من بَقْلٍ أَو مَرْعًى فتَغْزُرُ عليه بعْدَ قِلَّةِ لبَنٍ ، وقد شَكِرَت الحَلُوبَةُ شَكَراً ، وأَنشد :
نَضْرِبُ دِرّاتِهَا إِذَا شَكِرَتْ |
بأَقْطِها والرِّخَافَ نَسْلَؤُهَا (١) |
الرَّخْفَةُ : الزُّبْدَةُ ، وضَرَّةٌ شَكْرَى ، إِذا كانَت مَلْأَى من اللَّبَنِ.
وقال الأَصْمَعِيُّ : الشَّكِرَةُ : المُمْتَلِئَةُ الضَّرْعِ من النُّوقِ ، قال الحُطَيْئَةُ يَصِفُ إِبِلاً غِزَاراً :
إِذا لَمْ يَكُنْ إِلّا الأَمَالِيسُ أَصْبَحَتْ |
لَهَا حُلَّقٌ ضَرَّاتُهَا شَكِراتُ |
قال ابنُ بَرّيّ : الأَمالِيسُ : جَمْعُ إِمْلِيس ، وهي الأَرْضِ التي لا نَبَاتَ لها ، والمعنَى : أَصْبَحَت لها ضُرُوعٌ حُلَّقٌ ، أَي مُمْتَلِئَاتٌ ، أَي إِذَا لم يَكُنْ لها ما تَرْعَاهُ وكانَت الأَرْضُ جَدْبَةً فإِنَّكَ تَجِدُ فيها لبناً غزيراً.
والدَّابَّةُ تَشْكَرُ شَكَراً ، إِذا سَمِنَتْ وامْتَلأَ ضَرْعُها لَبَناً ، وقد جاءَ ذلك في حديثِ يأْجوجَ ومَأْجُوجَ (٢).
وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : المِشْكَارُ من النُّوقِ : التي تَغْزُرُ في الصَّيْفِ ، وتَنْقَطِع في الشِّتَاءِ ، والَّتي يَدُومُ لبَنُهَا سَنَتَها كُلَّها يقال لها : رَفُودٌ (٣) ، ومَكُودٌ ، ووَشُولٌ ، وصَفِيٌّ.
ومن المَجَاز : شَكِرَ فُلانٌ ، إِذَا سَخَا بمَالِه ، أَو غَزُرَ عَطَاؤُه بعدَ بُخْلِه وشُحِّه.
ومن المَجَاز : شَكِرَت الشَّجَرَةُ تَشْكَرُ شَكَراً ، إِذَا خَرَجَ منها الشَّكِيرُ ، كأَميرٍ ، وهي قُضْبانٌ غَضَّةٌ تَنْبُتُ من ساقِها ، كما سيأْتي ، ويقال أَيضاً : أَشْكَرَتْ ، رواهما الفَرّاءُ ، وسيأْتي للمصنِّف ، وزادَ الصاغانيّ : واشْتَكَرَتْ : ويقال : عُشْبٌ مَشْكَرَةٌ ، بالفتح ، أَي مَغْزَرَةٌ للَّبَنِ. ومن المَجَاز : أَشْكَرَ الضَّرْعُ : امْتَلأَ لَبَناً ، كاشْتَكَرَ.
وأَشْكَرَ القَوْمُ : شَكِرَتْ إِبِلُهُمْ أَي سَمِنَتْ ، والاسْمُ : الشُّكْرَةُ ، بالضّمّ (٤).
وفي التَّهْذِيب : وإِذا نَزَلَ القومُ مَنْزِلاً فأَصَابَ نَعَمُهُم شيئاً من بَقْلٍ (٥) فَدَرَّتْ (٦) ، قيل : أَشْكَرَ القَوْمُ ، وإِنّهُم ليَحْتَلِبُونَ شَكِرَة (٧).
وفي التكملة : يقال : أَشْكَرَ القَوْمُ : احْتَلَبُوا شَكِرَةً شَكِرَةً.
واشْتَكَرَتِ السَّمَاءُ وحَفَلَتْ وأَغْبَرَتْ : جَدّ مَطَرُها واشْتَدَّ وَقْعُهَا ، قال امرُؤُ القَيْس يَصِف مَطَراً
تُخْرِجُ الوَدَّ إِذَا ما أَشْجَذَتْ |
وتُوَارِيهِ إِذَا ما تَشْتَكِرْ |
ويُرْوَى : تَعْتَكِر.
واشْتَكَرَت الرِّياحُ : أَتَتْ بالمَطَرِ ، ويقال : اشْتَكَرَت الرِّيحُ ، إِذا اشتَدَّ هُبُوبُهَا ، قال ابن أَحْمَر :
المُطْعِمُون إِذا رِيحُ الشِّتَا اشْتَكَرَتْ |
والطّاعِنُونَ إِذَا ما اسْتَلْحَمَ الثَّقَلُ (٨) |
هكذا رَوَاه الصّاغانيّ.
واشْتَكَرَ الحَرُّ والبَرْدُ : اشْتَدّا ، قال أَبُو وَجْزَةَ :
غَدَاةَ الخِمْسِ واشْتَكَرَتْ حَرُورٌ |
كَأَنَّ أَجِيجَها وَهَجُ الصِّلاءِ |
ومن المَجَاز : اشْتَكَر الرَّجُلُ في عَدْوِه إِذا اجْتَهَدَ.
والشَّكِير ، كأَمِيرٍ : الشَّعرُ في أَصْلِ عُرْفِ الفَرَسِ كأَنَّه زَغَبٌ ، وكذلِك في النّاصِيَةِ.
ومن المَجَاز : فُلانَةُ ذَاتُ شَكِيرٍ ، هو ما وَلِيَ الوَجْهَ والقَفَا مِن الشَّعَر ، كذا في الأَساس.
__________________
(١) اللسان ، وأورده في مادة رخف ونسبه إلى حفص الأموي وروايته فيه هناك :
تضرب ضراتها إذا اشتكرت |
نافطها والرخاف تسلؤها |
(٢) ولفظة في النهاية : «وإن دوابّ الأرض تسمن وتشكر شكراً من لحومهم».
(٣) الأصل والتهذيب ، وفي اللسان : «ركود» وفي احدى نسخ التهذيب : رقود بالقاف.
(٤) ضبطت في اللسان بالفتح ، ضبط قلم.
(٥) التهذيب : من البقول.
(٦) الأصل والتهذيب ، وفي اللسان : قَدْ رَبَّ.
(٧) ضبطت عن اللسان وفيه : «شكرة حَيْرمٍ» والحيرم : كصيقل : البقرة. وفي التهذيب : شكْرة جَزْم.
(٨) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : هكذا رواه الصَّاغاني وضبط الثقل في التكملة بالتحريك ، ورواه صاحب اللسان : البطل بدل الثقل اهـ».