بَسْ بَسْ ، وبِسْ بِسْ ، بفتح الباءِ وكسرِهَا ، وأَكْثرُ ما يُقَالُ بالفَتْحِ ، وهو من كلامِ أَهْلِ اليَمَنِ ، وفيه لُغَتَانِ بَسَسْتُهَا وأَبْسَسْتُهَا ، وقال أَبُو سَعِيد : يُبِسُّونَ ، أَي يَسِيحُونَ في الأَرْضِ.
والبَسُّ : إِرْسَالُ المَالِ في البلادِ وتَفْرِيقُهَا فيها ، كالبَثِّ ، وقد بَسَّهُ في البِلادِ فانْبَسَّ ، كبَثَّهُ فانْبَثَّ.
والبَسُّ : الطَّلَبُ والجَهْدُ ، ومِنْه قولُهم : لأَطْلُبَنَّهُ من حَسِّي وبَسِّي ، أَي مِنْ جَهْدِي ، كما سَيَأْتِي.
والبَسُّ : الهِرَّةُ الأَهْلِيَّةُ ، نقلَه ابنُ عَبّادٍ ، والعَامَّةُ تَكْسِرُ البَاءَ ، قالَه الزَّمَخْشَرِيُّ (١) ، الوَاحِدَةُ بهاءٍ ، والجَمْعُ بِسَاسٌ.
ويُقَال : جاءَ بهِ مِنْ حسِّهِ وبسِّه ، مُثَلَّثَيِ الأَوَّلِ ، أَي من جَهْدِه وطاقَتِهِ ، قَالَهُ أَبو عَمْرٍو ، وقال غيرُه : أَي من حَيْثُ كانَ ولم يَكُنْ ، ويقالُ : جِيءْ بِه من حسِّك : وبسِّك ، أَي ائْتِ بهِ على كُلِّ حالٍ من حَيْثُ شِئْتَ. ولأَطْلُبَنَّه من حسِّي وبسِّي ، أَي جَهْدِي وطَاقَتِي ، ويُنْشَدُ :
تَرَكَتْ بَيْتِي مِنَ الأَشْ |
|
ياءِ قَفْراً مِثْلَ أَمْسِ |
كُلُّ شَيْءٍ كُنْتُ قَدْ جَمَّ |
|
عْتُ مِنْ حسِّي وبسِّي |
وبَسْ بمَعْنَى حَسْبُ ، أَو هُوَ مُسْتَرْذَلٌ ، كذا قالَهُ ابنُ فارِس ، ووقع في المُزْهِرِ أَيْضاً أَنّهُ لَيْسَ بعَرَبَيّ ، قال شيخُنَا : وقد صَحَّحَها بعضُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ ، وفي الكَشْكُول للبَهَاءِ العامِلِيِّ ما نَصُّه : ذَكَرَ بعضُ أَئِمَّةِ اللُّغَة أَنّ لَفْظَةَ بَسْ فارِسِيَّةٌ تقولُهَا العَامَّةُ ، وتَصَرَّفُوا فيها ، فقالوا بَسَّك وبَسِّي ، إِلخ ، وليسَ للفُرْسِ في مَعْنَاهَا كَلِمَةٌ سِوَاهَا ، وللعَرَب حَسْبُ ، وبَجَلْ ، وقَطْ مُخَفَّفَة ، وأَمْسِكْ ، واكْفُفْ ، وناهِيكَ ، ومَهْ ، ومَهْلاً ، واقْطَعْ ، واكْتَفِ.
والبَسُّ : بَطْنٌ من حِمْيَرَ ، مِنْهُم أَبو مِحْجَنٍ تَوْبَةُ بنُ نَمِرٍ البَسِّيُّ قاضِي مِصْرَ ، نُسِبَ إِلى هذَا البَطْنِ ، نقَلَهُ الحافِظُ.
قلتُ : وهو تَوْبَةُ بنُ نَمِرِ بنِ حَرْمَلَةَ بنِ تَغْلِبَ بنِ رَبِيعَةَ الحَضْرَمِيُّ ، رَوَى عن اللَّيْثِ وغيرِه ، وعَمُّه الحارِثُ بنُ حَرْمَلَةَ بنِ تَغْلِب ، عن عَلِيٍّ ، وعنه رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ وعَبّاسُ بنُ عُتْبَةَ بنِ كُلَيْب بن تَغْلِبَ ، عن يَحْيَى بنِ مَيْمُون ومُوسَى بنِ وَرْدَانَ ، وعن ابنِ وَهْبٍ.
والبَسُوسُ ، كصَبُور : النّاقَةُ الَّتِي لا تَدُرُّ إِلاّ عَلَى الإِبْسَاسِ ، أَي التَّلَطُّف بأَنْ يُقَالَ لَهَا بُسّ بُسّ بالضّمِّ والتَّشْديد ، قاله ابنُ دُرَيْد (٢) ، تَسْكِيناً لَهَا ، قالَ : وقد يُقَال ذلِكَ لغَيْرِ الإِبِلِ.
وفي المَثَلِ : «أَشْأَمُ مِنَ البَسُوس» لأَنّه أَصابَها رَجُلٌ من العَرَبِ بسَهْم في ضَرْعِها ، فقَتَلَهَا ، فقامَت الحَرْبُ بَيْنَهُما.
وقيل : البَسُوسُ : اسم امْرَأَة ، وهي خالَةُ جَسّاسِ بنِ مُرَّةَ الشَّيْبَانِيِّ ، كانَتْ لها ناقَةٌ يُقال لها : سَرَابِ ، فرآها كُلَيْبُ وائِلٍ في حِمَاه ، وقد كَسَرَتْ بَيْضَ طَيْرٍ كان قد أَجارَهُ ، فرَمَى ضَرْعَها بسَهْمٍ ، فوَثَبَ جَسّاسٌ على كُلَيْبٍ فقَتَلَه ، فهاجَت حَرْبُ بَكْرٍ وتَغْلِبَ ابْنَيْ وَائِل بسَبَبِهَا أَربعينَ سَنَةً حَتَّى ضُرِبَ بها المَثَلُ في الشُّؤْمِ ، وبها سُمِّيَتْ حَرْبُ البَسُوسِ ، وقِيل : إِنَّ الناقَةَ عَقَرَهَا جَسّاسُ بنُ مُرَّةَ ، وفي البَسُوسِ قولٌ آخرُ رُوِيَ عن ابنِ عَبّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا ، قالَ الأَزْهَرِيّ فيه : إِنّه أَشْبَهُ بالحَقِّ ، وقد ساقَه بسَنَدِه إِليهِ في قولِه تَعالَى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) (٣) قال : كانَت امْرَأَةٌ مَشْؤُومَة اسمُها البَسُوس ، أُعْطِيَ زَوْجُهَا ثَلاث دَعَواتٍ (٤) مُسْتَجاباتٍ ، وكانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ ، فكانت مُحِبَّةً لهُ ، فقالَتْ : اجْعَلْ لِي مِنْهَا دَعْوَةً وَاحِدَةً.
قالَ : فلَكِ وَاحِدَةٌ ، فما ذَا تُرِيدِينَ؟ قالَت : ادْعُ الله أَنْ يَجْعَلَنِي أَجْمَل امْرَأَةٍ في بَنِي إِسْرَائِيلَ ، ففَعَلَ ، فرَغِبَتْ عنهُ لَمّا عَلِمَتْ أَنّه ليسَ فيهِم مِثْلُهَا ، فَأَرادَتْ سَيِّئاً (٥) ، فدَعَا الله تَعَالَى عَلَيْهَا أَنْ يَجْعَلَها كَلْبَةً نَبّاحَةً ، فذَهَبَتْ فِيهَا دَعْوَتانِ ، فجاءَ بَنُوهَا ، فقالُوا : لَيْسَ لَنَا عَلَى هذا قَرَارٌ ، قد صارَتْ أُمُّنا كَلْبَةً يُعَيِّرُناهَا النّاسُ ، كذا نَصُّ التَّكْمِلَةِ ، وفي اللِّسَانِ يُعَيِّرُنَا بِهَا النَّاسُ ، فادْعُ الله تَعَالَى أَن يَرُدَّهَا إِلى حالِهَا الَّتِي كانَتْ عليها ، ففَعَلَ ، فعادَتْ كما كَانَتْ ، فذَهَبَت الدَّعَواتْ الثَّلاثُ بشُؤْمِهَا ، وبها يُضْرَبُ المَثَلُ.
__________________
(١) لم يرد في الأساس.
(٢) ضبطت في القاموس : بفتح الباء وسكون السين» ومثله في اللسان عن ابن دريد ، وفي الجمهرة ١ / ٣٠ بضم الباء وأغفلت السين. وفي اللسان ـ ولم يعزه ـ بس بس ضبطت نصاً بالضم والتشديد.
(٣) سورة الأعراف الآية ١٧٥.
(٤) في التهذيب : يستجاب له فيها.
(٥) التهذيب : وأرادت شيئاً آخر.