صَرَّحوا به ، ثمّ تَجَوَّزوا به تَجَوُّزاً مَشْهُوراً عن مَكَانِ (١) الحُضُور نَفْسِه ، ويُطْلَق على كُلِّ كَبِيرٍ يَحْضُره عنده النَّاسُ ، كقَولِ الكُتَّابِ أَهْلِ التَّرسُّل والإِنشاءِ : الحَضْرةُ العَالِيَةُ تَأْمُر بكَذَا ، والمَقَامُ ونَحْوُه. وهو اصطِلاحُ أَهلِ التَّرسُّل ، كما أَشار إِليه الشِّهَاب في مَواضِعَ من شَرْحِ الشِّفَاءِ.
وهو حاضِرٌ ، مِنْ قَوْمٍ حُضَّرٍ حُضُورٍ. ويقال : إِنه ليَعْرِفُ مَنْ بحَضْرتِه ومَنْ بعَقْوَتِه.
وفي التّهْذِيب : الحَضْرَة : قُرْبُ الشَّيْءِ. تقول : كُنْتُ بحَضْرةِ الدّارِ. وأَنْشَدَ اللَّيْثُ.
فَشَلَّتْ يَدَاه يوْمَ يَحْمِلُ رَايَةً |
|
إِلى نَهْشَلٍ والقَوْمُ حَضْرةَ نَهْشَلِ (٢) |
ويقال : رَجُلٌ حَسَنُ الحُضْرَة بالكسْرِ وبالضَّمِّ أَيضاً ، كما في المُحْكَم إِذَا حَضَرَ بِخَيْرٍ. وفُلانٌ حَسَنُ المَحْضَرِ إِذا كان مِمّن يَذْكُر الغائِبَ بخَيْرٍ.
والحَضَرُ ، مُحَرَّكَةً ، والحَضْرَةُ ، بفتح فسكون ، والحَاضرةُ والحِضَارَة ، بالكسر عن أَبي زَيْد ويُفْتَح ، عن الأَصمَعِيّ : خِلَافُ البَادِيَة والبَدَاوَة والبَدْوِ.
والحِضَارَةُ (٣) ، بالكسر ، الإِقامَةُ في الحَضَرِ ، قالَه أَبو زيد. وكان الأَصمعِيُّ يقول : الحَضَارة بالفَتْح. قَالَ القُطامِيُّ :
فَمَنْ تَكُنِ الحَضَارَةُ أَعْجَبَتْه |
|
فَأَيَّ رِجَالِ بَادِيَةٍ تَرَانَا |
والحاضِرَة والحَضْرَةُ والحَضَرُ ، هي المُدُنُ والقُرَى والرِّيفُ ، سُمِّيَتْ بذلك لأَنَّ أَهلَها حَضَروا الأَمْصَارَ ومَسَاكِنَ الدِّيَارِ الّتي يَكُونُ لهم بِها قَرَارٌ. والبادِيةُ يمكن أَن يَكُونَ اشتقاقُها من بَدَا يَبْدُو ، أَي بَرَزَ وظَهَرَ ، ولكنَّه اسمٌ لَزِمَ ذلكَ الموْضِعَ خاصَّةً دون ما سوَاه.
والحَضْرُ ، بفَتْح فَسُكُون : د قديمٌ مذكورٌ في شِعْر القدماءِ ، بإِزاءِ مسْكِنٍ. قال محمّدُ بنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ : بحِيال تَكْرِيتَ بين دِجْلَةَ والفُرات. قلْت : ولم يذْكر المؤلف «مَسْكِنَ» في س ك ن وهو في مُعْجَم أَبِي عُبيد ، كمَسْجِد : صُقع بالعِرَاق ، قُتِل فيه مُصعَبُ بنُ الزُّبيْر ، فليُنْظَر.
بَناهُ السّاطِرُونَ المَلِكُ من مُلُوك العَجَم الّذي قَتلَه سابُور ذُو الأَكْتافِ. وفيه يقول أَبو دُواد الإِيادِيّ :
وَرَأَى المَوْتَ قد تَدَلَّى مِن الحَضْ |
|
ر على رَبِّ أَهْلِه السَّاطِرُونِ (٤) |
وقيل : هو الحَضَر ، محرَّكةً ، بالجزِيرة ، وقيل بناحِيَةِ الثَّرْثارِ بنَاه السَّاطِرُونُ.
والحَضْرُ : رَكَبُ الرَّجُل والمَرْأَةِ ، أَي فَرْجُهُما.
والحَضْرُ : التَّطْفِيلُ ، عن ابن الأَعرابِيّ ، والحَضْرُ : شَحْمَةٌ في المَأْنَةِ ، هكذا في النُّسخ بالمِيم ، وفي اللِّسَان : في العَانة وفَوْقَها.
والحُضْر ، بالضَّمّ : ارتِفاعُ الفَرَسِ في عَدْوِه ، كالإِحْضَارِ. وقال الأَزهرِيُّ : الحُضْرُ والحِضَارُ : من عَدْوِ الدّوَابّ ، والفِعْل الإِحضارُ. وفي الحديث «أَنّه أَقطعَ الزُّبيْرَ (٥) حُضْرَ فَرَسِه بأَرضِ المَدِينة». وفي حديث كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ «فانْطلقْتُ مُسْرِعاً أَو مُحضِراً فأَخَذتُ بِضَبعِه». وقال كُرَاع : أَحْضَر الفَرَسُ إِحْضَاراً وحُضْراً ، وكذلك الرَّجُل.
وعندي أَنَّ الحُضْرَ الاسمُ. والإِحضار المَصْدَر.
والفَرَسُ مِحْضِيرٌ ، كمِنْطِيقٍ ، لا مِحْضَارٌ كمِحْرَاب ، وهو من النّوادِر ، كذا في الصّحاح وجامع القَزَّاز وشُرُوح الفَصِيح ، أَو لُغَيَّةٌ. والَّذِي في المُحْكَم : جَوازُ مِحْضِير ومِحْضَار على حَدٍّ سَواءٍ ، ونَصُّه : وفرسٌ مِحْضِيرٌ ، الذَّكَرُ والأَنْثَى سَواءٌ ، وفَرسٌ مِحْضِيرٌ ومِحْضَارٌ ، بغير هاءٍ للأُنَثى ، إِذا كان شَدِيدَ الحُضْرِ ، وهو العَدْوُ. وفي الجَمْهَرة لابنِ دُرَيْد : فَرَسٌ مِحْضَارٌ : شَدِيدٌ العَدْوِ.
والحَضُرُ ، ككَتِفٍ ونَدُسٍ : الَّذِي يَتَحَيَّنُ طَعَامَ النَّاسِ حَتَّى يَحْضُرَه ، وهو الطُّفَيْلِيّ ، وفِعْلُه الحَضْر ، وقد تقدَّم.
ومن المَجَاز : الحَضُرُ ، كنَدُسٍ : الرَّجُلُ ذُو البَيَانِ
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : عن مكان ، لعل الأولى : إلى مكان».
(٢) في التهذيب : رأسه بدل راية.
(٣) ضبطت في القاموس بالفتح ضبط قلم.
(٤) نسب في معجم البلدان لعدي بن زيد باختلاف الرواية.
(٥) عن النهاية ، وبالأصل «ابن الزبير».