عَرَكْرَكٌ مُهْجِرُ الضُّوبَانِ أَوَّمَهُ |
رَوْضُ القِذَافِ رَبِيعاً أَيَّ تَأْوِيمِ |
والمُهْجِرُ : الجَيِّدُ الجَميل من كُلِّ شَيْءٍ ، وقيل : الفَائقُ الفَاضلُ على غَيْره ، قال :
لَمّا دَنَا مِنْ ذَات حُسْنٍ مُهْجِرِ
وقال أَبو زَيْد : يُقَال لكُلِّ شَيْءٍ أَفرَطَ في طُولٍ أَو تَمَامٍ وحُسْنٍ : إِنّه لمُهْجِرٌ. قال : وسَمعْت العربَ تَقُولُ في نَعْتِ كُلِّ شَيْءٍ جَاوزَ حَدَّه في التُّمَام : مُهْجِرٌ. قُلتُ : وإِنّما (١) قيلَ ذلك في كُلّ ممّا ذُكِرَ لأَنّ وَاصِفَه يَخْرُج من حَدّ المُقَارِبِ الشَّكْلِ للمَوصوف إِلى صِفَة كَأَنَّه يَهْجُرُ فيها ، أَي يَهْذِي.
كالهَجِر ، ككَتفِ ، هكذا في سائر النُّسَخ ، وهو غَلَط ، وصَوابُه : كالهَجِيرِ ، كأَمير ، ففي اللّسَان وغيرِه : والهَجِيرُ كالمُهْجِر ، ومنه قَولُ الأَعْرَابيّة لمُعاويةَ حين قال لها : هلْ من غَدَاءٍ؟ فقالت : نَعمْ ، خُبْزٌ خَمِيرٌ ، ولَبَنٌ هَجيرٌ ، وماءٌ نَمير. أَي فائقٌ فاضِل. والهاجِرِ ، يقال : بعير هاجِرٌ ، وناقَةٌ هاجِرةٌ ، أَي فائقةٌ فاضِلة ، والجَمْع الهَاجِرَات. قال أَبو وَجْزَةَ :
تُبَارِى بأَجْيادِ (٢) العَقيق غُدَيَّةً |
على هَاجِرَات حان منها نُزُولُهَا |
وأَهْجَرَت النَّاقَةُ ، هكذا في سائر النُّسَخ ، ونَصُّ ابنِ دُرَيْد ، على مَا في التكملة واللِّسان : أَهْجَرَت الجارِيَةُ ، إِذا شَسَّتْ شَبَاباً حَسَناً. وقال غَيْرُه : جاريةٌ مُهْجِرَةٌ ، إِذا وُصفَت بالفَرَاهَةِ والحُسْن.
والهَجْرُ ، بالفَتْح : الحَسَنُ الكَريمُ الجَيِّدُ ، يقال : جَملٌ هَجْرٌ ، وكَبْشٌ هَجْرٌ ، أَي حَسَنٌ كَريمٌ ، وقال الشاعر :
وماءٍ يَمَان دُونَه طَلَقٌ هَجْرُ
يقول : طَلَقٌ لا طَلَقَ مثله ، كالهَاجِريّ ، وهو الجَيِّدُ الحَسَنُ من كلّ شيءٍ. والهَجْرُ أَيضاً : الخِطَامُ ، نقله الصاغانيّ. والهُجْرُ ، بالضَّمِّ : القَبيح من الكَلام ، والفُحْشُ في المَنْطق ، والخَنَا ، نقله الكسائيّ والأَصْمَعيُّ ، كالهَجْرَاءِ ، ممدوداً ، نقله الصاغانيّ.
والهِجْرُ ، بالكسر : الفائقَةُ والفَائِقُ في الشَّحْم والسَّيْر ، من النُّوقِ والجِمالِ ، نقله الصاغانيّ ، يقال : ناقَةٌ هِجْرٌ مثْل مُهْجِرَةٍ.
وأَهْجَرَ في مَنْطقة إِهْجاراً وهُجْراً ، بالضّمّ ، عن كُرَاع واللِّحْيَانيّ ، والصحيح أَنْ الهُجْر بالضّمّ الاسْم من الإِهْجَار ، وأَنّ الإِهْجَار المَصْدَر. وأَهْجَرَ به إِهْجَاراً :
اسْتَهْزَأَ به وقال فيه قولاً قَبيحاً ، وقال هَجْراً وبَجْراً ، وهُجْراً وبُجْراً ، إِذا فَتَحَ فهو المَصْدر ، وإِذَا ضَمَّ فهو الاسم. وتَكَلَّم بالمَهَاجِر ، أَي الهُجْرِ من القَوْل ، ورَمَاهُ بهَاجِرَاتٍ ومُهْجِرَات ، أَي بفَضَائحَ ، كذا في التَّهْذيب ، وفي الأَساس : أَي بفَوَاحشَ ، قال : والهَاجِرَاتُ : هي الكَلمَاتُ التي فيها فُحْشٌ ، فهي من بابِ لَابِنٍ وتَامِرٍ.
والهُجْرُ أَيضاً : الهَذَيَانُ وإِكثارُ الكَلام فيما لا يَنْبغي.
يقال : هَجَرَ في نَوْمه ومَرَضِه يَهْجُرُ هُجْراً ، بالضمّ ، وهِجِّيرَى ، وإِهْجِيرَى ، كلاهُمَا بالكَسْر : هَذَى. قال سيبويه : الهِجِّيرَى : كَثْرةُ الكَلَامِ والقَول السَّيِّىء ، وقال اللَّيْثُ : الهِجِّيرَى : اسمٌ من هَجَرَ ، إِذا هَذَى ، وهَجَرَ المريضُ هَجْراً فهو هاجِرٌ ، وهَجَرَ به في النَّوم هَجْراً : حَلَمَ وهَذَى ، وفي التَّنْزيل (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ) (٣) قال الأَزهريّ : قرأَ ابنُ عَبّاس : تُهْجِرُون ، من أَهْجَرْتُ ، من الهُجْر وهو الإِفْحَاش (٤) ، وقال الفرّاءُ : وإِنْ قُرىءَ تَهْجُرُونَ ، جُعِل من قَوْلك : هَجَرَ الرّجلُ في مَنَامه ، إِذا هَذَى ، وقال أَبو عُبَيْد : هو مِثْل كَلامِ المَحْمُوم والمُبَرْسَمِ ؛ والكَلامُ مَهْجُورٌ ، وقد هَجَرَ المَريضُ. ورُوِيَ عن إِبراهيمَ في قوله عَزّ وجلّ : (إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (٥) قال : قالوا فيه غَيْرَ الحقّ. أَلم تَرَ إِلى المَريض إِذا هَجَرَ قال غَيْرَ الحقِّ. وعن مُجَاهِدٍ نَحوُه.
ويُقَال : هذا هِجِّيراهُ وإِهْجِيرَاهُ وإِهْجِيرَاؤُه ، بالمد
__________________
(١) عبارة التهذيب : «وإنما سمي ذلك إهجاراً ، لأن ناعته يخرج في نعته عن الحد المقارب المشاكل للمنعوت إلى نعت يفرط فيه ، فكأنه يهذي ويهجر» أما اللسان فكالأصل.
(٢) في التهذيب : تباري بأجواز.
(٣) سورة «المؤمنون» الآية ٦٧.
(٤) في التهذيب واللسان : «الفحش».
(٥) سورة الفرقاء الآية ٣٠.