والعِثْيَرَاتُ : التُّرَابُ ، حكاه سيبويه.
وقيل : العِثْيَرُ : كُلُّ ما قَلَبْتَ من الطِّينِ أَو التُّرَابِ أَو المَدَرِ بأَطْرَافِ أَصابِعِ رِجْلَيْكَ إِذَا مَشَيْتَ ، لا يُرَى من القدمِ أَثَرٌ غيره ، فيقال : ما رأَيْتُ له أَثَراً ولا عِثْيَراً.
والعَثْيَرُ : الأَثَرُ الخَفِيُّ ، وقيل هو أَخْفَى من الأَثَرِ ، كالعَيْثَرِ ، بتَقْدِيم المُثَنّاةِ التَّحْتِيَّةِ ، ولا يَخفَى لو قال : مِثَال غَيْهَب كان أَحسنَ ، وفَتْحُ العَيْنِ فِيهِمَا ، أَي في اللَّفْظَيْن في مَعْنَى الأَثَرِ لا التُّرَابِ ، كما تقدَّم.
وفي المَثَل : «ما له أَثَرٌ ولا عَثْيَرٌ» ويقال : ولا عَيْثَرٌ ، مثال فَيْعَلٍ ، أَي لا يُعْرَف راجلاً فيُتَبَيَّن أَثَرُه ، ولا فارساً فيُثِير الغُبَارَ فرَسُه.
وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ عن أَبي عَمْرِو بنِ العَلَاءِ أَنّه قال : بُنِيَتْ سَلْحُون (١) ـ مدينَةٌ باليَمَنِ ـ في ثَمَانِينَ سنةً ، أَو سَبْعينَ سنةً ، وبُنِيَتْ بَرَاقِشُ ومَعِينِ بغُسَالَةِ أَيْدِيهِم (٢) ، فلا يُرَى لسَلْحِينَ أَثَرٌ ولا عَيْثَرٌ ، وهَاتَان قائِمَتَانِ ، وقال الأَصْمَعِيُّ : العَيْثَر تَبَعٌ لأَثَرٍ.
وعَيْثَرَ الطَّيْرَ : رَآهَا جارِيَةً فَزَجَرَهَا ، قال المُغِيرَةُ بنُ حَبْنَاءَ التَّميميّ (٣) :
لَعَمْرُ أَبِيكَ يا صَخْرُ بنَ لَيْلَى (٤) |
لقد عَيْثَرْتَ طَيْرَكَ لو تَعِيفُ |
يُرِيدُ : لقد أَبْصَرْتَ وعايَنْتَ : والعُثْرُ ، بالضّمّ : العُقَابُ ، وقد تقدّم أَنه بالموحّدَة تصحيف ، والصوابُ أَنه بالثاءِ.
والعُثْرُ الكَذِبُ ، ويُحَرَّكُ ، الأَخِيرَةُ (٥) عن ابنِ الأَعرابيّ.
وفي الحديثِ (٦) : «ما كانَ بَعْلاً أَو عَثَرِيًّا ففيه العُشْرُ» قال الأَزْهَرِيُّ : العَثَرِيُّ ، محْرَكَةٌ : العِذْيُ ، وهو ما سَقَتْهُ السّماءُ من النَّخْلِ ، وقيل : هو من الزَّرْعِ : ما سُقِيَ بماءِ السَّيْلِ والمَطَرِ ، وأُجْرِيَ إِليه الماءُ من المَسَايِلِ وفي الجَمْهَرَةِ : العَثَرِيُّ : الزَّرْعُ الذي تَسْقِيه السماءُ ، كالعَثْرِ ، بفتح فسكون.
وقال ابنُ الأَثِيرِ : هو [من] النّخيلِ الذي يشرب بعُروقِه (٧) من ماءِ المَطَرِ يجتمع في حَفِيرَةٍ.
ومن المَجَاز : في الحَدِيث : «أَبْغَضُ النّاسِ إِلى اللهِ العَثَرِيُّ» وقال : هو الذي لا يَكُونُ (٨) في طَلَبِ دُنْيَا ولا آخرَةٍ ، يقال : جاءَ فلانٌ عَثَرِيّاً ، إِذا جاءَ فارِغاً ، وقد تُشَدَّدُ تاؤُه المُثَلَّثَةُ ، عن ابن الأَعرابيّ وشَمِرٍ ، ورَدَّه ثَعْلَب فقال : والصَّواب تَخْفِيفُها ، وقيل : هو من عَثَرِيِّ النّخْلِ ، سُمِّيَ به لأَنّه لا يحتاج في سَقْيِه إِلى تَعَبٍ بدَالِيَةٍ وغَيْرِهَا ، كأَنّه عَثَرَ على الماءِ عَثْراً بِلا عَمَلٍ من صاحِبِه ، فكأَنّه نُسِب إِلى العَثْرِ. وحَركةُ الثاءِ من تَغْيِيراتِ النّسَبِ.
و [قال مَرَّةً : جاءَ رائقاً عَثَرِيًّا ، أَي فارِغاً دون شَيْءٍ] (٩) ، قال أَبو العَبَاس : هو غير العَثَرِيِّ الذي جاءَ في الحديث مُخَفّفُ الثاءِ وهذا مُشَدّدُ الثَّاءِ.
وعَثَّر كبَقَّمٍ : مَأْسَدَةٌ باليَمَنِ ، وقيل : جَبَلٌ بتَبَالَةَ ، به مَأْسَدَةٌ ، ولا نَظِيرَ لها إِلّا خَضَّمٌ ، وبَقَّمٌ ، وبَذَّرٌ (١٠) ، وقد وقَعَ في شِعْر زُهَيْرِ بنِ أَبي سُلْمَى ، وفي شعر ابنِه كَعْبِ بنِ زُهَيْرٍ ، قال كَعْبٌ :
مِنْ خادِر من لُيُوثِ الأُسْدِ مَسْكَنُه (١١) |
بِبَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونَه غِيلُ |
__________________
(١) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : «سَيْلَحُون» وفي معجم البلدان : سَلْحِين.
(٢) في معجم البلدان : بغسالة أيدي صناع سلحين.
(٣) عن اللسان وبالأصل : «التيمي».
(٤) التهذيب : يا صخر بن عمرو.
(٥) قوله الأخيرة يعني العَشَر بالتحريك.
(٦) النهاية واللسان : وفي حديث الزكاة.
(٧) بالأصل «هو النخيل التي تشرب بعروقها» وما أثبت والزيادة عن النهاية.
(٨) على هامش القاموس عن نسخة ثانية «الذي لم يكن» وفي النهاية : هو الذي ليس في أمر الدنيا ولا أمر الآخرة.
(٩) زيادة عن التهذيب واللسان.
(١٠) قوله : ولا نظير لها إلا خضّم .. الخ فقد ورد في معجم البلدان : (عثّر) : عثر بوزن بقّم وشلّم وخضّم وشمّر وبذّر وكل هذه الأسماء منقولة عن الفعل الماضي فلا تنصرف منصرفة» وورد في اللسان (بذر) : نطّح وخوّد أيضاً ، وفي مادة نطح : سدَّر ، وفي مادة بقّم : توّح ، كله في اللسان.
(١١) ديوانه وصدره فيه :
من ضيغمٍ من ضراء الأسد مخدره