وتَشَكَّرَ له بَلاءَه ، كشَكَرَهُ ، وتَشَكَّرْتُ له ، مثل شَكَرْتُ له ، وفي حديثِ يَعْقُوبَ عليهالسلام : «أَنّه كان لا يَأْكُلُ شُحُومَ الإِبِلِ تَشَكُّراً للهِ عَزَّ وَجَلَّ». أَنشد أَبو عَليٍّ :
وإِنِّي لآتِيكُمْ تَشَكُّرَ ما مَضَى |
من الأَمْرِ واسْتِيجَابَ ما كان في الغَدِ |
والشَّكُور ، كصَبُورٍ : الكَثِيرُ الشُّكْرِ والجمعُ شُكُرٌ ، وفي التَّنْزِيلِ : (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً) (١) وهو من أَبْنِيَةِ المُبَالغة ، وهو الذي يَجْتَهِدُ في شُكْرِ رَبِّه بطاعَتِه ، وأَدائِه ما وَظَّفَ عليه من عبادَتِه.
وأَما الشَّكُورُ في صِفاتِ الله عَزَّ وجَلَّ فمعناه أَنه يَزْكُو عندَه القَلِيلُ من أَعمالِ العِبَادِ فيُضَاعِفُ لهم الجَزَاءَ ، وشُكْرُه لِعِبَادِه مَغْفِرَتُه لهم.
وقال شيخُنَا : الشَّكُورُ في أَسمائِه هو مُعْطِي الثَّوابِ الجَزِيلِ بالعمَلِ القَلِيلِ ؛ لاستِحالة حَقِيقَتِهِ فيه تعالى ، أَو الشُّكْرُ في حَقِّه تعالى بمَعنَى الرِّضَا ، والإِثَابَةُ لازمَةٌ للرِّضا ، فهو مَجَازٌ في الرِّضا ، ثم تُجُوِّزَ به إِلى الإِثابَةِ.
وقولُهم : شَكَرَ الله سَعْيَه ، بمعنَى أَثَابَهُ.
ومن المَجاز : الشَّكُورُ : الدّابَّةُ يَكفِيها العَلَفُ القَلِيلُ.
وقيل : هي التي تَسْمَنُ على قِلَّةِ العَلَفِ ، كأَنَّها تَشْكُرُ وإِنْ كانَ ذلك الإِحسانُ قَلِيلاً ، وشُكْرُهَا ظُهُورُ نَمَائِها وظُهُورُ العَلَفِ فيها ، قال الأَعْشَى :
ولا بُدَّ من غَزْوَةٍ في الرَّبِيعِ |
حَجُونٍ تُكِلُّ الوَقَاحَ الشَّكُورَا |
والشَّكْرُ ، بالفَتْح الحِرُ ، أَي فَرْجُ المَرْأَةِ ، أَو لَحْمُهَا ، أَي لحْمُ فَرْجِهَا ، هكذا في النُّسخ ، قال شيخُنا : والصوابُ أَو لَحْمُه ، سواءٌ رَجَعَ إِلى الشَّكْرِ أَو إِلى الحِرِ ، فإِنّ كلًّا منهما مُذَكّر ، والتأْوِيلُ غيرُ مُحْتَاجٍ إِليه.
قلْت : وكأَن المُصَنِّفَ تَبع عبارَةَ المُحْكَم على عادته ، فإِنّه قال : والشَّكْرُ : فَرْجُ المَرْأَةِ ، وقيل : لَحْمُ فَرْجِهَا ، ولكِنه ذَكَرَ المرأَةَ ، ثم أَعادَ الضَّمير إِليها ، بخِلَاف المُصَنّف فتَأَمَّل ، ثم قال : قال الشَّاعر يَصِفُ امرأَةً ، أَنْشَدَه ابنُ السِّكِّيتِ :
صَنَاعٌ بإِشْفاهَا حَصَانٌ بشَكْرِهَا |
جَوَادٌ بِقُوتِ البَطْنِ والعِرْضُ وافِرُ |
وفي رواية :
جَوادٌ بِزَادِ الرَّكْبِ والعِرْقُ زاخِرُ
ويُكْسَرُ فِيهِما ، وبالوَجْهَيْن رُوِيَ بيتُ الأَعشى :
... خَلَوْتُ بشِكْرِهَا» و .... «بشَكْرِهَا»(٢)
والجَمْعُ شِكَارٌ ، وفي الحَدِيثِ : «نَهَى عن شَكْرِ البَغِيّ» ، هو بالفتح الفَرْجُ ، أَراد ما تُعْطَى علَى وَطْئها ، أَي عَن ثَمَنِ شَكْرِهَا ، فحَذَف المُضَافَ ، كقولِهِ «نَهَى عن عَسْبِ (٣) الفَحْلِ» أَي عن ثَمَن عَسْبِه (٣).
والشَّكْرُ : النِّكَاحُ ، وبه صَدَّر الصَّاغانيّ في التكملة.
وشَكْرٌ ، بالفَتْح (٤) : لَقَبُ وَالانَ بنِ عَمْرٍو ، أَبِي حَيٍّ بالسَّرَاةِ وقيل : هو اسمُ صُقْعٍ بالسَّرَاةِ ، ورُوِيَ أَنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، قال يَوْماً : «بأَيّ بلادِ [الله] (٥) شَكْرٌ : قالوا : بموضِعِ كذا ، قال : فإِنّ بُدْنَ الله تُنْحَرُ عِندَه الآنَ ، وكان هُنَاكَ قومٌ من ذلك المَوْضِعِ ، فلمّا رَجَعُوا رَأَوْا قَوْمَهُم قُتِلُوا في ذلِكَ اليومِ» قال البَكْرِيُّ : ومن قَبَائِلِ الأَزْدِ شَكْرٌ ، أُراهُم سُمُّوا باسمِ هذا المَوضعِ.
وشَكْرٌ (٦) ؛ جَبَلٌ باليَمَنِ ، قريبٌ من جُرَشَ.
ومن المَجاز : شَكِرَت النّاقَةُ ، كفَرِحَ ، تَشْكَرُ شَكَراً : امْتَلأَ ضَرْعُهَا لَبَناً فهي شَكِرَةٌ ، كفَرِحَةٍ ، ومِشْكَارٌ ، من نُوقٍ شَكَارَى ، كسَكَارَى ، وشَكْرَى ، كسَكْرَى ، وشَكِرَات.
ونَعتَ أَعرابيٌّ ناقَةً فقال : إِنّهَا مِعْشَارٌ مِشْكَارٌ مِغْبَارٌ.
فالْمِشْكَارُ من الحَلُوباتِ هي التي تَغْزُرُ على قِلَّةِ الحَظِّ من المَرْعَى.
وفي التهذيب : والشَّكِرةُ من الحَلائِبِ التي تُصِيبُ حَظّاً
__________________
(١) سورة الإسراء الآية ٣.
(٢) تمامه كما ورد في اللسان :
وبيضاء المعاصم إلف لهوٍ |
خلوت بِشَكْرِهَا ليلاً تماما |
(٣) عن النهاية وبالأصل «عسيب» في الموضعين ، وفي اللسان وردت الأولى : «عسيب» ، والثانية : «عسبه».
(٤) قيده في معجم البلدان شَكَرٌ بالتحريك.
(٥) زيادة عن معجم البلدان (شكر).
(٦) انظر الحاشية قبل السابقة.