مِخْصَرةٌ له ، فجَلَس فنَكَت بِها الأَرضَ» قال أَبو عُبَيْد : الْمِخْصَرة : ما اخْتَصَر الإِنْسَانُ بِيَدِه فأَمْسَكَه ، من عَصاً أَو مِقْرَعَةٍ أَو عَنَزَة أَو عُكَّازَة أَو قَضِيب ومَا أَشْبَهَا ، وقد يُتَّكَأُ عَلَيْه.
وذُو المِخْصَرَةِ : لَقَب عَبْد الله بْن أُنَيْس بن أَسْعَدَ الجُهَنِيّ ثُمَّ الأَنْصَارِيّ حلِيفهم ، عَقَبِيّ ، ويُكْنَى أَبَا يَحْيَى ، رَوَى عَنْه أَولادُه عَطِيَّةُ وعَمْرٌو وضَمْرَةُ وعَبْدُ الله (١) ، وبُسْر (٢) بن سَعِيد ، وإِنَّما لُقِّب به لأَنَّ النَّبِيَّ صلىاللهعليهوسلم أَعطاهُ مِخْصَرَةً وقال : «تَلْقَانِي بها في الجَنَّة» فلَمَّا مات أَوصَى أَن تُدْفَن مَعَه في قَبْره.
وذُو الخُوَيْصِرَةِ اليَمَاميّ (٣) : صَحابِيٌّ ، هكذا بالمِيمِ على الصَّواب ، ويُوجَد في بَعْضِ نُسَخ المَعَاجمِ بالنُّون ، وهو البائِلُ في المَسْجِد ، هكذا يُرْوَى في حَدِيثٍ مُرْسَل. وأَما ذُو الخُوَيْصِرةِ التَّمِيمِيُّ فهو حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْر السَّعْدِيّ ضئِضىءُ الخوارجِ ورئِيسُهُم.
قال الطَّبَريّ : له صُحْبة ، وأَمَدَّ به عُمَرُ المُسلمين الَّذِين نَازَلُوا الأَهوازَ فافْتتَح حُرْقُوصٌ سُوقَ الأَهْواز. وله أَثَرٌ كَبِير في قِتَالِ الهُرْمُزانِ ، ثُمَّ كَانَ مع عَلِيٍّ بصِفِّين ، ثم صَارَ مِنَ الخَوَارِج عَلَيْه ، فقُتِل يَوْمَ النَّهْرَوانِ معهم ، وهو القائِل : يا رَسُولَ الله اعْدِلْ. وهو في صَحِيحِ الإِمام أَبِي عَبْدِ الله البُخَارِيِّ. ونَصُّه : «فأَتاه ذُو الخُوَيْصِرَةِ فَقَال : يا رَسُولَ الله اعْدِل». وقال مَرَّةً : مِن طَرِيقٍ آخَرَ : فأَتاهُ عَبْدُ الله بنُ ذِي الخُوَيْصِرَةِ وهو ذُو الخُوَيْصِرَة بعَيْنِه ، وكأَنَّه وَهَمٌ ، وتَفْصِيلُه في الإِصابَة ، والله أَعْلَمُ بالحَقَائِق.
واخْتَصَرَ الرَّجُلُ : أَخَذَها ، أَي المِخْصَرَةَ ، أَوِ اعْتَمَد عَلَيْهَا في مَشْيِه. ومنهحَدِيث عَلِيّ وذَكَر عُمَر رضياللهعنهما فقال : «واخْتَصَر عَنَزَتَه» ، والعَنَزَة : شِبْه العُكَّازَة.
ويُقال فيه : تَخَصَّر ، كما صَرَّح به صاحِبُ اللّسَان وغَيْرهُ.
واخْتَصَرَ الْكَلَامَ : أَوْجَزَه ، ويقال : أَصْلُ الاخْتِصار في الطَّرِيق ، ثم اسْتُعْمِل في الكَلامِ مَجازاً. وقد فَرَّق بَعْضُ المُحَقِّقِين بَيْن الاخْتِصار والإِيجَازِ فقال : الإِيجَاز تَحْرِيرُ المَعْنَى ، من غَيْر رِعَايَة لِلَفْظِ الأَصْل ، بلَفْظٍ يَسِيرٍ (٤).
والاخْتِصَار : تَجْرِيدُ اللَّفْظِ اليَسِير مِنَ اللَّفْظِ الكَثِير مع بَقَاءِ المَعْنَى ، كذا نَقَلَه شَيْخُنَا. وفي اللسان : والاخْتِصارُ في الكَلَام : أَنْ يَدَعَ الفُضُولَ ويَسْتَوْجِزَ الَّذِي يَأْتِي على المَعْنَى ، وكَذلِك الاخْتِصَار في الطَّرِيق.
واخْتَصَرَ السَّجْدَةَ : قَرَأَ سُورَتَها وتَرَك آيتَها كَيْ لا يَسْجُدَ ، أَو أَفْرَد آيتَها فقَرَأَ بِها ليَسْجُد فيها ، وقد نُهِيَ عَنْهُمَا في الحَدِيث. ونَصُّه : «نَهَى عن اخْتِصار السَّجْدَة». وذَكَرُوا فيه الوَجْهَيْن كما ذَكَرَه المُصَنِّف ، وكُرِهَ عِنْدَنَا الأَوَّل لا الثَّانِي كما في الكَنْزِ وشُرُوحِه.
واخْتَصَرَ : وَضَعَ يَدَه عَلَى خاصِرَتهِ ، وفي الأَساس : على خَصْرِه ، كتَخَصَّرَ ، وفي الأَسَاسِ : تَخَاصَرَ ، ويُؤَيّده عِبَارَةُ اللِّسَان.
والاخْتِصَار والتَّخَاصُر : أَن يَضْرِبَ الرَّجُلُ يَدَه إِلى خَصْره في الصَّلَاة. ورُوِيَ عن النَّبِيّ صلىاللهعليهوسلم : «أَنَّه نَهَى أَن يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِراً» وقيل مُتَخَصِّراً ، قيل : هو من المخْصَرَة : وقيل : مَعْنَاه أَنْ يُصَلِّيَ وهو واضِعٌ يَدَه على خَصْرِه.
وجاءَ في الحَدِيث : «الاخْتِصَارُ في الصَّلَاةِ رَاحَةُ أَهْلِ النّار» ، أَي أَنَّه فِعْلُ اليَهُود في صَلاتِهِم وهُم أَهْلُ النَّارِ.
قال الأَزْهَرِيّ في الحَدِيث الأَوّل : لا أَدْري أَرُويَ مُخْتَصِراً أَو مُتَخَصِّراً. ورواه ابنُ سِيرينَ عن أَبِي هُرَيْرَةَ : مُخْتَصِراً. وكذلك رَوَاهُ أَبُو عُبَيْد. قال : ويُرْوَى في كَرَاهِيَتهِ حَدِيثٌ مَرْفُوع ، ويُرْوَى فيه أَيضاً عن عائِشَةَ وأَبِي هُرَيْرَةَ.
واخْتَصَرَ : قَرَأَ آيَةً أَو آيَتَيْن من آخرِ السُّورةِ في الصَّلاةِ ولم يَقْرأْ سُورَةً بكَمَالِها في فَرْضه. وبه فَسَّرَ الأَزْهَرِيُّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقَ ، وهو أَحَدُ الوَجْهَيْن في تَأْوِيله. وقال ابنُ الأَثِير : هكذا رَوَاه ابنُ سِيرِينَ عن أَبِي هُرَيْرَة. واخْتَصَر : حذفَ الفُضُولَ مِنَ الشَّيْءِ عَامّةً ، وهو الخُصَيْرَى ، بضَمٍّ ففَتْح فأَلف مَقْصُورَة ـ وفي بَعْض النَّسَخ بكَسْرِ الرَّاءِ وياءِ النِّسْبَةِ ، أَي الخَصْرِيّ ـ كالاخْتِصار. قال رُؤْبَةُ :
وفي الخُصَيْرَى أَنتَ عِنْد الوُدِّ |
|
كَهْفُ تَمِيمٍ كُلِّهَا وسَعْدِ |
__________________
(١) في أسد الغابة : وعبيد الله.
(٢) في أسد الغابة : بشر.
(٣) في القاموس : «اليماني» ومثله في أسد الغابة.
(٤) عرف السكاكي في مفتاح العلوم الإيجاز قال : هو أداء المقصود من الكلام بأقل من عبارات متعارف الأوساط.