العَوَرِ. وفي الصّحاح عَوِرَتْ عَيْنُه واعْوَرَّت ، إِذا ذَهَبَ بَصَرُها ، وإِنّمَا صَحَّت الواو فيه لِصِحَّتها في أَصْله ، وهو اعْوَرَّت لِسُكُون ما قَبْلَهَا ثم حُذِفَت الزَّوَائِدُ : الأَلِفُ والتَّشْدِيد ، فبَقِيَ عَوِرَ يَدُلّ على أَنّ ذلك أَصلُه مَجيءُ أَخواتِه على هذا : اسْوَدَّ يَسْوَدّ ، واحْمَرَّ يَحْمَرّ ، ولا يقال في الأَلْوَان غَيْرُه. قال : وكذلك قِياسُه في العُيُوب : اعْرَجَّ واعْمَيَّ ، في عَرِجَ وعَمِيَ ، وإِنْ لم يُسْمَعْ ، ج عُورٌ وعِيرَان وعُورَانٌ.
وقال الأَزهريّ : عَارَتْ عَيْنُه تَعارُ ، وعَوِرَتْ تَعْوَرُ ، واعْوَرَّت تَعْوَرّ ، واعْوَارّت تَعْوَارّ : بمعنًى واحد.
وعارَهُ يَعُورُهُ ، وأَعْوَرَهُ إِعْوَاراً وعَوَّرَهُ تَعْوِيراً : صَيَّرَهُ أَعْوَرَ. وفي المحكم : وأَعْوَرَ الله عَيْنَ فُلان وعَوَّرها. ورُبّمَا قالوا : عُرْتُ عَينَه (١). وفي تَهْذِيبِ ابن القَطّاع : وعَارَ عَيْنَ الرَّجُلِ عَوْراً ، وأَعْوَرَهَا : فَقَأَها ، وعَارَتْ هي ، وعَوَّرتُها أَنا ، وعَوِرَتْ هي عَوَراً ، وأَعْوَرَتْ : يَبِسَتْ. وفي الخَبرَ : «الهَدِيَّةُ تَعُورُ عَيْنَ السُّلْطَانِ». ثمّ قال : وأَعْوَرْتُ عينَه لغة ، انتَهى.
وأَنشد الأَزهريّ قولَ الشاعر :
فجاءَ إِلَيْهَا كاسِراً جَفْنَ عَيْنِه |
فقُلْتُ له : مَنْ عارَ عَيْنَكَ عَنْتَرَهْ؟ |
يقولُ : مَنْ أَصابَها بعُوّار؟
ويقال : عُرْتُ عَيْنَه أَعُورها ، وأَعارُها ، من العائر.
والأَعْوَرُ : الغُرابُ ، على التَّشاؤُم به ، لأَنَّ الأَعْوَر عندهم مَشْؤُومٌ. وقِيل : لِخِلافِ حالِه ، لأَنّهم يقولونَ : أَبْصَرُ من غُراب. وقالُوا : إِنّما سُمِّيَ الغُرابُ أَعْوَرَ لِحدَّةِ بَصَرِه كما يُقَال للأَعْمَى أَبو بَصِيرٍ وللحَبَشِيّ أَبو البَيْضَاءِ ويُقَال للأَعْمَى : بَصيرٌ ، وللأَعْوَرِ : الأَحْولُ وفي التكملةِ ويُقال سُمِّيَ الغُرَاب أَعْوَرَ لأَنّه إِذا أَرادَ أَنْ يَصيحَ يُغمِّضُ عَيْنَيْه ، كالعُوَيْرِ ، على تَرْخِيم التَّصْغِير. قال الأَزهريّ : سُمِّيَ الغُرَابُ أَعْوَر ، ويُصاحُ به فيُقَال : عُوَيْرُ ، وأَنشد :
وصِحاحُ العُيُونِ يُدْعَوْنَ عُورَا
وقِيلَ : الأَعْوَرُ : الرَّدِيءُ مِنْ كلِّ شَيْءٍ من الأُمورِ والأَخْلاقِ ، وهي عَوْرَاءُ. والأَعْوَر أَيضاً : الضَّعِيفُ الجَبَانُ البَلِيدُ الَّذي لا يَدُلّ على الخَيْرِ ولا يَنْدَلُّ ولا خَيْرَ فيه ، قاله ابنُ الأَعرابيّ ، وأَنْشد :
إِذا هَابَ جُثْمَانَه الأَعْوَرُ (٢)
يَعْنِي بالجُثْمَان سَوادَ الليل ومُنْتَصَفَه. وقيل : هو الدَّلِيلُ السَّيِىءُ الدَّلالةِ الذي لا يُحْسِنُ يَدُلّ ولا يَنْدَلّ ؛ قاله ابنُ الأَعْرَابِيّ أَيضاً ، وأَنْشَد :
ما لَكَ يا أَعْوَرُ لا تَنْدَلُّ |
وكَيْفَ يَنْدَلُّ امْرُؤُ عِثْوَلُّ |
والأَعْوَرُ من الكُتُبِ : الدارِسُ ، كأَنَّه من العَوَر ، وهو الخَلَلُ والعَيْبُ. ومن المَجَاز : الأَعْوَرُ : مَنْ لا سَوْطَ مَعَهُ ، والجَمْع عُورٌ ؛ قاله الصاغانيّ. والأَعْوَرُ : مَنْ لَيْسَ له أَخٌ من أَبَوَيْه وبه فُسِّر ما جاءَ في الحَدِيث لَمَّا اعْتَرَضَ أَبو لَهَب على النبيّ صلىاللهعليهوسلم عند إِظهارِ الدَّعْوَةِ ، قال له أَبو طالِب : «يا أَعْوَرُ ، ما أَنتَ وهذا؟» لم يَكُنْ أَبو لَهَب أَعْوَرَ ، ولكنّ العَرَب تقولُ لِلَّذِي لَيْسَ له أَخٌ من أُمّه وأَبِيه : أَعْوَرُ. ومن المَجَاز : الأَعْوَرُ : الَّذِي عُوِّرَ ، أَي قُبِّحَ أَمْرُه ورُدَّ ولم تُقْضَ حاجَتُه ولم يُصِبْ ما طَلَب ، ولَيْسَ مِنْ عَوَرِ العَيْن ؛ قاله ابن الأَعرابيّ ، وأَنْشَد للعَجّاج :
وعَوَّرَ الرَّحْمنُ مَنْ وَلَّى العَوَرْ
ويُقَال : معناه : أَفْسَدَ من وَلَّاه وجَعَلَه وَليًّا لِلْعَوَر ، وهو قُبْحُ الأَمْرِ وفَسَادُه. والأَعْوَرُ : الصُّؤابُ في الرَأْس ، ج أَعاوِرُ ، نقله الصاغانيّ. وفي الأَساس : رأْسه يَنْتَغِشُ أَعاوِرَ ، أَي صِئْباناً ، الواحِدُ أَعْوَرُ. ومن المَجَازِ : الأَعْوَرُ ، من الطَّرِيق (٣) : الَّذِي لا عَلَمَ فيه ، يقال : طَرِيقٌ أَعْوَرُ ، كأَنَّ ذلك العَلَم عَيْنُه ، وهو مَثَلٌ. وفي بعض النُّسخ : من الّطُرق.
والعائِر : كلُّ ما أَعَلَّ العَيْنَ فعَقَرَ ، سُمِّيَ بذلك لأَنَّ العَيْنَ تُغْمَضُ له ولا يَتَمَكَّنُ صاحبُها من النَّظَر ، لأَنَّ العَيْن كأَنّها تَعْوَرُ ، وقيل : العَائِرُ : الرَّمَدُ. وقيل : هو القَذَى في العَيْنِ ، اسمٌ كالكاهِل والغارِب ، كالعُوّارِ ، كرُمّانٍ ، وهو الرَّمَصُ
__________________
(١) في المصباح : عورت من باب تعب ... ويتعدى بالحركة والتثقيل فيقال : عُرْتُها من باب قالَ.
(٢) للراعي في ديوانه ص ١٠٧ عجز بيت بدون صدر ، من قصيدة مطلعها :
تغير قومي ولا أسخرُ |
وما حمّ من قدر يُقدَرُ |
(٣) في القاموس : «من الطرق» وفي اللسان فكالأصل.