أَمَا ودِمَاءٍ مَائِرَاتٍ تَخالُهَا |
|
على قُنَّةِ العُزَّى وبِالنَّسْرِ عَنْدَمَا |
أَو العُزَّى : سَمُرَةٌ عَبدَتْهَا غَطَفانُ بنُ سَعْدِ بنِ قَيْس عَيْلان ، أَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَها منهم ظَالِمُ بنُ أَسعَد ، فوقَ ذات عِرْق إِلى البُسْتَان بتِسْعَة أَميال ، بالنَّخْلَة الشّامِية (١) ، بقرب مكّة ، وقيل بالطَّائف ، بَنَى عليها بَيْتاً وسَمَّاه بُسًّا ، بالضَّمّ ، وهو قَولُ ابنِ الكَلبِيّ ، وقال غيره : اسمُه بُسّاءُ ، بالمَدّ كما سَيَأْتِي ، وأَقامُوا لها سَدَنَة مُضاهَاةً للكَعْبَة ، وكانُوا يَسْمَعُون فيها الصَّوْتَ ، فبَعَث إِليها رَسُولُ الله صلىاللهعليهوسلم خَالِدَ بنَ الوَلِيد رَضِيَ الله عنه عامَ الفَتْح ، فهَدَم البَيْتَ ، وقتل السادِنَ وأَحْرَقَ السَّمُرَةَ.
وقرَأْتُ في شَرْح دِيوانِ الهُذَلِيّين لأَبِي سَعِيد السُّكَّريّ ما نَصُّه : أَخبَرَ هِشَامُ بنُ الكَلبيّ عن أَبِيه عن أَبِي صَالِح ، عن ابنِ عَبَّاس قال : كانت العُزَّى شَيْطَانةً تأْتي ثَلاثَ سَمُرَات ببَطْن نَخْلَة فلما افتَتَح النَّبِيُّ صلىاللهعليهوسلم مَكَّةَ بعَثَ خالدَ بنَ الوَلِيد فقال : ائْتِ بَطْنَ نَخْلَةَ ، فإِنك تَجِدُ بها ثَلاثَ سَمُرَّاتٍ ، فاعْضِد الأُولَى ، فأَتَاهَا فعَضدَها ، ثم أَتَى النَّبِيَّ صلىاللهعليهوسلم ، فَقَال : هل رأَيتَ شَيْئاً : قال : لا ، قال : فاعْضِد الثَّانِيَة ، فَأَتَاهَا فعَضَدَها ، ثم أَتَى النبيَّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال : هل رأَيتَ شَيْئاً؟ قال : لا ، قال : فَاعْضِد الثَّالِثَةَ. فأَتَاهَا ، فإِذَا هو بزِنْجِيّة (٢) نَافِشَةٍ شَعرَهَا وَاضِعَةٍ يَدَيْهَا على عَاتِقها تَحْرِق بأَنْيَابها وخَلْفَها دُبَيّة (٣) السُّلَمِيّ وكان سادِنَها فَلَمَّا نظر إِلى خَالِد قال :
أَيَا عُزَّ شُدِّي شَدّةً لا تُكَذِّبِي (٤) |
|
على خالدٍ أَلقِي الخِمَارَ وشَمِّرِي |
فإِنَّكِ إِن لمْ تَقتُلي اليومَ خالِداً |
|
فبُوئِي بذُلٍّ عاجِلٍ وتَنَصَّرِي |
فقال خالدٌ :
يا عُزَّ كفُرانَكِ لا سُبْحَانَكِ |
|
إِني وجدتُ الله قد أَهَانَكِ |
ثمّ ضَرَبَهَا ففَلقَ رأْسَها ، فإِذا هي حُمَمَةٌ ، ثمّ عَضَدَ السَّمُرَةَ وقَتَل دُبَيَّةَ السّادِنَ ، ثمّ أَتى النبيَّ صلىاللهعليهوسلم فأَخبَرَه. فقال : تِلك العُزَّى ولا عُزَّى للعَرب بَعْدَهَا أَبداً ، أَمَا إِنّها لا تُعْبَد بعدَ اليومِ أَبداً» قال : وكان سَدَنةُ العُزَّى بني شَيْبَانَ بن جَابر بنِ مُرَّةَ ، من بني سُلَيم ، وكان آخِرَ مَن سَدَنها منهم دُبَيّةُ بنُ حَرَميّ (٥).
والعُزَيْزَى ، مُصَغَّراً مَقْصُوراً ويُمَدّ : طَرَفُ وَرِكِ الفَرَسِ ، أَو ما بَيْن العَكْوَةِ والجَاعِرَة ، وهما عُزَيْزَيَانِ ، ومن مَدّ يقول : عُزَيْزَوَانِ وقِيل : العُزَيْزَوَانِ : عَصَبَتَانِ في أُصولِ الصَّلَوَيْن ، فُصِلَتا من العَجْب وأَطرافِ الوَرِكَيْن : وقال أَبو مَالِك : العُزَيْزَى : عَصَبَةٌ رَقِيقةٌ مُركّبةٌ في الخَوْرَانِ إِلى الوَرِكِ ، وأَنشد في صِفَةِ فَرَسٍ :
أُمِرَّت عُزَيْزاهُ ونِيطَتْ كُرُومُه |
|
إِلى كَفَلٍ رَابٍ وصُلْبٍ مُوَثَّقِ |
المُرَادُ بالكُرُوم (٦) رأْسُ الفَخِد المُسْتَدِير كأَنّه جَوْزَةٌ.
وسَمّت العَرَبُ عِزّانَ ، بالكَسْر ، وأَعزَّ ، وعَزَازَةَ ، بالفَتْح ، وعَزُّون ، كحَمْدُون ، وعَزِيزاً ، كأَمِير ، وعُزَيْزاً كزُبَيْر ، وأَعَزُّ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّد السُّهْرَوَرْدِيّ البَكريّ ، حدّثَ عن أَبي القاسم بنِ بَيَان وغَيرِه ، مات سنة ٥٥٧.
والأَعزُّ بنُ عَلِيّ بن المُظَفّر البَغْدَادِيّ الظَّهيْرِيّ ، بفَتْح الظّاءِ المَنْقُوطة (٧) ، أَبو المَكَارِم ، رَوَى عن أَبي القَاسِم بن السَّمَرقَنْدِيّ ، قيل اسمُه المُظَفّر ، ووَلدُه أَبو الحَسَن عَليّ من شُيوخِ الدِّمياطيِّ ، سَمِع أَباه أَبا المَكَارم المَذْكُور في سنة ٨٣ وقد رأَيته في مُعْجَم شُيُوخِ الدِّمياطِيّ هكذا ، وقد أَشَرْنَا إِليه في : ظَهْر. وأَبو نَصْر الأَعزّ بنُ فَضَائِل بن العُلَّيْق سَمِعَ شُهْدَة الكَاتِبَة ، وعنه أُمّ عبد الله زَيْنَب بِنتُ الكَمَال وأَبُو الأَعزِّ قَرَاتَكِينُ ، سَمِع أَبا محمّد الجَوهريّ ، مُحَدِّثون.
قلْت : وفاتَه عبدُ الله بنُ أَعزّ ، شيخٌ لأَبِي إِسحاقَ السَّبِيعِيّ ، ذكره ابنُ مَاكُولَا. ويَحْيَى بنُ عبد الله بن أَعَزَّ ، روى عن أَبي الوَقْت ذكَره ابنُ نُقْطَة. وأَعزّ بن كَرَم الحَرْبِيّ ، عن يَحْيَى بن ثابت بن بُنْدار ، وابنه عبد الرحمن ، رَوَى عن
__________________
(١) كانت بوادٍ يقال له حُراض بإِزاء الضُمِير عن يمين المصعد إلى العراق من مكة ، ياقوت.
(٢) في معجم البلدان «العزى» : بخنّاسة.
(٣) عن معجم البلدان ، وبالأصل «ربية» ، وتمام الاسم في المعجم : دُبية ابن جَرْمي السُّلمي ثم الشيباني.
(٤) روايته في معجم ياقوت :
أعزّيّ شدي شدة لا تكذبي
(٥) بالأصل : «ربية بن جرمي» انظر ما تقدم بشأنه.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : بالكروم ، كذا في النسخ والظاهر : بالكرمة ، وعبارة اللسان : والكرمة : رأس الفخذ الخ».
(٧) في القاموس : الظُّهيري بالضم شكلاً.