لمّا أَغرْتُ عليهم ، فهَرَبَتْ وعَدَتْ ، فسُمع صَوتُ خَلْخَالِهَا ، ولم تكن قَبْل ذلك تَعْدُو ، وقوله : ككِرْفِئَةِ .. إِلخ ، أَي هذِه الجارِية كالسَّحابَةِ البيضاءِ الكثيفة تأْتِي السحاب أَي تقصد إِلى جُمْلَةِ السَّحاب وتَأْتَالُه ، أَي تُصْلِحُه ، وأَصله تَأْتَوِلُه مِن الأَولِ ، وهو الإِصلاحُ.
قال : ويحتمل أَن يكون : «ككِرْفِئَةِ الغَيْثِ ..».
للخَنْساءِ ، وعَجُزُه :
تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمِي لَهَا
وقبله :
ورَجْرَاجَةٍ فَوْقَهَا بَيْضُهَا |
علَيْهَا المُضَاعَفُ زِفْنَا لَهَا (١) |
قلْتُ : وقرأْت في زوَائِدِ الأَمالي ، لأَبِي عليٍّ القالِي هذا البيتَ في جملةِ أَبياتٍ للخَنْسَاءِ رَثَتْ بها أَخاها وأَولها :
أَلَا ما لِعَيْنَيْك أَمْ مالَها |
لقدْ أَخْضَلَ الدَّمْعُ سِرْبَالَها |
أَو القِطْعَةُ الوَاقِفَةُ منها تَراهَا كأَنَّهَا مَصْبورَة ، أَي مَحْبُوسة ، وهذا ضعيفٌ.
قال أَبو حنيفة : الصَّبِيرُ : السَّحاب يَثْبُتُ يوماً وليلةً ، ولا يَبْرَحُ ، كأَنَّه يُصْبَرُ ، أَي يُحْبَسُ.
أَو هو السَّحابُ الأَبْيَضُ ، لا يكاد يُمْطِرُ ، قال رُشَيْدُ بنُ رُمَيْضٍ العَنَزِيّ :
تَرُوحُ إِلَيْهِمُ عَكَرٌ تَرَاغَى |
كأَنَّ دَوِيَّهَا رَعْدُ الصَّبِيرِ |
والجَمْعُ كالواحِدِ ، وقيل ج صُبُرٌ ، بضمّتين ، قال ساعدَةُ بنُ جُؤيَّةَ :
فارمِ بِهِمْ لِيَّةَ والأَخْلَافَا |
جَوْزَ النُّعَامَى صُبُراً خِفَافَا |
والصَّبِيرُ صَبِيرُ الخُوانِ ، وهو الرُّقَاقَةُ العَرِيضَةُ تُبْسَطُ تَحْتَ ما يُؤْكَلُ من الطَّعَامِ. أَو هي رُقَاقَةٌ يَغْرِفُ عَلَيْها الخبّازُ (٢) طَعَامَ العُرْس ، كالصَّبِيرَةِ ، بزيادةِ الهاءِ ، وقد أَصْبَرَ ، كما سيأْتي.
والأَصْبِرَةُ من الغَنَمِ والإِبِلِ : التي تَرُوحُ وتَغْدُو علَى أَهْلِها ولا تَعْزُبُ عنهم ، بلا واحِدٍ ، قال ابنُ سيده : ولم أَسْمَعْ لها بوَاحِدٍ ، ورُوِيَ بَيْتَ عَنْترَةَ :
لَهَا بالصَّيْفِ أَصْبِرَةٌ وجُلٌّ |
وسِتٌّ من كَرائِمِهَا غِزَارُ |
والصِّبْرُ ، بالكسر والضّمّ : ناحِيةُ الشَّيْءِ وجانِبُه ، وبُصْرُه مثْلُه ، وهو حَرْفُه وغِلْظُه.
وقيل : صُبْرُ الشيْءِ : أَعلاه ، وفي حديثِ ابنِ مَسْعُودٍ : «سِدْرَةُ المُنْتَهَى صُبْرُ الجَنَّةِ» ، أَي أَعلاها ، أَي أَعْلَى نَواحِيهَا ، قال النَّمِرُ بنُ تَوْلَب يصف روْضَةً :
عَزَبَتْ وباكَرَها الشَّتِيُّ بدِيمةٍ |
وَطْفَاءَ تَمْلَؤُهَا إِلى أَصْبَارِها |
وقال الفَرَّاءُ : الصِّبْرُ ، والصُّبْرُ : السَّحَابَةُ البَيْضَاءُ ، ج أَصْبَارٌ.
والصُّبْرُ بالضَّمّ : بَطْنٌ مِنْ غَسّانَ ، قال الأَخْطلُ :
فسَائِلِ الصُّبْرَ مِنْ غَسّانَ إِذْ حضَرُوا |
والحَزْنَ كيْفَ قَرَاكَ الغِلْمَةُ الجشَرُ |
الصُّبْرُ والحَزْنُ : قَبِيلَتَانِ ، وقد تقدّم تفسيرُ البيتِ في ج ش ر.
والصَّبرُ. بالتَّحْرِيكِ : الجمَدُ ، والقِطْعَةُ صبَرةٌ ، أَورده الصّاغانيّ ، وزاد الزَّمَخْشَرِيّ فقال : هو من أَصْبَرَ الشيْءُ : إِذا اشْتَدّ (٣).
ويقال : مَلأَ المِكْيَالَ إِلى أَصْبَارِه ، وأَدْهَقَ الكَأْس إِلى أَصْبَارِها ، أَي إِلى أَعالِيها ورَأْسِها.
وأَصْبارُ الإِنَاءِ : جَوانِبُه.
وأَصْبارُ القَبْرِ : نَوَاحِيه.
__________________
(١) ديوانها ص ١٢١ «وبيضها» عن الديوان ، وبالأصل «بيضنا» وفي الديوان «أمثالها» بدل «زفنا لها».
(٢) كذا ينقل الشارح نص اللسان ويتبع سياقه بالبناء للمعلوم بزيادة لفظ «الخباز» وقد ضبطت العبارة في القاموس بالبناء للمجهول باسقاط لفظة «الخباز».
(٣) نص الأساس : واستصبر الشيىءُ إذا اشتدّ ، ومنه قيل للجَمَد : الصَّبْرُ والقطعة منه : صَبَرَة.