وشَنٌّ ولُكَيْزٌ ، كزُبير : ابْنَا أَفْصَى بن عَبْد القَيْس بن أَفْصَى بن دُعْميِّ بن جَديلَةَ ، يقال : إِنهما كانَا مع أُمِّهما ليْلَى بنْت قُرّانَ في سَفَرٍ حتَّى نَزَلَتْ ذا طُوى ، فلمّا أَرادَت الرَّحيلَ فَدَّتْ لُكَيْزاً ، أَي قالتْ له : فِدَاكَ أَبي وأُمِّي ، ودَعَتْ شَنًّا ليَحْملَها ، فحَمَلَهَا وهو غَضْبَانُ ، حتّى إِذا كانا (١) في الثَّنِيَّة رَمَى بها عن بَعيرهَا فَمَاتَتْ ، فقال شَنٌّ : «يَحْمِلُ شَنٌّ ويُفَدَّى لُكَيْزٌ» فَجَرَى مَثَلاً ، يُضْرَبُ في وَضْع الشَيءِ في غير مَوْضِعه ، وقيل : يُضْرَبُ لمَنْ يُعَاني مِرَاسَ العَمَل فيُحْرَمَ ، ويَحْظَى غيرُه فيُكْرَمُ ، ثمّ قال شَنٌّ لأَخيه : عَلَيْكَ بجَعَرَاتِ أُمِّكَ يا لُكَيْزُ. وهذه الجملَةُ الأَخيرَةُ غيرُ محتاجةٍ في الإِيرَاد هنا ، وقد تَرَكَهَا غَيرُه من المُصَنِّفين نَظَراً للاختصار ؛ فإِنّ الإِطالةَ في بَيانِ قَصَصٍ مَحَلُّه كُتُبُ الأَمْثَالِ ، ولذا اقْتَصَرَ الجوْهَريُّ على إِيرادِ المَثَلِ فقط.
* وممّا يُسْتَدْرَك عليه :
لَاكَزَه مُلَاكَزَةً ، وتَلَاكَزَا.
ومن المَجَاز : هو مُلَكَّزٌ ، كمُعَظَّمٍ ، أَي ذَليلٌ مُدَفَّعٌ عن الأَبْوَاب ، كما في الأَسَاس.
[لمز] : اللَّمْزُ : العَيْبُ في الوَجْه. وقال الفَرّاءُ : الهَمْزُ واللَّمْزُ والمَرْزُ واللَّقْسُ والنَّقْسُ : العَيْبُ. وأَصلُه الإِشارةُ بالعَيْن ونَحوِهَا ، كالرَّأْس والشَّفَة مع كلامٍ خَفيٍّ. وقيل : هو الاغْتيابُ.
لَمَزَهُ يَلْمُزُهُ ويَلْمِزُه ، من حَدِّ ضَرَبَ ونَصَرَ ، وقُرىءَ بهما قولُه تعالَى : (وَمِنْهُمْ مَنْ) يَلْمِزُكَ (فِي الصَّدَقاتِ) (٢).
واللَّمْزُ : الضَّرْب ، وقد لَمَزَه لَمْزاً ، أَي ضَرَبَه وقال أَبو مَنْصُور : الأَصْلُ في الهَمْز واللَّمْز : الدَّفْعُ ، قال الكسائيُّ : يقال : هَمَزْتُه ولَمَزْتُه (٣) ، إِذا دَفَعْتَه.
ولَمَزَه القَتِيرُ أَي ، الشَّيْبُ ، يَلْمُزُه ويَلْمِزُه ـ أَي من بابَيْ نَصَر وضَرَبَ ، ولم يُحْتَجْ إِلى إِعادتهما ثانياً ، وهذا الحرفُ نقَلَه من التَّكْملَة وليس فيها ذِكْرُ البابَيْن ـ : ظَهَرَ فيه. ونَصُّ الصاغَانيِّ : «لَمَزَه القَتِيرُ». ولا يَخْفَى أَنّ هذه العبارَةَ أَفْوَدُ من عبارَة المصنِّف. واللَّمَاز ، كسَحَاب ، واللُّمَزةُ مثلُ هُمَزَةٍ : العَيّابُ للنّاس ، وكذلك امرأَةٌ لُمَزَةٌ ، الهاءُ فيها للمبالغَة لا للتَّأْنيث.
أَو اللُّمَزَةُ : الذي يَعِيبُكَ في وَجْهِك ، والهُمَزَةُ : مَن يَعيبُك في الغَيْب.
أَو الهُمَزَةُ : المُغْتابُ للنّاس ، واللُّمَزَةُ العَيّابُ لهم.
أَو هما بمعنًى وَاحِدٍ ، هكذا قالَه الزَّجَّاجُ وابنُ السِّكِّيت ، ولم يُفَرِّقَا بينهما وقالا : الهُمَزَةُ اللُّمَزَةُ : الذي يَغْتَابُ النّاسَ ويَغُضُّهم. ورُوِيَ عن ابن عَبّاسٍ في تفسير قوله تعَالَى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ) لُمَزَةٍ (٤) قال : هو المَشّاءُ بالنَّميمَة والمُفَرِّقُ بين الجَمَاعَةِ المُفَرِّقُ بين الأَحبَّة.
أَو الهُمَزَةُ : المُغْتَابُ في الوَجْه ، واللُّمَزَةُ المُغْتَابُ في القَفَا.
وقال اللَّيْث : الهُمَزَةُ : الذي يَهْمِزُ أَخاه في قَفَاه من خَلْفه ، واللُّمَزَةُ : في الاستقبال.
وقال ابنُ القَطّاع لَمَزَه لَمْزاً : لَقِيَه بالعَيْب له.
أَو الهُمَزَةُ : الطَّعّانُ في النَّاس بذِكْر عُيُوبهم ، واللُّمَزَةُ : الطَّعّانُ في أَنْسَابهم.
أَو الهُمَزَةُ : بالعَيْن ، واللُّمَزَةُ : باللِّسَان ، أَو عَكْسُه.
والصحيح أَنّ هذه الأَقْوَالَ داخلةٌ في قوله أَوّلاً : «الهُمَزَةُ : المُغْتَابُ» ؛ فإِنّ الذي يَغْتَابُهم أَعَمُّ من أَنْ يكون بالشِّدْق أَو بالعَيْن أَو بالرَّأْس ، حَقَّقه غيرُ وَاحدٍ من أَئمَّة الاشتقاق.
فقولُه : أَقوالٌ أَطالَ بذكْرهَا كِتابَه خُرُوجاً عن جادَّة التَّحْقيق ، كَما هو ظاهرٌ عند التَّأَمُّل ، وسَيَأْتي ذكْرُ بعضها في مَادة همز.
والتَّلَمُّزُ : التَّلَمُّسُ ، نقلَه الصاغانيُّ ، وهو بَدَلٌ.
والتَّلَمُّزُ : السُّرْعَةُ في السَّيْر ، نقلَه الصاغانيُّ أَيضاً ، وبه فُسِّرَ قولُ مَنْظُور بن حَبَّةَ :
حادِي المَطَايَا خافَ أَنْ تَلَمَّزَا |
|
يُحْسَبْنَ منْ حَنْذِ المَوَامِي نُحَّزَا |
__________________
(١) على هامش القاموس عن نسخة أخرى «كانوا».
(٢) سورة التوبة الآية ٥٨.
(٣) اللسان : همزته ولمزته ولهزته.
(٤) الآية الأولى من سورة الهمز.