الَّذِي أَسَرَهُ جِذْلُ الطِّعَان (١) ، فافْتَدَتْهُ مِنْهُ أُمُّه بأُخْتِه ، رُهْمَ ، فوَلَدَتْ فِيهِم.
ورَاشَ السَّهْمَ يَرِيشُه رَيْشاً ، بالفَتْح : أَلْزَقَ عَلَيْهِ الرِّيشَ ، ورَكَّبَه عَلَيْه ، كرَيَّشَهُ تَرْيِيشاً ، فهُوَ سَهْمٌ مَرِيشٌ ومُرَيَّشٌ ، قال لَبِيدٌ يَصِفُ السَّهْمَ :
ولَئِنْ كَبِرْتُ لَقَدْ عَمِرْتُ كأَنَّنِي |
|
غُصْنٌ تُفَيِّئهُ الرِّيَاحُ رَطِيبُ |
وكَذاكَ حَقّاً مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِهِ |
|
كَرُّ الزَّمَانِ عَلَيْهِ والتَّقْلِيبُ |
حَتَّى يَعُودَ من البَلاءِ كَأَنَّهُ |
|
في الكَفِّ أَفْوَقُ نَاصِلٌ مَعْصُوبُ |
مُرُطُ القِذَاذِ فَلَيْسَ فيهِ مَصْنَعٌ |
|
لا الرِّيشُ يَنْفَعُهُ ولا التَّعْقِيبُ |
هكذا أَنشَدَ الجَوْهَرِيُّ البَيْتَ الأَخِيرَ ، ونَسَبَه للَبِيدٍ ، وقالَ ابنُ بَرِّيّ : لَمْ أَجِدْه في دِيوَانِه وإِنَّمَا هُو لِنافِعِ بن لَقِيطٍ الأَسَدِيّ ، وقالَ الصّاغَانِيّ : نُوَيْفِعُ بنُ لَقِيطٍ ، يَصِفُ الهَرَمَ والشَّيْبَ. ومُرُطُ القِذاذِ : لَمْ يَكُنْ عَليه الرِّيشُ (٢) ، والتَّعْقِيبُ : شَدُّ الأَوْتَارِ عَلَيْهِ ، والأَفْوَقُ : السَّهْمُ المَكْسُورُ الفُوقِ ، والفُوقُ : مَوْضِعُ الوَتَرِ مِنَ السَّهْمِ ، والنّاصِلُ : الَّذِي لا نَصْلَ فِيه ، والمَعْصُوبُ : الَّذِي عُصِبَ بعِصَابَةٍ بَعْدَ انْكِسارِه.
وراشَ يَرِيشُ رَيْشاً : جَمَعَ الرِّيشَ ، وهُوَ المَال والأَثَاث.
ورَاشَ الصَّدِيقَ يَرِيشُه رَيْشاً : أَطْعَمَه وسَقَاهُ ، وكَسَاهُ ومِنْهُ حَدِيثُ عائِشَةَ ، تَصِفُ أَباهَا ، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْه : «يَفُكُّ عَانِيَهَا ويَرِيشٌ مُمْلِقَها» ، أَي يَكْسُوه ويُعِينُه ، وأَصْلُه من الرِّيشِ ، كأَنَّ الفَقِيرَ المُمْلِقَ لا نُهُوضَ لَهُ كالمقصُوصِ مِنْهُ الجَنَاح ، وكُلُّ مَنْ أَوْلَيْتَهُ خَيْراً فَقَدْ رِشْتَه ، ومِنْهُ الحَدِيثُ :«أَنَّ رَجُلاً رَاشَهُ الله مالاً» ، أَيْ أَعْطَاه ، وفي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ والنّسّابَةِ :
الرّائِشينَ ولَيْسَ يُعْرَفُ رائِشٌ |
|
والقَائِلِين : هَلُمَّ للأَضْيَافِ (٣) |
ومِنَ المَجَاز : راشَ فُلاناً ، إِذا قَوّاهُ وأَعانَه عَلَى مَعَاشِه ، وأَصْلَحَ حالَه ونَفَعَه ، قال سُوَيْدٌ الأَنْصَارِيّ (٤) :
فرِشْنِي بخَيْرٍ طَالَما قَدْ بَرَيْتَنِي |
|
وخَيْرُ المَوَالِي مَنْ يَرِيشُ ولا يَبْرِي |
وقَد وُجِدَ هذا المِصْراعُ الأَخِيرُ أَيْضاً في قَوْل الخَطِيمِ بنِ مُحْرِزٍ ، أَحَدِ اللُّصُوص.
والرّائِشُ ، في قَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى الله تَعالَى عَلَيْهُ وسَلَّمَ : «لَعَنَ الله الرّاشِيَ والمُرْتَشِيَ والرّائِشَ» : السَّفِير بَيْنَ الرّاشِي والمُرْتَشِي لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمَا ، وهُوَ مَجازٌ ، كَأَنَّهُ يَرِيشُ هذا من مَالِ هذا.
والرّائِشُ : السَّهْمُ ذُو الرِّيِشِ ، ومِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ قالَ لِجَرِير بنِ عَبْدِ الله ، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهما ، وقَدْ جاءَ مِنَ الكُوفَةِ : «أَخْبِرْنِي عَنِ النّاسِ؟ فقالَ : هُمْ كسِهَامِ الجَعْبَةِ ، مِنْهَا القَائِمُ الرّائِشُ» أَيْ ذُو الرِّيشِ إِشارَةً إِلى كَمالِه واسْتَقامَتِه ، أَيْ فهُوَ كالماءِ الدّافِقِ ، والعِيشَةِ الرّاضِيَةِ.
ومن المَجَازِ : كَلَأُ رَيِّشٌ ، كهَيِّنٍ وهَيْنٍ : كَثِيرُ الوَرَقِ كَذَا في النُّسَخ ، والصَّوَابُ : إِذا كَثُرَ الوَرَقُ ، وكَذلِكَ كَلَأٌ له رِيشٌ ، كَمَا في التَّكْمِلَةِ (٥) ، والَّذِي في اللِّسَانِ : فُلانٌ رَيِّشُ ورَيْشٌ ، ولَهُ رِيشٌ ، وذلِكَ إِذا كَبُرَ ورَفَّ ، فتَأَمَّل.
ورَيْشانُ بالفَتْح : حِصْنٌ باليَمَنِ ، من عَمِلِ أَبْيَنَ ، وجَبَلٌ آخَرُ مُطِلُّ على المَهْجَمِ ، باليَمَنِ أَيْضاً.
وقال نُصَيْرٌ : الرَّيْشُ مُحَرَّكَةً : الزَّبَبُ ، وهُوَ كَثْرَةُ الشَّعَرِ في الأُذُنَيْنِ خاصَّةً ، وقِيلَ : الوَجْهِ كَذلِكَ ، ونَاقَةٌ رَيَاشٌ ، كسَحَابٍ ، قالَ : ويَعْتَرِي الأَزَبَّ النِّفَارُ وأَنْشَد :
أَنْشُدُ من خَوَّارَةٍ رَيَاشِ |
|
أَخْطَأَهَا في الرَّعْلَةِ الغَوَاشِي |
ذُو شَمْلَةٍ تَعْثُرُ بالإِنْفاشِ (٦)
وجَمَلٌ رَاشٌ وذُورَاشٍ : كَثِيرُ شَعرِ الوَجْهِ ، هُنَا مَحَلُّ ذِكْرِه ، وقد ذَكَرَه المُصَنّفُ أَيْضاً ، في روش.
__________________
(١) بالأصل «جزل» وما أثبت عن المطبوعة الكويتية.
(٢) يقال : سهم مرط إذا لم يكن عليه قذذ ، والقذاذ : ريش السهم ، الواحدة قذة ، عن اللسان.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : الرائشين ، كذا بالنسخ والذي في النهاية واللسان : الرائشون».
(٤) في اللسان : قال الشاعر : عمير بن حَبّاب.
(٥) الذي في التكملة والتهذيب : إذا كثُر ورقٌ.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «وقوله : الغواشي ، كذا في اللسان ، والذي في التكملة : العواشي ، بالعين المهملة. وقوله : «تعثر ، الذي فيها أيضاً : تغترّ ، فحرره».