وقال أَبو عُبَيْدَةَ : إِذا هَمَّتِ الفَرَسُ بالفَحْل وأَرادتْ أَن تَسْتَوْدِقَ فأَوّل وِدَاقِها المُبَاسَرَةُ ، وهي مُبَاسِرَةٌ ، ثم يَكون (١) وَديقاً. والمُباسِرة : التي تَهُمُّ بالفَحْلِ قبلَ تمامِ وِدَاقِها ، فإِذا ضَرَبَهَا الحِصَانُ في تلك الحالِ فهي مَبْسُورَةٌ. وقد تَبَسَّرَها وبَسَرَها.
وفي التَّنْزِيل العزيزِ : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢) ، أَي مُتَكَرِّهَةٌ متقطِّبةٌ قد أَيْقَنَتْ أَنّ العذابَ نازلٌ بها.
ووَجْهٌ بَسْرٌ : باسِرٌ. وُصِفَ بالمَصْدَرِ.
وقَولُ الجوهَرِيِّ : أَوَّلُ البُسْرِ طَلْعُ ثمّ خَلَالُ ، إِلخ أَي إِلى آخرِه ، وهو قولُه : ثم بَلَحٌ ثم بُسْرٌ ثم رُطَبٌ ، ثم تَمْرٌ ، غيرُ جَيِّدٍ ؛ لأَنه تَرَكَ كثيراً من المَراتبِ التي يَؤولُ إِليها الطَّلْع بَعدُ ، حتى يصلَ إِلى مَرتَبةِ التَّمْر ، والصَّوابُ : أَوَّلُه طَلْعٌ فإِذا انْعَقَدَ فسيَابٌ ، كَسَحَابٍ ، وقد تقدَّم في مَوضعه ، فإذا اخْضَرَّ واستَدَارَ فجَدَالٌ وَسَرَادٌ وخَلَالٌ ، كَسحَابٍ في الكُلِّ ، فإِذا كَبِرَ شيئاً فبَغْوٌ ، بفتح الموحَّدةِ وسكونِ الغَيْن ، فإِذا عَظُمَ فبُسْرٌ ، بالضَّمِّ ، ثم مُخَطَّمٌ ، كمُعَظَّمٍ ، ثم مُوَكّت ، على صيغةِ اسمِ الفاعل ، ثم تُذْنُوبٌ ، بالضّمِّ ، ثم جُمْسَةٌ بضمِّ الجيمِ وسكونِ الميمِ وسينٍ مهملةٍ مفتوحة ، ثم ثَعْدَةٌ ، بفتحِ المُثَلَّثةِ وسكونِ العينِ المُهْمَلَةِ ثمَّ دال ، وخالِعٌ وخالِعةٌ ، فإِذا انتهى نُضْجُه فرُطَبٌ ومَعْوُ ، فإن لم يَنْضَج كلُّه فمُناصِف ، ثمّ تَمْرٌ ، وهو آخِرُ المَراتِبِ.
وقال الأَصمعيّ : إِذا اخْضَرَّ حَبُّه واستدارَ فهو خَلَالٌ ، فإِذا عَظُمَ فهو البُسْرُ ، فإِذا احْمَرَّتْ فهي شِقْحَةٌ.
وبَسَطْتُ ذلك في الرَّوْضِ المَسْلُوف فيما له اسْمَانِ إِلى أُلُوف ، وقد اطَّلَعْتُ عليه بحَمْدِ الله تعالَى ، فلْيُنْظَرْ إِن شاءَ الله تعالَى ، وقد ذَكَرَ فيه هذه العبارةَ بعَيْنِها.
قال شيخُنَا : وظاهِرُه أَنّ ما قَالَه الجوهريُّ خَطَأُ ، وليس كذلك ، بل هو خِلافُ الأَوْلَى ؛ لأَنّ غايةَ ما فيه تَرْكُ بعضِ المَراتبِ ، التي عَدَّها أَهلُ النَّخْلِ في تَدْرِيجِ ثَمَرِ التَّمْرِ ، وذلك لا يكون خطأً كما لا يَخْفَى ، وقد أَورَدَه كذلك صاحبُ الكِفَايَة مُسْتَوْفًى ، وأَنعمتُه شَرْحاً في شَرْحِه ، فراجِعْه. وقال في قوله : وبَسَطْتُ ، إِلخ ، قُلتُ : قد أَوضحتُ في حَواشيه أَنّ هذا ليس ممّا يَدْخُلُ فيما له اسْمَانِ إِلى أُلُوف ؛ لأَن هذه الأَسماءَ تَختلفُ باختلافِ الحالاتِ والأَوقاتِ ، كما هو ظاهرٌ ، وكثيراً ما ارتكبَ مثلَه في ذلك الكتاب ، وهو ليس مِن مَباحِثِه ، فلا يغترّ بما فيه كلِّه ، انتهى.
* وممّا يُستدرَكَ عليه :
تَبَسَّرَ : طَلَبَ النَّبَاتَ ، أَي حَفَرَ عنه قبلَ أَن يَخْرُجَ.
والبَسْرُ : ظَلْمُ السِّقَاءِ.
وأَبْسَرَ النَّخْلُ : صارَ ما عليه بُسْراً.
والبُسْرَةُ : الغَضُّ مِن البُهْمَى ، قال ذو الرُّمَّة :
رَعَتْ بارِضَ البُهْمَى جَمِيعاً وبُسْرَةً |
|
وصَمْعَاءَ حتى آنَفَتْهَا نِصَالُها (٣) |
أَي جَعَلَتْهَا تَشْتَكِي أُنُوفَها.
وفي الصّحاح : البُسْرَةُ من النَّبَات : أَوَّلُها البارِضُ ، وهي كما تَبْدُو في الأَرض ، ثم الجَمِيمُ ، ثم البُسْرَةُ ، ثم الصَّمْعَاءُ ، ثم الحَشِيشُ.
والبَسْرُ : حَفْرُ الأَنْهَارِ إِذا عَرَا الماءُ أَو طَابَه (٤) ، قال الأَزهريُّ : وهو التَّبَسُّرُ ، وأَنشدَ بيتَ الرّاعِي :
إِذا احْتَجَبَتْ بَنَاتُ الأَرضِ عنه |
|
تَبَسَّرَ يَبْتَغِي فيها البِسَارَا |
قال ابن الأَعرابيِّ : بَنَاتُ الأَرضِ : الغُدْرانُ فيها بَقايا الماءِ.
وبَسَرَ النَّهْرَ ، إِذا حَفَرَ فيه بِئْراً ، وهو جافٌّ.
وَبَسَرْتُ النَّبَاتَ أَبْسُرُ (٥) بَسْراً ، إِذا رَعَيْتَه غَضّاً ، وكنتَ أَوَّلَ مَن رعاه ، وقال لَبِيدٌ يَصِفُ غَيْثاً رَعاه أُنفاً :
بَسَرْتُ نَدَاه لم يُسَرَّبْ وُحُوشُه |
|
بِعِرْبٍ كَجِذْعِ الهاجِرِيِّ المُشَذَّبِ |
__________________
(١) في التهذيب واللسان : تكون.
(٢) سورة القيامة الآية ٢٤.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : نصالها ، كذا بخطه واللسان ، وفي الصحاح : فصالها» هذا وفي الصحاح المطبوع : نصالها.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله أوطابه ، كذا بخطه والذي في اللسان : أوطانه ، وليحرر» وفي التهذيب : أوطانه.
(٥) في التهذيب واللسان : أبسرُه.