سَقاه إِلا قارِساً ، ونَصُّ الصّاغانِيِّ : لا يَأْكُل إِلاّ ضَاهِساً ، ولا يَشْرَبُ إِلاّ قَارِساً ، ولا يَخْفَى أَن هذا أَخْصَرُ مِمّا قالهُ المُصَنِّف ، قال : وهو دعاءٌ عليه ، أَي أَطْعَمَه النَّزْرَ القَلِيلَ من النَّبَاتِ ، فهو يأْكلُه بمُقَدَّمِ فِيهِ (١) ، ولا يَتَكَلَّفُ مَضْغَه ، ونَصُّ الصّاغانِيِّ ـ بعد قوله «دُعَاءٌ عليه» ـ : يُرِيدُون أَنّه لا يَأْكُلُ ما يَتَكَلَّفُ مَضْغَهُ ، أَي يَأْكُلُ النَّزْرَ من نَبَاتِ الأَرْضِ. والقارِسُ البارِدُ ، أَي سَقاهُ الماءَ القَرَاحَ بِلا لَبَنٍ ، وهذا قدْ يُذْكَرُ في مَحَلِّه ، فذِكْرُه هُنا تكرارٌ وزيَادَةٌ مُفْضِيَةٌ للتَّطْوِيلِ ، فَتَأَمَّلْ.
قال الصّاغانِيُّ في التَّكْمِلةِ : ودُعَاءٌ لهُم أَيضاً : شَرِبْتَ قارِساً ، وحَلَبْتَ جالِساً : يَدْعُونَ عليه أَنْ يَشْرَبَ الماءَ القَرَاحَ ويَحْلبَ الغَنَمَ ويَعْدَمَ الإِبِلَ.
[ضيس] : ضاسَ النَّبْتُ يَضِيسُ ضَيْساً ، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وقال ابنُ سِيدَه ، عن أَبِي حَنِيفةَ ، رحمهالله تَعَالَى : أَي هاجَ ، وقال مَرَّةً عن الأَعْرَابِ القُدُمِ : إِذا أَدْبَرَ الرُّطْبُ وأَرادَ أَن يَهِيج قِيل : آذَنَ ، وهو أَوَّلُ الهَيْجِ ، وهو مِن كلامِ سُفْلَى مُضَرَ ، وهذا القوْلُ الأَخِيرُ نَقَلَه الصّاغانِيُّ عن أَبِي حَنِيفةَ ، رحِمَهُ الله تعَالى ، وعن ابنِ عَبّادٍ أَيْضاً ، قال الرّاعِي :
وحَارَبَتِ الرِّيحُ الشَّمَالَ وآذَنَتْ |
|
مَذَانِبُ مِنْهَا الضَّيْسُ والمُتَصَوِّحُ (٢) |
ويُرْوَى «اللَّدْنُ والمُتَصَوِّحُ» وهو ضَيْسٌ ، بالفَتْحِ ، وضَيِّسٌ ، ككَيِّسٍ ، وضَائِسٌ ، والأَخِيرُ لُغَةُ نَجْدٍ. ونَقَلَ الصّاغَانِيُّ عن أَبي حَنِيفَةَ ، رحِمَه الله : وأَمّا أَهْلُ نَجْدٍ فيَقُولونَ : ضَاسَ يَضِيسُ فهو ضائِسٌ. قلتُ : ونقَلَ ابنُ سِيدَه ، عن أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ لُغَةَ نَجْدٍ أَنَّ الضَّيْسَ أَوَّلُ الهَيْجِ ، وما نَقَلَه الصاغَانِيُّ فيه نَوعُ مُخَالَفَةٍ ، فتأَملْ.
* ومِمَّا يُسْتَدْرَك عليه :
ضَاسٌ : جَبَلٌ.
قالَ ابنُ سيدَه : وقد قَضَيْنَا أَنَّ أَلِفَه ياءٌ وإِن كانَتْ عَيْناً ، والعَيْنُ ، وَاوا أَكثرُ منها ياءً ، لوُجُودِنَا : يَضيسُ ، وعَدَمنَا هذه المادَّةَ من الواو جُمْلَةً ، وأَنشد :
تَهَبَّطْنَ منْ أَكْنَافِ ضاسٍ وأَيْلَةٍ |
|
إِلَيْهَا ولَوْ أَغْرَى بِهِنَّ المُكَلِّبُ (٣) |
فصل الطاءِ
مع السين
[طبرس] : الطِّبْرسُ ، كزبْرِجٍ وجَعْفَرٍ ، أَهْمَله الجَوْهَرِيُّ ، وقال الليَّثُ : هو الكَذَّابُ ، وقال الباءُ بدَلٌ من الميم ، وأَنشد :
وقَدْ أَتانِي أَنَّ عَبْداً طَبْرَسَا |
|
يُوعدُنِي ولو رَآني عَرْطَسَا |
هكذا ضَبَطَه بالوَجْهَيْنِ.
وطُبَيْرِسٌ : عَلَمٌ ، والنِّسْبَة إِليه : طُبَرِسِيٌّ.
[طبس] : الطَّبْسُ ، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وقال ابنُ الأَعْرَابيِّ : هو الأَسْوَدُ مِنْ كلِّ شيءٍ.
والطِّبْسُ ، بالكَسْرِ : الذِّئْبُ.
والطَّبَسُ ، بالتَّحْرِيكِ ، والطَّبَسانُ ، مُحَرَّكةً : كُورَتانِ (٤) بخُرَاسانَ ، قالَهُ اللّيْثُ ، قالَ المَدائنيُّ : وهما أَوَّلُ فُتُوحِ خُرَاسَانَ ، فتَحَهُمَا عبدُ الله بنُ بُدَيْلِ بنِ وَرْقَاءَ ، في أَيّامِ عُثْمَانَ بنِ عفَّانَ ، رضِيَ الله تَعَالى عنه ، وأَنْشَدَ ابنُ سِيدَه لمَالِكِ بنِ الرَّيْبِ (٥) المازِنِيِّ :
دَعَانِي الهَوَى مِن أَهْلِ أَودَ (٦) وصُحْبَتِي |
|
بِذِي الطَّبَسَيْنِ فالْتَفَتُّ وَرائِيَا |
أَعْجَمِيَّة (٧) وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : فارِسيٌّ معرَّبٌ (٨) ، وقد جاءَ في الشِّعْر ، وأَنشد لابن أَحْمَرَ :
لو كُنْتَ بالطَّبَسَيْنِ أَو بِأُلَالَةٍ |
|
أَو بَرْبَعِيصَ مع الجَنَانِ الأَسْوَدِ |
__________________
(١) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : فمه.
(٢) ديوانه ص ٣٧ وانظر تخريجه فيه ، وفي الديوان : وحاربت الهيف بدل وحاربت الريح ، واللدن بدل الضيس ، فلا شاهد فيه.
(٣) نسبه بحواشي المطبوعة الكويتية لكثير.
(٤) في معجم البلدان : «الطبسان تثنية طبس .. وهما بلدتان كل واحدة منهما يقال لها طبس إحداهما طبس العُنّاب والأخرى طبس التمر» والفرس لا يتكلمون بها إلا مفردة والعرب يثنونها.
(٥) بالأصل «ابن الربيب» وما أثبت عن معجم البلدان «الطبسان» ولسان العرب دار المعارف. وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله ابن الربيب كذا في النسخ ، والذي في اللسان ابن الرس فحرره».
(٦) عن معجم البلدان واللسان وبالأصل «من أهل ودي».
(٧) عن القاموس وبالأصل «أعجمي».
(٨) الجمهرة ١ / ٢٨٤.