قال ابنُ بَرِّيّ : البَيت لعَدِيّ بن زَيدٍ العِبَاديّ ، (١) وقد أَوردَه الجوهريّ «وجاعِل الشَّمْس» ، والذي في شعْرِه : وجَعَل الشمْس ، وهكذا أَورده ابنُ سِيدَه أَيضاً. كالمَاصِر.
وقال الصاغانيّ : والماصِرَانِ : الحَدّان. والمِصْر : الحَدُّ في كلّ شيءٍ ، وقيل : بيْنَ الأَرْضَيْنِ خاصّةً ، (٢) والجَمْع المُصُور. والمِصْر : الوِعَاءُ ، عن كُرَاع ، وقال الليْث : المِصْر ، في كلام العَرب : الكُورَة تُقام فيها الحُدودُ ويُقْسَم فيها الفَىْءُ والصَّدَقاتُ من غيرِ مُؤامَرة الخَلِيفة.
والمِصْر : الطِّينُ الأَحْمَر.
والمُمَصَّر ، كمُعَظَّم : الثَّوْب المَصْبوغ به أَو بحمْرَةٍ خَفِيفة. وفي التهذيب : ثَوْبٌ مُمَصَّر : مَصْبوغ بالعِشْرِق ، وهو نَباتٌ أَحمرُ طَيِّبُ الرّائحةِ ، تَسْتَعْمِله العَرَائسُ. وقال أَبو عبَيد : الثِّيَاب المُمَصَّرَة : التي فيها شيءٌ من صُفْرَةٍ ليسَتْ بالكثيرة. وقال شَمِرٌ : المُمَصَّر من الثِّيَاب : ما كان مَصبوغاً فغُسِلَ ، ومنهالحديث : «يَنْزِلُ عِيسَى عليهالسلام بيْنَ مُمَصَّرَتَينِ» (٣) ومَصَّرُوا المَكانَ تَمْصِيراً : جَعَلُوه مِصْراً ، فَتَمَصَّرَ : صارَ مِصْراً. وكان عُمَرُ رضي الله تعالى عنه قد مَصَّرَ الأَمصَارَ ، منها البَصرَة والكُوفَة. وقال الجوهريّ : فُلانٌ مَصَّرَ الأَمصارَ ، كما يُقال : مَدَّنَ المُدُنَ.
ومِصْرُ ، الكَسْر فيها أَشْهَرُ ، فلا يُتَوَهَّم فيها غَيره ، كما قالَه شَيْخُنَا ، قُلْت : والعَامَّة تَفتحها ، هي المَدِينَةُ المَعْرُوفَة الآنَ ، سُمِّيَت بذلك لِتَمَصُّرِهَا أَي تَمَدُّنِهَا ، أَو لأَنَّه بَنَاهَا المِصْرُ بن نُوح عليهالسلام فسُمِّيتْ به. قال ابنُ سِيدَه : ولا أَدْرِي كَيفَ ذاكَ ، وفي الرَّوْض : إِنها سُمِّيَت باسْمِ بانِيها ؛ ونقلَ شيخُنَا عن الجاحِظ في تَعْلِيل تَسْمِيَتها : لِمَصِيرِ الناسِ إِليها. وهو لا يَخلو عن نَظرٍ. وفي المُقدّمة الفاضليّة لابن الجوّانيّ النَّسّابة ، عند ذكْر نَسَب القِبْط ما نَصُّه : وذكر أَبُو هاشِمٍ أَحمدُ بن جَعْفَر العَبّاسيُّ الصالِحيُّ النَّسّابةُ قِبْطَ مِصْرَ في كِتابه فقال : هُم وَلَد قِبْط بن مِصْرَ بن قُوط بن حَام ، وأَنّ مِصْرَ هذا هو الذي سُمِّيَت مِصْرُ به مِصْرَ. وذكرَ شُيُوخ التَّواريخ وغيرُهم أَنّ الذي سُمِّيَت مصْرُ به هو مِصْرُ بن بَيْصَرَ بن حام. انتهى. وقَرأْتُ في بعضِ تَواريخِ مِصْر ما نَصُّه :
واختلفَ أَهلُ العِلْم في المَعنَى الذي لأَجله سُمِّيَت هذه الأَرضُ بمِصْرَ ، فقيل : سُمِّيَت بمِصْرَيم بن مُركَايل ، وهو الأَوّل. وقيل : بل سُمِّيَت بمِصْر الثاني. وهو مِصْرام بن نقراوش بن مصْريم الأَوّل ، وعلى اسمه تَسَمَّى مِصْرُ بن بَيصَر وقيل : بل سُمِّيَت باسم مصْر الثّالث ، وهو مِصْرُ بن بَيصَر بن حام بن نُوح ، وهو أَبو قِبْطيم بن مِصْر الذي وَلِيَ المُلْك بعده ، وإِليه يُنْسَب القِبْط. وقال الحافظُ أَبو الخَطّاب بن دِحْيَةَ : مِصْرُ أَخْصَبَ بلادِ الله ، وسمّاهَا الله تعالى بمِصْرَ وهي هذه دون غيرها ، ومن أَسمائها أُمّ البلاد ، والأَرْضُ المُبارَكة ، وغَوْثُ العِبَادِ ، وأُمّ خَنُّور. وتَفسيره النِّعْمَة الكثيرة ، وذلك لمَا فيها من الخَيْرات التي لا تُوجَد في غَيرِها ، وساكِنُهَا لا يَخلُو من خَيْر يَدِرّ عليه فيها ، فكأَنّهَا البَقرة الحَلُوبُ النافعة ، وكانت فيما مضى أَكثرَ من ثمانينَ كُورَةً عامِرَة قَبْل الإِسْلام ، ثمّ تَقهقرتْ حتى استقَرَّت في أَوّل الإِسْلام على أَربعين كُورَةً. وفي المائة التاسعةِ استقَرَّت على ستَّة وعشرين عَمَلاً. وأَما عِدّة القُرَى التي تأَخّرت إِلى سنةِ سبع وثلاثين وثَمَانِمِائَة فحُرِّرت لَمَّا أَمَرَ الملِك الأَشْرف بِرِسْبَاي كُتّابَ الدَّوَاوِين والجُيوش المصريّة بضبْط وإِحصاءِ قُرَى مصرَ كلّها قِبْلِيّها وبَحْريّها فكانت أَلفين ومائَتَين وسَبعين قريةً. وأَلَّفَ الأَسْعَدُ بن مَمّاتِي كتاباً سَمَّاه قَوَانِين الدَّواوين ، وهو في أَربعة أَجزاءٍ ضخمةٍ ، والذي هو موجود في أَيْدِي الناس مُختَصَرُهُ في جُزءٍ لَطيف ، ذكرَ في الأَصل ما أَحصاه من القُرَى من أَيّام السُّلطان صلاح الدِّين يُوسُف بن أَيُّوب أَربعة آلاف ضَيْعَة ، وعَيَّن مساحتَها ومتحصِّلاتها من عَيْن وغَلَّة واحدةً واحدةً. وأَمّا حُدُودها ومساحةُ أَرضِها وذِكْر كُوَرِهَا فقد تَكَفَّل به كتاب الخِطَط للمَقْرِيزِيّ ، وتقويم البُلْدَان للملك المُؤَيّد ، فراجِعْهُما فإِن هذا المحلّ لا يتحمّل أَكثر ممّا ذكرناه. وهي تُصْرَف وقد لا تُصْرَف ، وتُؤَنَّث. وقد تُذَكَّر ، عن ابن السَّرَّاج. قال سِيبَوَيْه : في قوله تعالى (اهْبِطُوا مِصْراً) (٤) قال : بلغنا أَنّه يريد مِصْرَ بعَيْنِه. وفي التهذيب في قوْلِه : (اهْبِطُوا مِصْراً) قال أَبو إِسْحَاق : الأَكْثَر في القِرَاءَة إِثْبات الأَلف ، قال : وفيه وَجْهَان جائزان ، يُرَاد بها مِصْرٌ من الأَمْصار ، لأَنّهم كانُوا في
__________________
(١) ومثله في التهذيب والأساس.
(٢) اللسان : «المصر : الحد في الأرض خاصة» وفي التهذيب : في الأرضين.
(٣) في اللسان : وفي حديث عيسى عليهالسلام : ينزل بين ممصرتين.
(٤) سورة البقرة الآية ٦١.