قال الفَرّاءُ : بُرَّ حَجُّه ، فإِذا قالوا : أَبَرَّ اللهُ حَجَّكَ قالوه بالأَلف ، وفي الصحاح : وأَبَرَّ اللهُ حَجَّكَ ، لغةٌ في بَرَّ اللهُ حَجَّكَ ، أَي قَبِلَه.
وقال شَمِرٌ : الحَجُّ المَبْرُورُ : الذي لا يُخالِطُه شيْءٌ من المآثِم. وفي حديث أَبي هُرَيرةَ قال : قال رسولُ اللهِ صلىاللهعليهوسلم : «الحَجُّ المَبْرُورُ ليس له جزاءٌ (١) إِلّا الجَنَّةُ». قال سُفْيانُ :
تَفْسيرُ المَبْرُورِ طِيبُ الكلامِ وإِطعامُ الطَّعَامِ ، وقيل : هو المَقْبُولُ المُقَابَلُ بالبِرِّ ، وهو الثَّوَابُ. وقال أَبو قِلابةَ لرجلٍ قَدِمَ من الحَج : بُرَّ العَمَلُ. أَراد عَملَ الحَجِّ ؛ دَعا له أَن يكونَ مَبْرُوراً لا مَأْثَمَ فيه ، فيستوجبُ ذلك الخُرُوجَ من الذنُوب التي اقْتَرَفها. ورُوِيَ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قال : «قالوا : يا رسولَ الله ، ما بِرُّ الحَجِّ؟ قال : إِطعامُ الطَّعَامِ وطِيبُ الكلامِ».
وفي البَصَائِرِ : ويُستَعْمَلُ البِرُّ في الصِّدْقِ لكَوْنِه بعضَ الخَيرِ (٢) ، يقال : بَرَّ في قَولِه ، وفي يَمِينه ، ومنهحديثُ أَبي بَكْرٍ : «لم يَخْرُجْ مِن إِلٍّ ولا بِرٍّ» أَي صِدْق.
والبِرُّ : الطّاعةُ ، وبه فُسِّرت الآيةُ : (أَتَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ) (٣) ، وفي حديث الاعتكافِ : «أَلْبِرَّ تُرِدْنَ؟» ، أَي الطّاعَةَ والعبادةَ ، ومنهالحديث : «ليس مِن البِرِّ الصِّيامُ في السَّفَر». كالتَّبَرُّرِ ، يُقال : فلانٌ يَبَرُّ خالِقَه ويَتَبَرَّرُه ، أَي يُطِيعُه ، وهو مَجازٌ.
واسمُه أَي البِرُّ بَرَّةُ ، بالفَتْح ، اسمُ عَلَمٍ بمعنى البِرِّ ، مَعْرِفةٌ ، فلذلك لم يُصْرَف ؛ لأَنّه اجتمعَ فيه التَّعْرِيفُ والتَّأْنيثُ ، وسيُذكَر في فَجَارِ ، قال النّابِغَة :
إِنَّا اقْتسَمْنَا خُطَّتَيْنَا بَينَنَا |
|
فحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلْتَ فَجَارِ |
وفي الحديث في بِرِّ الوالِدَيْن : «وهو في حَقِّهما وحَقِّ الأَقْرَبِينَ مِن الأَهْلِ» : ضِدُّ العُقُوقِ وهو الإِساءَةُ إِليهم والتَّضْيِيعُ لحَقِّهم ، كالمَبَرَّةِ.
وبَررْتُه أَي الوالِدَ ، وبَرَرْتُهُ أَبَرُّه بِرٍّا ، كعَلِمتُه وضَرَبْتُه ، أَي أَحْسَنْتُ إِليه ووَصَلْتُه. وعن ابن الأَعرابيِّ : البِرُّ : سَوْقُ الغَنَمِ ، والهِرُّ : دُعَاؤُهَا ، قاله في المَثَل السَّائِرِ (٤) : «فلانٌ ما يَعْرِفُ هِرًّا مِنْ بِرٍّ». وعَكَسَه يُونُسُ فقال : الهِرُّ : سَوْقُ الغَنَمِ ، والبِرُّ : دُعَاؤُها.
والبِرُّ : الفُؤادُ ، يقال : هو مُطْمَئِنُّ البِرُّ ، وأَنشدَ ابنُ الأَعرابيِّ لخِدَاش بنِ زُهَيْرٍ :
يكونُ مَكانَ البِرِّ منِّي ودُونَه |
|
وأَجْعَلُ مالِي دُونَه وأُؤَامِرُهْ |
والبِرُّ : وَلَدُ الثَّعْلبِ ، نقلَه الصَّاغَانيّ : وقال بعضُهم في معنى المثلِ السّابِقِ : الهِرُّ : السِّنَّوْرُ ، والبِرُّ : الفَأْرَةُ في بعض اللُّغَاتِ.
وقيل : هو الجُرَذُ ، أَو دُوَيْبَةٌ تُشْبِهُ الفَأْرَةَ.
والبَرُّ بالفَتْح : من الأَسْماءِ الحُسْنَى وهو العَطُوفُ على عِبادِهِ بِبِرِّه ولُطْفِه ، قاله ابنُ الأَثير.
والبَرُّ : الصّادقُ.
والبَرُّ : الكَثِيرُ البِرِّ ، كالبارّ. وقال ابنُ الأَثِيرِ : وإِنما جاءَ في أَسمائِه تعالَى الْبَرُّ ، دُونَ البارِّ ، قلتُ : وقد فَسَّرُوا قولَه تعالَى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) (٥) وقالوا : أَي البارّ.
ج أَبْرارٌ وَبَرَرَةٌ ، الأَخِيرُ محرَّكَةَ ، رجلٌ بَرُّ من قومٍ أَبْرَارٍ ، وبارٌّ من قوم بَرَرةٍ. والأَبرارُ كثيراً ما يُخَصُّ بالأَوْلِيَاءِ والزُّهَّادِ والعُبّاد. وفي الحديث «الأَئِمَّةُ مِن قُرَيْشٍ ، أَبْرَارُهَا أُمرَاءُ أَبْرارِهَا ، وفُجَّارُها أُمَراءُ فُجّارِهَا». قال ابنُ الأَثِيرِ : هذا على جِهَة الإِخبارِ عنهم لا على طَرِيقِ الحُكْمِ فيهم. وفي حديثٍ آخَر : «الماهِرُ بالقُرآنِ مع السَّفَرةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ».
وفي البَصَائِر : وخُصَّ المَلائِكَةُ بالبَرَرَةِ (٦) ؛ من حيثُ إِنه أَبلغُ من الأَبرار ، فإِنّه جَمْعُ بَرٍّ ، والأَبرارُ جمعُ بارٍّ ، وبَرُّ أَبلغُ مِن بارٍّ ، كما أَن عَدْلاً أَبلغُ مِن عادلٍ (٧).
__________________
(١) كذا بالأصل والتهذيب واللسان ، وفي النهاية : «ثواب».
(٢) زيد في المفردات : المتوسّعِ فيه.
(٣) سورة البقرة الآية ٤٤.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : في المثل السائر ، كذا بخطه والأولى كما في اللسان أن يقول : ومن كلام العرب السائر لايهام صنيعه نقل ما تقدم من الكتاب الملقب بالمثل السائر».
(٥) سورة البقرة الآية ١٧٧.
(٦) يشير إلى قوله تعالى في صفة الملائكة : «كرام بررة».
(٧) انظر المفردات للراغب.