(وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ) (١) أَي جعلَ له ، وكذا قولُه تعالى : (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) (٢). والتَّقْدِيرُ أَيضاً : العِلْمُ والحِكْمَة ، ومنه قولُه تعالى : (وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) (٣) أَي يَعْلَم ؛ كذا في البصائر. قلتُ : ومنه أَيضاً قولُه تعالَى : (قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) (٤) ، قال الزَّجَّاج : المَعْنَى عَلِمْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الغابِرين. وقيل : دَبَّرْنَا. وقَدَّرْتُ عليه الشَّيءَ : وَصَفْتُه.
ورَوَى أَبو تُرَاب عن شُجَاع «غُلامٌ قُدُرٌّ ، كعُتُلٍّ : وهو التامُّ الشديدُ المُكْتَنِزُ.
واقْتَدَرَ الشيءَ : جَعَلَه قَدْراً.
ومن أَمثالِهم : «المَقْدرَةُ تُذْهِبُ الحَفِيظة».
ومِقْدَارُ كلّ شيْءٍ : مِقْيَاسُه ، كالقَدْرِ والتَّقْدِير.
وقال شَمِرٌ : قَدَرْتُ : مَلَكْتُ.
وقال الأَزْهَرِيّ : قَدَّرْتُ أَمرَ كذا وكذا تَقْدِيراً : نَوَيْتُه وعَقَدْتُ عَلَيْه.
والقَدَرُ ، بالتَّحْرِيك : المَوْعِدُ.
وقَدَرَ الشَّيْءَ : دَنَا لَهُ ، قال لَبِيدٌ :
قُلْتُ : هَجِّدْنا فَقَد طالَ السُّرَى |
وقَدَرْنَا إِنْ خَنَى اللَّيْلِ غَفَلْ |
قال الكسائيّ : قَدَرْتُ الشَّيءَ فأَنَا أَقْدِرُه ، لم أَسْمَعْه إِلّا مَكْسُوراً.
وقولُه تعالى : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) خفيفٌ ، ولو ثُقِّلَ كانَ صَوَاباً.
وقوله تعالى : (إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٥) مُثَقَّلٌ.
وقولُه : (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) (٦) مُثَقَّل ، ولو خُفِّف كان صَواباً.
وقال ابنُ القَطّاع : وقَدَرَ الشَّيْءَ : جعله بقَدَرٍ ، وقَدَرَ الإِنْسَانُ الشَّيْءَ : حَزَرَه لِيَعْرِف مَبْلَغَه ؛ كذا في التَّهْذيب له. والمِقْدَارُ : الهِنْدازُ ؛ والمَوْت. وقالوا : إِذا بَلَغَ العَبْدُ المِقْدَارَ ماتَ. وأَنشد اللَّيْث :
لو كَانَ خَلْفَكَ أَو أَمَامَكَ هائِباً |
بَشَراً سِوَاكَ لَهَابَكَ المِقْدَارُ |
يَعنِي المَوْتَ. وجَمْعُ المِقْدَارِ المَقَادِيرُ.
وسَرْجٌ قادِرٌ : قاتِرٌ.
والقُدَارُ ، كغُرَاب : الغُلام الخَفِيفُ الرُّوحِ الثَّقِفُ اللَّقِفُ.
وفي الحديث : «كانَ يَتَقَدَّرُ في مَرَضِه : أَينَ أَنا اليَوْمَ» : أَي يُقَدِّر أَيامَ أَزْوَاجِه في الدَّوْرِ عليهنّ.
وقال اللّحْيَانيّ : يقال : أَقَمْت عندَه قَدْرَ أَنْ يَفْعَلَ ذلك.
قال : ولم أَسْمَعْهُمْ يَطْرَحُونَ «أَنْ» في المَوَاقِيت إِلا حَرْفاً حكاه هو والأَصمعيّ ، وهو قولهم : ما قَعَدْت عندَه إِلا رَيْثَ أَعْقِدُ شِسْعِي.
وفي الحَدِيث (٧) : «فإِنْ غُمَّ عليكُمْ فاقْدُرُوا له» وفي حديث آخر : «فأَكْمِلُوا العِدَّة» قولُه فاقْدُرُوا له ، أَي قَدِّرُوا له عَدَدَ الشَّهْرِ حتَى تُكْمِلُوه ثَلاثِينَ يَوْماً ، واللَّفْظَانِ وإِنِ اخْتَلَفَا يَرْجِعَانِ إِلى مَعْنًى واحِدٍ. ولابْنِ سُرَيْج هُنَا تَفْصِيلٌ حَسَنٌ ، ذكرَه الأَزْهَرِيُّ في التَّهْذِيب ، والصَّاغَانيّ في التكملة ، فراجِعْهما.
وعبدُ الله بنُ عُثْمانَ بنِ قُدَيرَة ، كجُهَيْنَةَ : سَمِعَ من أَبي البَدْرِ الكَرْخِيِّ ، وأَخُوه يُوسُفُ سَمِعَ من سَعِيدِ بنِ البَنّاءِ ، وماتا مَعاً سنة ٦١٢.
وبَيْتُ القُدَارَى ، بالضَّمّ : قَرْيَةٌ باليَمَن. ومنها في المتأَخِّرِين سَعِيدُ بنُ عَطّافِ بنِ قحليل القداريّ ، سَمِع الحديثَ عن عبد الرَّحْمن بن حُسَيْنٍ النَّزِيلِيّ وغيره ، وتُوُفِّيَ بها سنة ١٠٢٣.
وقَدُّورَةُ ، كسَفُّودَةَ : لَقَبُ أَبي عُثْمَانَ سَعِيدِ بنِ إِبرَاهِيمَ التُّونُسِيّ الجَزَائريّ الإِمَام مُسْنِد المَغْرِبِ ، رَوَى بتِلِمْسَانَ عن المُسْنِدِ المُعَمَّر أَبي عُثْمَانَ سَعِيدِ بن أَحْمَد المَقَّرِيّ التِّلِمْسَانِيْ ، وجالَ في البِلاد إِلى أَنْ أَلقَى عَصَا التَّسْيارِ بثَغْر الجَزَائِرِ ، وبها تُوُفِّيَ سنة ١٠٢٦ وقد تَرْجَمَه تلميذُه الإِمامُ أَبو مَهْديّ عِيسَى الثَّعَالِبِيّ في «مَقَالِيد الأَسَانِيد».
__________________
(١) سورة يونس الآية ٥.
(٢) سورة فصلت الآية ١٠.
(٣) سورة المزمل الآية ٢٠.
(٤) سورة الحجر الآية ٦٠.
(٥) سورة القمر الآية ٤٩.
(٦) سورة الرعد الآية ١٧.
(٧) في النهاية واللسان : وفي حديث رؤية الهلال.