قَسْوَرَةٍ) (١) قال : هو رِكْزُ النّاس ، قال : الرِّكْز : الصَّوْتُ الخَفِيّ والحِسُّ ، فجَعَلَ القَسْوَرَةَ نَفْسَها رِكْزاً ؛ لأَن القَسْورة جَمَاعَةُ الرِّجَال ، وقيل : هو جَمَاعَةُ الرُّمَاة ، فسَمّاهم باسْمِ صَوْتِهِم ، وقد ذُكِر في مَوْضعه. والرِّكْزُ أَيضاً : الرَّجلُ العَالمُ العَاقلُ الحَلِيم السَّخِيّ الكَرِيمُ ، قاله أَبو عَمْرو ، وليس في نَصّه ذِكْر العَالِم ولَا ذِكْر الكَرِيم.
ومن المجَاز : الرِّكْزَةُ ، بهاءٍ : ثَبَاتُ العَقْلِ ومُسْكَتُه. قال الفَرّاءُ : سمعْتُ بعضَ بني أَسَد يقول : كَلّمْت فلاناً فما رأَيْتُ له رِكْزةً ، أَي ليسَ بِثَابِتِ العَقْل. والرِّكْزة أَيضاً وَاحِدَةُ الرِّكازِ ، ككِتَاب ، وهو ما رَكَزَه الله تَعَالَى في المَعَادن ، أَي أَحدَثَه وأَوْجَدَه ، وهو التَّبْرُ المَخْلُوق في الأَرض ، وهذا الذي تَوقّفَ فيه الإِمامُ الشّافعيّ رَضِيَ الله عنه ، كما نَقَلَه عنه الأَزهريّ ، وجاءَ في الحَدِيث عن عَمْرو بن شُعَيْب : «أَنَّ عَبْداً وَجَدَ رِكْزَةً على عَهْد عُمَر رضياللهعنه ، فأَخَذَها منه عُمَر». ويقال الرِّكْزَة : القِطْعةُ من جَوَاهِر الأَرضِ المَرْكُوزَةُ فيها ، كالرَّكِيزَة. وقال أَحمدُ بن خالد : الرِّكَاز جَمْع ، والواحِدة رَكِيزَة (٢) ، كأَنّه رُكِز في الأَرض رَكْزاً. وقال الشافِعيّ رضياللهعنه : والذِي لا أَشُكّ فيه أَن الرِّكَاز دَفِينُ أَهْلِ الجاهِلِيّة ، أَي الكَنْز الجَاهِلِيّ ، وعليه جاءَ الحَدِيثُ : «وفي الرِّكَاز الخُمس» ، وهو رأَيُ أَهْل الحِجَاز ، قال الأَزْهَرِيّ : وإِنّمَا كان فيه الخُمسُ لكَثْرة نَفْعِه وسُهولَةِ أَخْذِه.
قُلتُ : وقد جاءَ في مُسنَد أَحمد بنِ حَنْبل في بعض طُرُق هذا الحَدِيث : «وفي الرَّكائز الخُمسُ» وكأَنّها جَمع رَكِيزَة أَو رِكَازَة ، ونقل أَبُو عُبَيْد عن أَهْلِ العِرَاق في الرِّكَازِ : المَعَادِنُ كُلُّها ، فما استُخْرِج منها شَيْءٌ فلِمُسْتَخْرِجهِ أَربَعَةُ أَخْمَاسِه ولِبَيْت المَالِ الخُمسُ. قالوا : وكذلك المَال العَادِيّ يُوجَدُ مَدْفُوناً هو مِثْل المَعْدِن سَواءٌ ، قالُوا : وإِنّمَا أَصلُ الرِّكَاز المَعْدِن ، والمَالُ العَادِيّ الذِي قد مَلَكَه النّاسُ مُشبَّه (٣) بالمَعْدِن. وقيل : الرِّكَاز : قِطَع عِظَامٌ مِثْل الجَلامِيد من الفِضَّةِ والذَّهَب تُخرَج من الأَرضِ أَو من المَعْدِن ، وهو قَولُ اللّيْث ، وهذا يُعضِّد تَفسيرَ أَهلِ العِراق. وقال بعضُ أَهلِ الحِجاز : الرِّكَاز : هو المَال المَدْفُون خاصّةً مما كَنَزَه بنو آدمَ قَبْل الإِسلام ، وأَما المَعَادِن فلَيْسَت برِكَاز ، وإِنما فيها مِثْلُ ما في أَموالِ المُسْلمين من الزّكاة إِذا بلغَ ما أَصابَ مائَتيْ دِرْهمٍ كان فيها خَمْسَةَ دَرَاهم وما زَادَ فبِحِسَاب ذلِكَ ، وكذلك الذَّهَب إِذا بَلَغ عِشْرِين مِثْقَالاً كان فيه نِصْفُ مِثْقَالٍ. قُلْتُ : وهذا القَوْل تَحْتَمِله اللّغَة ، لأَنَّه مَرْكُوزٌ في الأَرض ، أَي ثابتٌ ومَدْفُون ، وقد رَكَزَه رَكْزاً ، إِذا دَفَنَه.
وأَرْكَزَ الرجُلُ : وَجَدَ الرِّكَازَ. وعن ابنِ الأَعْرَابِيّ :
الرِّكَازُ : ما أَخرَجَ المَعْدِنُ ، وقد أَركَزَ المَعْدِنُ : صَارَ ، ونَصّ النَّوَادِر : وُجِدَ فيه رِكَازٌ ، وقال غيرُه : أَرْكزَ صاحبُ المَعْدِن ، إِذا كَثُر ما يَخْرُجُ [منه] (٤) له من فِضَّة وغَيْرِهَا. وقال الشّافعيُّ رضياللهعنه : يقال للرّجُل إِذا أَصاب في المَعْدِن بَدْرةً مُجْتَمعَة : قد أَرْكَزَ.
ومن المَجَاز : ارتَكَزَ ، إِذا ثَبَتَ في مَحَلّه. يقال : دَخَل فُلانٌ فارتَكَزَ في مَحَلّه لا يَبْرحُ. ومن المجاز : ارتَكَزَ على القَوْسِ ارتِكَازاً ، إِذا وَضَع سِيَتَهَا على الأَرض ثمّ اعْتَمَد عليهَا ، كما في الأَسَاس.
والرَّكْزَةُ ، بالفَتْح ، كما هو مُقتَضَى اصْطِلاحِه ، وهو خَطَأٌ وصَوَابُه بالكَسْر كما ضَبَطَه الصّاغَانِيّ : النَّخْلَةُ وفي بَعْضِ الأُصُول : الفَسِيلَة تُجْتَثّ وتُقْتَلَع من الجِذْعِ ، كذا عن أَبي حَنِيفَة. وقال شَمِر : النَّخْلَة التي تَنْبُت في جِذْعِ النَّخْلَة ثمّ تُحوَّل إِلى مَكَان آخرَ هي الرِّكْزة. وقال بَعضُهم : هذا رِكْزٌ حَسَنٌ ، وهذا وَدِيٌّ حَسَنٌ ، وهذا قَلْعٌ حَسَنٌ ، ويقال رِكْزُ الوَدِيِّ والقَلْعِ (٥).
ومَرْكُوزٌ : عِ ، قال الرّاعِي :
بأَعْلامِ مَرْكُوزٍ فعَنْزٍ فغُرَّبٍ |
|
مَغَانِيَ أُمِّ الوَبْر إِذْ هي ماهِيَا (٦) |
والرَّكِيزَةُ في اصطلاح الرَّمْلِيّين هي العَتَبَةُ الدّاخِلَةُ ، زَوْجٌ وثَلاثُ أَفرادُ ، وهكذا صُورَتُه : وإِنما سُمّيت لأَنَّها دَلِيل الكُنُوزِ والدَّفَائن والخَزَائن والمُخَبّآت.
__________________
(١) سورة المدثّر الآية ٥١.
(٢) الأصل والتهذيب ، وفي اللسان «رِكزة».
(٣) في التهذيب : فشبّه.
(٤) زيادة عن التهذيب واللسان.
(٥) ضبطت العبارة عن اللسان ، وفي التهذيب : ويقال : رُكزَ الوديُّ والقلعُ.
(٦) ديوانه ص ٢٨٠ وانظر تخريجه فيه. وفيه «فعير» بدل «فعنز» والبيت من قصيدة له يمدح بشر بن مروان.