وارْتَفَصَ السِّعْرُ ، إِذا غَلَا وارْتَفَعَ ، هكذا رَواه البُخَارِيُّ في كِتَابِ الحصائِل (١) عن أَبِي زَيْدٍ ، وحَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْهُ أَيْضاً ، وزادَ : ولا تَقُلْ : وارْتَقَصَ ، أَي بالقَافِ ، كَمَا في الصّحاحِ ، وفي التَّهْذِيبِ : ولا تَقُل : ارْتَعَصَ ، بالعَيْنِ.
وتَرَافَصُوا الماءَ : تَناوَبُوهُ ، كتَفارَصُوه.
[رقص] : رَقَصَ الرَّقّاصُ يَرْقُصُ رَقَصاً : لَعِبَ ، وكَذا رَقَصَ المُخَنَّثُ والصُّوفِيُّ ، قالَ ابنُ بَرِّيّ : قال ابنُ دُرَيْدٍ : وهو أَحَدُ المَصَادِرِ التي جاءَت على فَعَلَ فَعَلاً ، نَحْو طَرَدَ طَرَداً ، وحَلَبَ حَلَباً.
ومن المَجَاز : أَتَيْتُه حِينَ رَقَص الآلُ ، أَي اضْطَرَبَ ، قالَ لَبِيدٌ ، رَضِيَ الله تَعالَى عنه :
فبِتِلْكَ إِذْ رَقَصَ اللَّوَامِعُ بالضُّحَى |
|
واجْتَابَ أَرْدِيَةَ السَّرَابِ رُكَامُهَا |
ومن المَجَازِ الخَمْرُ إِذا غَلَتْ رَقَصَتْ ، ويُقَال : رَقَصَ الشَّرابُ ، إِذا أَخَذَ في الغَلَيانِ ، كما في الصّحاحِ ، وقَالَ حَسّان ، رضِيَ الله تَعالَى عنه :
بزُجَاجَةٍ رَقَصَتْ بمَا فِي قَعْرهَا |
|
رَقَصَ القَلُوصِ برَاكِبٍ مُسْتَعْجِلِ |
قالَ ابنُ دُرَيْدٍ : فَمَنْ رَوَاهُ : رَقْصَ ، أَي بالإِسْكانِ ، فَقَدْ أَخْطَأَ والرَّقْصُ بالفَتْحِ ، عن اللَّيْثِ والرَّقَصُ والرَّقَصانُ مُحَرَّكَتَيْنِ : الخَبَبُ ، ويُقَال : ضَرْبٌ مِنْهُ ، (٢) يُقَال : رَقَصَ البَعِيرُ رَقْصاً ، إِذا أَسْرَعَ في سَيْرِه. وقد تَقَدّم أَنّ الصَّحِيحَ في مَصْدَرِه التَّحْرِيكُ ، عَنِ ابنِ دُرَيْدٍ وسِيبوَيْهِ ، ويَدُلّ لِذلكَ قولُ مالِكِ بنِ عَمّارٍ القُرَيْعِيُّ (٣) :
وأَدْبَرُوا ولَهُمْ منْ فَوْقِهَا رَقَصٌ |
|
والمَوْتُ يَخْطُرُ والأَرْوَاحُ تَبْتَدِرُ |
وقالَ أَوْسٌ :
نَفْسِي الفِدَاءُ لِمَنْ أَدّاكُمُ رَقَصاً |
|
تَدْمَى حَرَاقِفُكُمْ في مَشْيِكُمْ صَكَكُ |
وقال المُسَاوِرُ :
وإِذَا دَعَا الدَّاعِي عَلَيَّ رَقَصْتُم |
|
رَقَصَ الخَنَافِسِ من شِعَابِ الأَخْرَمِ |
وقالَ الأَخْطَلُ :
وقَيْس عَيْلانَ حَتَّى أَقْبَلُوا رَقَصاً |
|
فبايَعُوكَ جِهَاراً بَعْدَ ما كَفَرُوا |
وقَالَ أَبو وَجْزَةَ :
فما أَرَدْنا بِهَا مِنْ خلَّةٍ بَدَلاً |
|
ولا بِهَا رَقَصَ الوَاشِينَ نَسْتَمِعُ (٤) |
فَقْولُ المُصَنِّفِ ، رَحِمَه الله تَعَالَى ، والرَّقْصُ ، أَيْ بالفَتْحِ ، إِنّمَا تَبِعَ اللّيثَ ، فإِنّه ذَكَرَه مع الرَّقَصِ والرَّقَصانِ ، وقالَ : إِنّ الثلاثَةَ لُغاتٌ.
قال : ولا يَكُونُ الرَّقْصُ ، ونَصُّه : ولا يُقَال : يَرْقُصُ إِلاّ لِلاَّعِبِ وللإِبِلِ ونَحْوِهَا ، قالَ : ولِمَا سِوَاهُ القَفْزُ والنَّقْزُ ، وأَنْشَدَ :
بِرَبِّ الرّاقِصَاتِ إِلَى قُرَيْشٍ |
|
يَثِبْنَ البَيْتَ مِنْ خِلَلِ النِّقَابِ |
وقَالَ الأَخْطَلُ :
إِنِّي حَلَفْتُ برَبِّ الرّاقِصَاتِ وَمَا |
|
أَضْحَى بمَكَّةَ من حُجْبٍ وأَسْتارِ |
قال : ورُبّمَا قِيلَ لِلْحِمَارِ ، إِذا لاعَبَ أُتُنَه ، يَرْقُصُ.
قُلْتُ : وكُلُّ ذلِكَ مَجَازٌ ، أَيْ رَقَصُ البَعِيرِ ، ورَقَصُ الحِمَارِ ، كما نصَّ عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ.
والرَّقَّاصَةُ ، مُشَدَّدَةً : لُعْبَةٌ لَهُمْ ، نَقَلَهُ ابنُ فَارِسٍ.
وقال أَبو عَمْرٍو : والرَّقّاصَةُ : الأَرْضُ لا تُنْبِتُ شَيْئاً ، وإِنْ مُطِرَتْ.
ومِنَ المَجَازِ : أَرْقَصَ البَعِيرَ : حَمَلَهُ عَلَى الخَبَبِ ونَزّاهُ ، قال جَرِيرٌ :
بزَرُودَ أَرْقَصْتُ القَعُودَ فِرَاشَها |
|
رعْثَاتِ عُنْبُلِهَا الغِدَفْلِ الأَرْغَلِ |
__________________
(١) بالأصل «الخصائل» تحريف ، انظر ما مرّ قريباً.
(٢) قال الأزهري في التهذيب : وهذا هو الصحيح.
(٣) في اللسان «الفريعي» بالفاء.
(٤) أراد إسراعهم في هتّ النمائم ، قاله الأزهري.