الأَولياءَ كما تُنْبِت البَقْلَ ، وأَهلُها أَهلُ رِيَاضة ، وبها نَخْلٌ كثير ، وأَغلَبُ قُوتِهم التَّمْر.
وفي مَراصِد الاطِّلاع : حَضْرَموتُ ، اسْمَانِ مُرَّكبان ، ناحِيَةٌ واسعَةٌ في شَرْقِيّ عَدَنَ بقُربِ البَحْر ، وحَوْلَها رِمَالٌ كثيرَةٌ تُعْرَفُ بالأَحْقَافِ ، وقيل : هي مِخْلافٌ باليَمَن ، وقال جَماعَة : سُمِّيَتْ حَضْرَمَوْت لأَنَّ صالِحاً عليهالسلام لَمَّا حَضَرَهَا مَاتَ.
قال شيخُنَا : والمعرُوف أَنَّهَا باليَمَن ، كما مَرَّ عن جَماعَة ، وبذلك صَرَّحَ في الرَّوْضِ المِعْطار وقال : بِهَا قَبْرُ هُودٍ عَلَيْه السَّلامُ ، وجَزَمَ بذلك الشِّهَاب في العِنَايَة أَثْناءَ سُورَةِ الحَجِّ ، ولا يُعرف غيرُه. وأَغْرَبَ صاحِبُ البَحْر فقال : إِنَّهَا بالشَّام وبها قَبْرُ صالِحٍ عليهالسلام.
قلتُ : وعِنْدِي أَنَّه تَصحّف عليه شِبَامُ التي هي إِحْدَى مَدِينَتَيْهَا ، كما مَرَّ عن الشَّيْبانِيّ ، بالشَّامِ القُطرِ المعروفِ لأَنَّه لا يُعْرَفُ بالشَّام مَوْضِعٌ يقال له حَضْرمَوْت قدِيماً ولا حديثاً.
وفي الصّحاح : حَضْرمَوتُ : اسمُ قَبِيلَة أَيضاً ، من وَلَد حِمْيَرَ بْنِ سَبَأَ ، كذا في الرَّوْض ، وقيل : هو عامِرُ بنُ قَحْطَانَ ، وقيل : هو ابْن قَحْطَانَ بْنِ عَامِرٍ. قال شيخُنَا : وهَل الأَرْضُ سُمِّيَت باسْمِ القَبِيلَةِ أَو بالعَكْسِ أَو غَيْرِ ذلِك؟ فيه خِلافٌ.
وفي الصّحاح : وهما اسْمَانِ جُعِلَا واحداً ، إِن شِئتَ بنَيْتَ الاسم الأَوَّل على الفَتْحِ وأَعْرَبْتَ الثَّانيَ إِعرابَ ما لَا يَنْصَرِف. يُقَالُ : هذَا حَضْرَمَوْتُ ، ويُضَافُ الأَوَّلُ إِلى الثّانِي فَيُقَالُ : حَضْرُمَوْتٍ ، بضَمِّ الرَّاءِ ، أَعْربْت حَضْراً وخَفضْتَ مَوتاً ، وكذلك القَوْلُ في سَامّ أَبْرصَ ورامَهُرْمُز ، وإِنْ شِئْتَ لا تُنَوِّنُ الثَّانِيَ قال شيخُنَا : واقتصَر في اللُّبَابِ على وَجْهَيْن ، فقال : هُمَا اسمانِ جُعِلَا واحِداً ، فإِن شِئْتَ بنَيْتَ الأَوّل على الفَتْح وأَعربْتَ الثانِيَ إِعرابَ ما لا يَنْصرِف ، وإِن شِئتَ بَنَيْتَهُمَا لتَضَمُّنِهما مَعنَى حَرْفِ العَطْف ، كخَمْسَةَ عَشَرَ.
والتَّصْغِيرُ حُضَيْرُمَوْتِ ، تُصَغِّر الصَّدْرَ منهما. وكذلك الجَمْع تَقُولُ : فُلانٌ من الحَضَارِمَة ، والنِّسْبَة إِليه حَضْرَمِيٌّ ، وسيأْتي للمُصَنِّف في المِيمِ.
ونَعْلٌ حَضْرَمِيَّةٌ : مُلَسَّنَةٌ. وفي حَدِيثِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٌ : «أَنّه كان يَمْشِي في الحَضْرَمِيِّ» هو النَّعْلُ المَنْسُوبَةُ إِلى حَضْرَمَوْت المُتَّخَذَة بها. وحُكِي عن الكِسَائِيّ : نَعْلَانِ حَضْرَمُوتِيَّتَانِ (١) ، أَي على الأَصل من غير حَذْفِ ، والذي في نَوادِر الكِسَائِيّ يُقَال : أَتَانَا بنَعْلَين حَضْرَمَوْتِيَّتَيْن ، فتأَمَّلْ.
وحَضُورٌ (٢) ، كصَبُورٍ : جَبَلٌ فيه بَلَدٌ عامِرٌ أَ و: د ، باليَمَنِ في لِحْفِ ذلك الجَبلِ ، وقال غامِدٌ :
تَغَمَّدْتُ شَرًّا كانَ بَيْنَ عشيرَتِي |
|
فأَسْمانِيَ القَيْلُ الحَضُورِيُّ غامِدَا |
وفي حديث عائِشَةَ رضياللهعنها : «كُفِّنَ رسولُ اللهِ صلىاللهعليهوسلم في ثَوْبَيْنِ حَضُورِيَّينِ» هما منسوبان إِلى حَضُورَ قريَةِ باليَمَن ، قاله ابنُ الأَثيرِ.
وفي الروض أَنَّ أَهلَ حَضُور قَتَلوا شُعَيْبَ بنَ ذِي مَهْدَم ، نَبِيٌّ أُرسِلَ إِلَيْهم وقَبْرُه بِضينٍ ، جَبَل باليمن قال وليْسَ هو شُعَيْباً الأَوَّلَ صاحب مَدْيَن وهو ابْنُ صَيْفِي ويُقَالُ فيه ابنُ صَيْفُون (٣).
قلتُ : وشَدَّ صاحِبُ المَرَاصد حَيْثُ قَالَ : إِنَّه من أَعمَال زَبِيد (٤) وأَنه يُرْوَى بالأَلف المَمْدودَة. وفي حِمْيَر حَضُورُ بنُ عَدِيِّ بن مالِكِ بن زَيْد بن سَلام (٥) بن زُرْعَة وهو حِمْيَر الأَصْغَر.
والحَاضِرُ : خِلَافُ البَادِي ، وقد تَقَدَّم في أَوَّل التَّرجَمَةِ ، فهو تَكرَارٌ. والحَاضِر أَيْضاً : الحَيُّ العَظِيمُ ، أَو القَوْم ، وقال ابنُ سِيدَه : الحَيُّ إِذا حَضَرُوا الدَّارَ الَّتي بها مُجْتَمَعُهُم.
قال :
في حاضِرٍ لَجِبٍ باللَّيْلِ سامِرُه |
|
فيه الصَّواهِلُ والرّايَاتُ والعَكَرُ |
فصار الحاضرُ اسماً جامِعاً كالحاجِّ والسَّامِرِ والجامِلِ ونَحْوِ ذلِك. قال الجوهريّ : هو كَمَا يُقالُ حاضرُ طَيّىءِ وهو
__________________
(١) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : حَضْرمُوتِيَّانِ.
(٢) هكذا ضبطت بالتنوين في القاموس والصحاح ، وضبطت بالرفع في معجم البلدان بدون تنوين في آخرها.
(٣) في معجم البلدان : شعيب بن عيقي ، ويقال : ابن ضيفون. وفي جمهرة ابن حزم : شعيب بن ذي يهدم.
(٤) وفي معجم البلدان أيضاً : بلدة باليمن من أعمال زبيد.
(٥) في جمهرة ابن حزم ص ٤٣٤ : «سهل» وفي معجم البلدان : «سَدَد».