والقَصْر ، وهِجِّيرُه ، كسِكِّيتٍ ، وأُهْجُورَتُه ، بالضمّ ، وهِجْرِيّاهُ وإِجْرِيّاه ، أَي دَأْبُه ودَيْدنُه وشَأْنُه وعادَتُه. وفي التَّهْذِيب : هِجِّيرَى الرّجلِ : كلامُه ودَأْبُه وشأْنُه. قال ذو الرُّمَّة :
رَمَى فأَخْطَأَ والأَقْدَارُ غالِبَةٌ |
فانْصَعْنَ والوَيْلُ هِجِّيرَاهُ والحَرَبُ |
وفي الصّحاح : الهِجِّيرُ مِثَالُ الفِسِّيق : الدَّأْبُ والعَادَة ، وكذلك الهِجِّيرَى والإِهْجِيرَى ، وفي حديث عُمر رضياللهعنه : «ما لَهُ هِجِّيرَى غَيرُها» هي الدَّأْبُ والعَادةُ والدَّيْدَن.
ويقال : ما عنْدَه غَناءُ ذلك ولا هَجْرَاؤُهُ ، بمعنًى واحدٍ.
والهَجِيرُ ، كأَمِيرٍ : والهَجِيرَةُ بزيادة الهاءِ ، والهَجْرُ ، بالفتْح ، والهاجِرَةُ : نِصْفُ النَّهارِ عندَ زَوالِ الشَّمْسِ مع الظُّهْر ، أَو من عند زَوَالِهَا إِلى العَصْر ، سُمِّيَ بذلك لأَن الناسَ يَسْتَكِنُّون في بُيوتِهم كأَنَّهم قد تَهَاجَرُوا ، وحَكَى ابنُ السِّكِّيت عن النَّضْر أَنّه قال : الهَاجرَةُ إِنّمَا تكون في القَيْظ وهي قَبْلَ الظُّهرِ بقَليل وبَعْدَه (١) بقَليل ، وقال أَبو سَعِيد : الهَاجِرَةُ من حين تَزولُ الشّمْسُ ، والهُوَيْجرَةُ بعدها بقليل.
أَو (٢) شِدَّةُ الحَرّ في كُلّ ذلك. وفي الصّحاح : هو نِصْف النَّهار عندَ اشْتدادِ الحَرِّ. قال ذُو الرُّمَّة :
وبَيْداءَ مِقْفَارٍ يَكادُ ارْتكاضُها |
بآلِ الضُحَى والهَجْرُ بالطَّرْفِ يَمْصَحُ |
وهَجَّرْنَا تَهْجيراً ، وأَهْجرْنَا ، وتَهَجَّرْنَا : سِرْنَا في الهاجرَة. الأَخيرَةُ عن ابن الأَعْرَابيّ وأَنْشَد :
بأَطْلاحِ مَيْسٍ قد أَضَرَّ بطِرْقِهَا |
تَهَجُّرُ رَكْبٍ واعتِسَافُ خُرُوق |
وفي حديث زَيْدِ بن عَمْرو : «وهل مُهَجِّرٌ كمَن قَالَ؟» ، أَي هَلْ مَنْ سارَ في الهَاجِرَة كمَنْ أَقامَ في القائلة؟ وتقول منه : هَجَّرَ النّهَارُ ، قال امرؤُ القَيْس :
فدَعْهَا وسَلِّ الهَمَّ عنكَ بجَسْرَةٍ |
ذَمُولٍ إِذا صام النّهارُ وهَجَّرَا |
وتقول : أَتينَا أَهلَنَا مُهْجِرين ، كما يُقَال : مُوصِلين (٣) أَي في وَقتِ الهَاجِرة والأَصِيل. وقال الصّاغَانيّ تبعاً للأَزهريّ : التَّهْجِيرُ في قوله صلىاللهعليهوسلم في حديث مرفوع : «المُهَجِّرُ إِلى الجُمُعَة كالمُهْدِي بَدَنَةً» قال الأَزْهَريّ : يَذْهب كثيرٌ من الناس إِلى أَنّ التَّهجِير في هذه الأَحاديثِ ، من المُهاجَرَة (٤) وَقتَ الزَّوالِ ، قال : وهو غَلطٌ ، والصّواب فيه ما رَوَى أَبو دَاوُودَ المَصاحفيّ عن النَّضر بن شُمَيلْ أَنّه قال : التَّهْجير إِلى الجُمُعة وغيرِها : التَّبْكيرُ والمُبادرةُ إِلى كلّ شيْءٍ ، قال : سَمعتُ الخَلِيل يقول ذلك ، قال الأَزهريّ : وهذا صحيحٌ ، وهي لُغَةٌ أَهلِ الحجَاز ومَنْ جاوَرَهم من قَيْس ، قال لَبيد :
رَاحَ القَطِينُ بهَجْرٍ بعدَ ما ابْتَكَرُوا (٥)
فَقَرَنَ الهَجْرَ بالابْتكَار ، والرَّوَاحُ عندهم الذَّهَابُ والمُضِيُّ ، يقال : راحَ القَوْمُ ، أَي خَفُّوا وَمَرُّوا أَيَّ وَقْتٍ كان.
وقَوْله صلىاللهعليهوسلم : «ولوْ يَعْلَمُونَ ، وفي روايَة : لو يَعْلَمُ النّاسُ ، مَا في التَّهْجير لاسْتَبْقُوا إِليه» بمَعْنَى التَّبْكير إِلى جميع الصَّلَوَات ، وهو المُضِيُّ إِليها في أَوَائلِ (٦) أَوْقَاتِهَا. قال الأَزهريّ : وسائرُ العَرَب يَقُولُون : هَجَّرَ الرّجلُ ، إِذا خَرَجَ بالهاجِرة ، وهي نِصْفُ النَّهَارِ ، ويقال : أَتيتُه بالهَجير وبالهَجْر ، وأَنْشدَ الأَزهريُّ عن ابن الأَعْرابيّ في نَوَادِره قال : قال جِعْثِنَةُ بنُ جَوّاس الرَّبَعيّ يُخَاطِب نَاقَتَه :
وتَصْحَبِي أَيَانِقاً في سَفْرِ |
يُهَجِّرُون(٧) بهَجِيرِ الفَجْرِ |
أَي يُبَكِّرون بوَقْتِ الفَجْر. زاد الصاغانيّ : ولَيْسَ التّهجيرُ في هذين الحَديثَين من الهاجِرَة في شيءٍ.
والهَجِيرُ ، كأَمير : الحَوْضُ العَظيمُ ، وقال :
يَفْرِي الفَرِيَّ بالهَجِيهر الواسعِ
ج هُجُرٌ ، بضمَّتَيْن ، وعَمّ به ابنُ الأَعرابيّ فقال :
الهَجِيرُ : الحَوضُ ، وفي التَّهْذيب : الحَوضُ المَبْنَيّ ، قالت خَنْسَاءُ تَصِف فرساً :
فمَالَ في الشَدِّ حَثِيثاً كمَا |
مَالَ هَجِيرُ الرَّجُلِ الأَعْسَرِ |
__________________
(١) في التهذيب واللسان : وبعدها.
(٢) في القاموس : وشدة الحرّ.
(٣) الأصل واللسان ، وفي الصحاح : «مؤصلين» مهموزة.
(٤) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : هذه الأحاديث تفعيل من الهاجرة.
(٥) ديوانه وعجزه :
فما تواصله سلمى وما تَذَرُ
(٦) النهاية واللسان والتهذيب : «أول».
(٧) في التهذيب : فيهجرون.