ومن المَجاز : تَحَيَّر المَاءُ : دَارَ واجْتَمَعَ. ومنه الحَائِر ، وكذا تَحَيَّر الماءُ في الغَيْم. وتَحَيَّر المَكَانُ بالمَاءِ : امْتَلأَ ، وكذا تَحيَّرت الأَرضُ بالماءِ ، إِذا امتلأَتْ لكَثْرته قال لَبِيد :
حتى تَحَيَّرتِ الدِّبَارُ كَأَنَّها |
|
زَلَفٌ وأُلقِيَ قِتْبُها المَحزُومُ |
يقول : امتلأَت [ماءً] (١) والدِّبَارُ : المَشَارَاتُ (٢) ، والزَّلَفُ ، المصانِعُ.
ومن المَجَاز : تَحَيَّر الشَّبَابُ ، أَي شَبابُ المَرأَة ، إِذا تَمَّ آخِذاً مِنَ الْجَسَدِ كُلَّ مَأْخَذٍ ، وامْتَلأَ وبَلَغَ الغَايَةَ. قال النَّابِغَة وذَكَر فَرْجَ المَرْأَة :
وإِذا لَمَسْتَ لَمَسْتَ أَجْثَمَ جَاثِماً |
|
مُتَحَيِّراً بمَكَانِه مِلْءَ اليَدِ |
كاسْتَحَار ، فِيهِما ، أَي في الشَّبَابِ والْمَكَان. قال أَبُو ذُؤَيْب :
ثَلَاثَةَ أَعْوَام فَلَمَّا تَجَرَّمَت |
|
تَقَضَّى شَبَابِي واسْتَحَارَ شَبَابُها |
قال ابنُ بَرِّيّ : تجَرَّمَت : تَكَمَّلَت [السِّنُونُ] (٣) واسْتَحَارَ شَبَابُها : جَرَى فيها ماءُ الشَّبَابِ. وقال الأَصْمَعِيُّ : استحارَ شَبابُهَا : اجْتَمَعَ وتَردَّدَ فيها كما يَتَحيَّرُ المَاءُ.
وتَحَيَّرَ السَّحَابُ : لم يَتَّجِه جِهَةً. وقال ابن الأَعرابِيّ : المُتَحيِّر من السَّحَاب : الدَّائِمُ الَّذِي لا يَبْرَحُ مَكَانَه يَصُبُّ الماءَ صَبّاً ، ولا تَسُوقُه الرَّيحُ ، وأَنْشَد :
كأَنَّهُمُ غَيْثٌ تَحَيَّرَ وابِلُهْ
ومن المَجاز : تَحَيَّرَتِ الجَفْنَةُ : امتلأَت دَسماً وطَعَاماً ، كما يَمْتَلِىءُ الحَوْضُ بالماءِ.
ومن المَجازِ عن أَبِي زَيْد الحَيِّر ، ككَيِّس : الغَيْمُ يَنْشَأُ مع المَطَر فيَتَحَيَّرُ في السماءِ. وقال الزَّمَخْشَرِيّ : هو سحابٌ ماطِرٌ يَتَحيَّر في الجَوِّ ويَدُومُ. والحِيَرُ ، كعِنَبِ ، والحَيَرُ (٤) ، بالتَّحْرِيك : الكَثِيرُ من المَالِ والأَهْلِ ، قال الرّاجِز :
أَعوذُ بالرَّحْمن مِنْ مَالٍ حِيَرْ |
|
يُصْلِينِيَ الله بِهِ حَرَّ سَقَرْ |
وأَنشد ابنُ الأَعرابِيّ :
يا مَنْ رَأَى النُّعْمانَ كانَ حِيرَا
قال ثَعْلَب : أَي كان ذا مَال كَثير وخَوَلٍ وأَهْل. قال أَبُو عَمْرو بْنُ العَلاءِ : سَمِعتُ امرَأَةً من حِمْيَر تُرَقِّصُ ابنها وتقُولُ :
يا رَبَّنا مَنْ سَرَّه أَن يَكْبَرَا |
|
فهبْ له أَهْلاً ومالاً حَيَرَا |
وفي رِوَاية :
فسُقْ إِليه رَبِّ مالاً حَيَراً
وحَكَى ابنُ خَالَوَيْه عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ وَحْدَه : مالٌ حِيَرٌ ، بكسْرِ الحَاءِ. وأَنْشَدَ أَبُو عمْرٍو عن ثَعْلَب تَصْدِيقاً لقَوْلِ ابْنِ الأَعْرَابِيّ :
حَتَّى إِذَا ما رَبَا صَغِيرُهُمُ |
|
وأَصْبَحَ المالُ فِيهِمُ حِيَرَا |
صَدَّ جُوَيْنٌ فمَا يُكَلِّمُنا |
|
كأَنَّ في خَدِّه لنا صَعَرَا |
وروَى ابنُ بَرِّيّ : مَالٌ حَيَرٌ ، بالتَّحْرِيك. وأَنشد للأَغلَبِ العِجْلِيِّ شاهِداً عليه :
يا مَنْ رَأَى النُّعْمَانَ كان حَيَرَا
هكذا رَواهُ.
والحِيرَةُ بالكَسْرِ : مَحَلَّةٌ بنَيْسَابُورَ ، إِذا خَرجْتَ منها عَلَى طَرِيق مَرْو. مِنْهَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحمدَ بْنِ حَفْص بنِ مُسْلِم بْنِ يَزِيد بْنِ عَلِيّ الجُرَشِيّ الحِيرِيّ ، وولده القَاضِي أَبُو بَكْر أَحْمَدُ بن الحَسَن بنِ أَحْمَد بنِ مُحَمَّد الحِيرِيّ (٥) قاضي نَيْسَابُور ، روى عنه الحاكِمُ أَبُو عَبْد الله ، وذكره في التَّاريخ
__________________
(١) زيادة عن التهذيب واللسان.
(٢) المشارات أي مجاري الماء في المزرعة.
(٣) عن اللسان.
(٤) اقتصر في التهذيب على الأولى ، ووردت اللفظتان في اللسان.
(٥) في معجم البلدان : يحتمل أن يكونوا توطنوا محلة بنيسابور ـ وكان أجدادهم من حيرة الكوفة ـ فنسبت إليهم المحلة.