ظاهِرَةٌ ، ونُصْرَتُنَا لله هو النُّصْرة لِعَباده أَو القِيَام بحِفْظ حُدُودِه وإِعَانَةِ عُهُودِه وامتَثَالِ أَوَامرِه (١) ، واجتناب نواهِيه ، قال الله تعالى : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) (٢) وهو ناصِرٌ ونُصَرٌ ، كصُرَد ، الأَخِير نقله الصاغانيّ ، من قَوم نُصَّارٍ وأَنْصَارٍ ونَصْرٍ ، الأَخيرُ كصَحْب جَمْع صَاحِب قال :
والله سَمَّى نَصْرَكَ الأَنْصَارَا |
آثَرَكَ الله به إِيثارَا |
ويُجْمَع الناصِرُ أَيضاً على نُصُور ، كشاهِد وشُهُود ، كما تقدّم.
والنَّصِيرُ بمعنَى النّاصِر ، قال الله تعالى : (نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (٣) والجمع أَنْصَارٌ ، كشريف وأَشْرَاف ، ويُجْمَع الأَنْصَارُ أَناصيرَ ، وهو جَمْع الجَمْع ، ذكرَه الصّاغَانِيُّ وأَهمله المُصَنِّف وهو على شَرْطه.
والأَنْصَار ، وهم أَنْصَارُ النَّبيِّ صلَّى الله تعالَى عليه وسلَّم ، من الأَوسِ والخَزْرَجِ ، ونَصَروا النبيَّ صلىاللهعليهوسلم في ساعةِ العُسْرَة ، غَلَبَتْ عليهم الصِّفَة فجَرَى مَجْرَى الأَسماءِ ، وصار كأَنَّهُ اسمُ الحَيّ ، ولذلِك أُضيفَ إِلَيْهِ بلَفْظ الجَمْع فقيل : أَنصارِيّ. وقالوا : رَجُلٌ نَصْرٌ وقَوْمٌ نَصْرٌ ، فوَصَفوا بالمَصْدر ، كرَجُلٍ عَدْلٍ وقومٍ عَدْلٍ ، عن ابن الأَعْرَابيّ.
والنُّصْرَة بالضّمّ : حُسْنُ المَعُونَة قال الله عَزَّ وجَلَّ : (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) (٤) أَي لا يُظْهِرُ (٥) محمَّداً صلىاللهعليهوسلم على مَنْ خالَفَه. وفي حديث الضَّيْف المَحْرُوم : «فإِنّ نَصْرَهُ حَقٌّ على كلّ مُسْلِم حتى يَأْخذَ بقِرَى لَيْلَتِه».
والاستِنْصَارُ : اسْتِمْدَادُ النَّصْرِ ، وقد استَنْصَرَه عليه : استَمَدَّه. والاستنْصَارُ : السُّؤال ، والمُسْتَنْصِرُ : السّائل ، كأَنَّه طالِبُ النَّصْرِ ، وهو العَطاءُ. والتَّنَصُّر : مُعَالَجَةُ النَّصْرِ ، وليس من باب تَحَلَّمَ وتَنَوَّرَ.
وتَنَاصَرُوا : تَعَاوَنُوا على النَّصْر. وتَناصَرُوا أَيضاً : نَصَرَ بعضُهُم بعضاً.
ومن المَجَاز : تَنَاصَرَت الأَخْبَارُ : صَدَّقَ بعضُهَا بعضاً.
ومن المَجَاز : مَدَّت الوَادِيَ النَّوَاصِرُ ، هي مَجَارِي الماءِ إِلى الأَوْدِيَة ، جمع ناصِرٍ. والناصِرُ : أَعْظَمُ من التَّلْعَةِ يكون مِيلاً ونَحوَه. وقال أَبو خَيْرَة : النَّوَاصِرُ من الشِّعَابِ : ما جَاءَ من مَكان بَعيد إِلى الوادِي فنَصَرَ السُّيُولَ ، سُمِّيَت [ناصِرَة] (٦) لأَنها تَجِىءُ من مكان بَعِيدٍ حتى تَقَع في مُجْتَمع المَاءِ حيث انتَهَت ، لأَنَّ كلّ مَسيلٍ يَضِيع ماؤُه فلا يَقَع في مُجْتَمع الماءِ فهو ظَالم لمائه. وقال ابنُ شُمَيْل : النَّوَاصرُ مُسَايلُ المِيَاهِ ، الواحدة ناصِرَةٌ. وقال أَبو حَنِيفَة : النَّاصِرُ والنَّاصِرَةُ : ما جاءَ من مَكَانٍ بَعِيد إِلى الوَادِي فنَصَرَ السُّيُولَ.
والأَنْصَرُ : الأَقْلَفُ ، وهُوَ مَأْخُوذ من مادَّة النَّصَارَى ، لأَنَّهُم قُلْفٌ ؛ قال الصاغانيّ : وفي الأَحاديث التي لا طُرُقَ لهَا : «لا يَؤُمَّنَّكُم أَنْصَرُ ولا أَزَنُّ ولا أَفْرَعُ». الأَزَنُّ : الحَاقِنُ ، والأَفْرَعُ : المُوَسْوِس ، والأَنْصَرُ : الأَقْلَفُ.
وبُخْتُ نَصَّرَ ، بالتَّشْدِيد ، معروفٌ. قال الأَصْمعيّ : إِنّمَا أَصله بُوخْتُ ، ومعناه ابْن ، ونَصَّرُ ، كبَقَّم : صَنَمٌ فأَعْرِب.
وقد نَفَى سيبويه هَذا البِنَاءَ. وكان وُجِدَ عند الصَّنَم ولم يُعْرَف لَه أَبٌ فنُسِبَ إِلَيْه ، وقيل : بُخْتُ نَصّرَ ، أَي ابن الصَّنَم ، وهو الذي كان. خَرَّبَ القُدْسَ ، عَمَرَه الله تَعَالَى.
ونَصْرُ بنُ قُعَيْن : أَبو قَبِيلَة من بني أَسَدٍ ، قال أَوْسُ بن حَجَرٍ يُخَاطِبُ رَجلاً من بَنِي لُبَيْنَى بن سَعْد الأَسَدِيّ ، وكان قد هَجاه :
عَدَدْتَ رِجَالاً من قُعَيْنٍ تَفَجُّساً |
فما ابْنُ لبَيْنَى والتَّفَجُّسُ والفَخْرُ |
|
شَأَتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وسَمِينُهَا |
وأَنْتَ السَّهُ السُّفْلَى إِذا دُعِيَتْ نَصْرُ (٧) |
__________________
(١) في المفردات : ورعاية عهوده ، واعتناق أحكامه.
(٢) سورة محمد الآية ٧.
(٣) سورة الأنفال الآية ٤٠.
(٤) سورة الحج الآية ١٥.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : أي لا يظهر ، عبارة اللسان : المعنى من ظن من الكفار أن الله لا يظهر محمداً ص على من خالفه فليختنق غيظاً حتى يموت كمداً ، فإِن الله عزوجل يظهره ، ولا ينفعه غيظه وموته حنقاً ، فالهاء في قوله : أن لن ينصره ، للنبي محمد ص. اهـ».
(٦) زيادة عن اللسان.
(٧) التفجس : التعظم والتكبر ، وشأتك : سبقتك ، والسه : لغة في الإست.