصٌ وارْتِفَاعٌ. وأَمَّا ما أَنْشَدَهُ سِيبَوَيْه لِعُمَرَ بنِ أَبِي رَبِيعَة :
فكَان نَصِيرِي دُونَ مَنْ كُنْتُ أَتَّقِي |
|
ثَلَاثُ شُخُوص كَاعِبَانِ ومُعْصِرُ |
فإِنّه أَراد ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ.
وفي الحَدِيث : «لا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ الله». قال ابنُ الأَثِير : الشَّخْصُ : كُلُّ جِسم له ارْتِفَاعٌ وظُهُورٌ. والمُرادُ به [في حَقِّ اللهِ تَعَالَى] (٤) إِثْبَاتُ الذَّاتِ ، فاسْتُعِير لها لَفْظُ الشَّخْصِ. وقد جاءَ في روايَة أُخْرَى : «لا شَيء أَغَيْرُ مِن اللهِ». وقيل معناه : لا يَنْبَغِي لِشَخْصٍ أَنْ يَكُونَ أَغْيَرَ مِنَ الله.
وشَخَصَ ، كمَنَع ، شُخُوصاً : ارْتَفَعَ. ويُقَال : شَخَصَ بَصَرُهُ فهو شاخِصٌ إِذا فَتَحَ عَيْنَيْه وجَعَلَ لا يَطْرِفُ. قال الله تَعالَى : (فَإِذا هِيَ) شاخِصَةٌ (أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٥) وشَخَص المَيِّتُ بَصَرَهُ : رَفَعَهُ إِلى السماءِ فلَمْ يَطْرِفْ.
وشَخَص ببَصره عِنْد المَوْت كَذلِكَ ، وهو مَجَازٌ. وأَبْصَارٌ شاخِصَةٌ وشَوَاخِصُ. وتقول : سَمِعْتُ بقُدُومِكَ فقَلْبي بينَ جَنَاحَيَّ رَاقِص ، وبَصَرِي تَحْتَ حَجَاجَيَّ شَاخِص. وقال ابنُ الأَثير : شُخوصُ بَصَرِ المَيِّت : ارْتِفَاعُ الأَجْفَان إِلى فَوْق ، وتَحْدِيدُ النَّظَرِ وانْزعاجُه.
وشَخَصَ من بَلَد إلى بَلَد ، يَشْخَصُ شُخُوصاً : ذَهَبَ ، وقِيلَ : سَارَ في ارْتِفَاع ، فإِنْ سَارَ في هَبُوط فهو هابِطٌ.
وأَشْخَصْتُه أَنَا.
وشَخَصَ الجُرْحُ : انْتَبَرَ ووَرِمَ ، عَن اللَّيْث. وفي المُحْكَم : شَخَصَ الشَيءُ يَشْخَصُ شُخُوصاً : انْتَبَرَ.
وشَخَصَ الجُرْحُ : وَرمَ. وشَخَصَ السَّهْمُ : ارْتَفَعَ عن الهَدَف. فهو سَهْمٌ شَاخِصٌ ، وهو مَجَاز. وقال ابنُ شُمَيْلٍ : لَشَدَّ ما شَخَصَ سَهْمُكَ ، وقَحَزَ سَهْمُكَ : إِذَا طَمَحَ في السَّماءِ. وقال حُمَيْد بنُ ثَوْر ، رَضِيَ الله تَعَالَى عنه :
إِنَّ الحِبَالَةَ أَلْهَتْنِي عِبَادَتُهَا |
|
حَتَّى أَصِيدَكُمَا في بَعْضِها قَنَصَا |
شَاةُ أُوَارِدُهَا لَيْثٌ يُقَاتِلُهَا |
|
رامٍ رَمَاهَا بوَبْل النَّبْلِ أَوْ شَخَصا |
__________________
(١) في اللسان : لا حمل لها.
(٢) في التكملة : النضوة من التعب.
(٣) ومثله في التهذيب.
(٤) زيادة عن النهاية «شخص».
(٥) سورة الأنبياء الآية ٩٧.