يعْنُونَ الذَّهب والزَّعفَران ، أَي أَهلكهُنَّ حُبُّ الحَلْى والطِّيب. وقال الجَوْهَرِيّ : أَهلك الرِّجَالَ الأَحْمَرانِ : اللَّحْمُ والخَمْرُ. وقال غَيْرُه : يُقَال للذَّهَب والزَّعْفَرانِ : الأَصْفَرانِ. ولِلْمَاءِ واللَّبنِ : الأَبْيضَانِ ، وللتَّمر والماءِ : الأَسوَدَانِ. وفي الحديث : «أُعطِيتُ الكَنْزَينِ الأَحْمَرَ والأَبْيَضَ». والأَحمرُ : الذَّهَبُ. والأَبيَضُ : الفِضَّة. والذَّهب كُنُوزُ الرُّوم لأَنَّهَا الغالِبُ على نُقُودِهم. وقيل : أَرادَ العَرَبَ والعجَم جَمَعَهُم الله على دِينهِ ومِلَّتهِ.
والأَحامِرَةُ : قومٌ مِنَ العَجَم نَزَلُوا بالبَصرةِ (١) وتَبَنَّكُوا بالكُوفَة.
وقال اللَّيْثُ : الأَحَامِرَةُ : اللَّحْمُ والخَمْرُ والخَلُوقُ. وقال ابن سِيدَه : الأَحْمَرانِ : الذَّهَبُ والزَّعفَرانُ ، فإِذا قُلْت الأَحامِرة فَفِيها الخَلُوقُ. قال الأَعشى :
إِنَّ الأَحامِرَةَ الثَّلَاثَةَ أَهْلَكَتْ |
|
مالِي وكُنْتُ بِهَا قَدِيماً مُولَعَا |
الخَمْرَ واللَّحْمَ السَّمِينَ وأَطَّلِي |
|
بالزَّعْفَرانِ فلَنْ أَزالَ مُبَقَّعَا (٢) |
وقال أَبو عُبَيْدة : الأَصفَرانِ : الذَّهَبُ والزَّعْفَرانُ. وقال ابْنُ الأَعرابِيّ : الأَحْمَرانِ : النَّبِيذُ واللَّحْم. وأَنْشَدَ :
الأَحْمَرَيْنِ الرَّاحَ والمُحَبَّرَا
قال شَمِر : أَرادَ الخَمْرَ والبُرُودَ.
وفي الأَساسِ : ونَحْنُ مِن أَهْل الأَسْوَدَيْن ، أَي التَّمْر والمَاءِ لا الأَحْمَرَين ، أَي اللَّحْم والخَمْر.
وفي الحَدِيث «لو تَعْلَمُون ما فِي هذه الأُمّة من المَوْت الأَحْمَر» يعني القَتْل ، وذلكَ لما يَحْدُث عن القَتْل مِنَ الدَّم ، أَو هُوَ الموتُ الشَّديدُ ، وهو مَجَازٌ ، كنَوْا به عنه كأَنَّه يُلْقَى منه ما يُلْقَى مِنَ الحَرْب. قال أَبو زُبَيْد الطّائيّ يَصفُ الأَسَد :
إِذا عَلَّقَت قِرْناً خَطاطِيفُ كَفِّه |
|
رَأَى المَوْتَ رَأْيَ العَيْن أَسْودَ أَحْمَرَا (٣) |
وقال أَبو عُبَيْد في مَعْنَى قَوْلهم : هو المَوْتُ الأَحْمَرُ ، يَسْمَدِرُّ بَصَرُ الرّجل من الهَوْل فيَرى الدُّنْيَا في عَيْنيه حَمْراءَ وسَوْداءَ. وأَنْشَد بَيْتَ أَبي زُبَيْد. قال الأَصمَعِيّ : يَجُوزُ أَن يكونَ من قَوْل العَرَب : وَطْأَةٌ حَمْرَاءُ ، إِذا كانَت طَرِيَّة لم تَدْرُس ، فمعنَى قَوْلهمْ : المَوْتُ الأَحْمَر : الجَديد الطَّريّ.
قال الأَزهَريّ : ويُرْوَى عن عَبْد الله بن الصّامِت أَنّه قال : أَسرَعُ الأَرض خَراباً البَصْرةُ ، قيل : وما يُخَرِّبُها؟ قال : القَتْل الأَحمَرُ ، والجُوعُ الأَغبَرُ.
وقَوْلُهُم : وهو مِنْ حَدِيث عبد الملك «أَراك أَحمرَ قَرِفاً».
قال : الحُسْن أَحْمَرُ ، أَي الحسْن في الحُمْرة. وقال ابن الأَثير أَي شَاقٌّ ، أَي مَنْ أَحَبَّ الحُسْنَ احْتَملَ المَشَقَّة. وقال ابنُ سيده : أَي أَنَّه يَلْقى العَاشِقُ منه ما يَلْقَى صاحِبُ الحَرْب مِنَ الحَرْب. وروَى الأَزهريُّ عن ابْن الأَعرابيّ في قَوْلهم : الحُسْن أَحمرُ ، يُريدُون : إِن تَكَلَّفْت الحُسْن (٤) والجَمَالَ فاصْبر فيه على الأَذَى والمَشَقَّة. وقال ابنُ الأَعْرَابيّ أَيضاً : يقال ذلك للرَّجُل يَمِيل إِلى هَواه وَيَخْتَصُّ بمَنْ يُحِبّ ، كما يُقَالُ : الهَوَى غَالِبٌ ، وكما يقال : إِنَّ الهَوَى يَمِيل بِاسْتِ الرَّاكب ، إِذا آثَرَ مَنْ يَهْواه على غَيْره.
والحَمْرَاءُ : العَجَمُ ، لبَيَاضهم ، ولأَنَّ الشُّقْرةَ أَغلَبُ الأَلوانِ عَلَيْهم. وكانَت العربُ تقول للعَجَم الّذين يَكُونُ البياضُ غالباً على أَلوانهم ، مِثْلِ الرُّومِ والفُرسِ ومَن صاقَبَهم : إِنَّهُم الحَمْراءُ. ومنْ ذلك
حَديث عَليّ رَضيَ اللهُ عَنْه حينَ قَالَ له سَرَاةٌ من أَصْحَابه العَربِ : «غَلَبَتْنَا عَلَيك هذه الحَمْراءُ (٥). فقال : ليَضْرِبَنَّكُمْ (٦) على الدِّين عَوْداً كما ضَرَبْتُمُوهم عليه بَدْأً» أَراد بالحَمْراءِ الفُرْسَ والرُّومَ. والعَرَبُ إِذا قَالُوا : فُلَانٌ أَبيضُ وفُلانَةُ بيضاءُ فمَعْنَاه الكَرَمُ في
__________________
(١) على هامش القاموس : قوله نزلوا بالبصرة ، الأَوْلى كما في الصحاح : بالكوفة ، وأما الذين نزلوا بالبصرة فيقال لهم : الأساورة واشتهروا هناك ببني الأحرار كما في الأَغاني والذين نزلوا بالشام يقال لهم الخضارمة كما في خضرم من الصحاح ، كذا بخط نصر رحمهالله.
(٢) في اللسان : «مولّعا» والتوليع : البلق وهو سواد وبياض. وفي الأساس : مردّعا.
(٣) كذا بالأصل واللسان ، وقول أَبي عبيد كما نقله الأزهري في التهذيب : قال : فكأن ، أراد بقوله : احمر البأس أي صار في الشدة والهول مثل ذلك.
(٤) بالأصل واللسان ، وفي التهذيب : التحسُّن.
(٥) في التهذيب : الحُمرة.
(٦) في اللسان : لنضربنكم.