والحَصِيرُ : البَارِيّةُ ، وقد تَقَدَّم ذِكْرُ البارِيّة في «بور» ، وذَكرها صاحِبُ العَيْن وكَثِيرٌ من الأَئمَّة في المُعْتَلّ ، وهو الصَّوابُ.
وفي المصباح : البَارِيَّة : الحَصيرُ الخَشِنُ ، وهو المعروفُ في الاسْتِعْمَال ، ثم ذَكَرَ لُغَاتِه الثّلاثَ (١) ، وقال غَيْرُه.
الحَصِيرُ : سَقيفة (٢) تُصْنَع من بَرْدِيّ وأَسَل ثم يُفْتَرَشُ ، سُمِّيَ بذلك لأَنّه يَلِي وَجْهَ الأَرْض. وفي الحَدِيث «أَفْضَلُ الجِهَادِ وأَكمَلُه حَجٌّ مَبْرُورٌ ثم لزُومُ الحُصْرِ» بضَمٍّ فَسُكُون ، جَمْع حَصِير ، لِلَّذِي يُبْسَط في البُيُوت ، وتُضَمُّ الصَّاد وتُسَكَّن تَخْفِيفاً. وقيل سُمِّيَ حصِيراً لأَنَّه حُصِرَت طَاقَتُه (٣) بَعضُها مع بعض. وفي المَثل : «أَسِيرٌ عَلَى حَصِير». قال الشَّاعر :
فأَضْحَى كالأَمِيرِ على سَرِير |
|
وأَمْسَى كالأَسِير على حَصِيرِ |
والحَصِيرُ : عِرْقٌ يَمْتَدُّ مُعْتَرِضاً على جَنْبِ الدَّابَّةِ إِلَى ناحِيَة بَطْنِهَا. وبه فَسَّر بَعْضُهُم حديثَ حُذَيْفَة : «تُعرَضُ الفِتَنُ على القُلُوب عَرْضَ الحَصِير» شَبَّه ذلك لإِطافَتِه.
أَو الحَصِيرُ : لَحْمَةٌ كذلِك ، أَي ما بين الكَتِفِ إِلى الخَاصِرَة. أَو الحصِيرُ : العَصَبَةُ الَّتي بَيْن الصِّفَاقِ ومَقَطِّ الأَضْلاعِ ، وهو مُنْقَطَع الجَنْب.
وفي كتاب الفرْق لابن السِّيد : وحَصِيرُ الجَنْب : ما ظَهَرَ من أَعَالِي ضُلُوعِه. وقيل الحَصِيرُ : الجَنْبُ نَفْسُه ، سُمِّيَ به لأَنَّ بعْضَ الأَضْلاع مَحْصُورٌ مَعَ بَعْض ، قاله الجوْهَرِيّ والأَزْهَرِيّ. ومنه قَولُهم : دَابَّةٌ عَرِيضُ الحَصِيرَيْن (٤). وأَوْجَعَ اللهُ حَصِيرَيْه : ضُرِبَ شَدِيداً ، كما في الأَساس ، والحَصِيرُ : المَلِكُ (٥) لأَنَّه محجوبٌ عن النّاس أَو لكَوْنِه حَاصِراً ، أَي مانِعاً لمَنْ أَرادَ الوصولَ إِليه. قال لَبِيد :
وقَمَاقِمٍ غُلْبِ الرِّقَابِ كأَنَّهمْ |
|
جِنٌّ على بَابِ الحَصِيرِ قِيَامُ |
والمُرَادُ به النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِر. ورُوِيَ :
لَدَى طَرَفِ الحَصِير قِيَامُ
أَي عند طَرَفِ البِسَاطِ للنُّعمان.
وفي العُبَابِ : الحَصِيرُ : السِّجْنُ (٦) ، قَالَ الله تَعَالَى (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) (٧) أَي سِجْناً وحَبْساً ، قالَه ابنُ السّيد وغيرُه. ويقال : هذا حَصِيرُه ، أَي مَحْبِسُه وسِجْنُه. وقال الحَسَنُ : مَعْنَاه مِهَاداً ، كأَنَّه جَعَلَه الحَصِيرَ المَرْمُولَ كقوله : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ) (٨).
قال في البَصَائِر : فعَلَى الأَوّل بمَعْنَى الحَاصِر ، وفي الثَّانِي بمعنَى المَحْصُور.
والحَصِيرُ : المَجْلِس ، هكذا في سائر النُّسَخ أَي مَوْضِع الجُلُوس ، وصَوَّبَ شيخُنَا عن بَعْض أَن يكونَ المَحْبِس ، وهو مَحَلُّ تَأَمُّل.
ومن سَجَعَات الأَساس : وجَلَّدَه (٩) الحَصِيرُ في الحَصير ، أَي في المجلس (٩).
قال شيخُنا : ومن الأَسْجَاعِ المُحاكِيَة لأَسْجاعِ الأَساس ـ وإِن فَاتَهَا الشَّنَب ـ قولُ بَعْضِ الأُدباءِ : أَثَّر حَصِيرُ الحَصِيرِ في حَصِيرِ الحَصِيرِ ، أَي أَثَّرَتْ بارِيَّة الحَبْس في جَنْبِ المَلِك.
والحَصِيرُ : الطَّرِيقُ ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ.
والحَصِيرُ : الماء.
والحَصِيرُ : الصَّفُّ من النَّاسِ وغَيْرِهِم.
والحصيرُ : وَجْهُ الأَرْضِ ، قيل : وبه سُمِّيَ ما يُفْرَشُ على الأَرض حَصِيراً لكَوْنِه يلِي وَجْهَها.
__________________
ـ بالحاء المهملة من أربح ذبح لضيفانه الفصلان ، وقوله : بسآر الذي فيه أيضاً : سوار بالواو ، البيت فيه منسوب للأخطل» ومثله في الصحاح وهو ما أثبتناه ، وكانت في الأصل : قال النابغة.
(١) في المصباح (بري) : البارية .. والبارياء .. والباريّ .. ويقال له بالفارسية : البُوريَاءُ.
(٢) في التهذيب : «سفيفة» بفاءين.
(٣) التهذيب : طاقاته.
(٤) زيد في الأساس : أي الجنبين.
(٥) ضبطت في القاموس. المِلْك بكسر الميم وسكون اللام ، وما أثبتناه يوافق اللسان والصحاح والتهذيب.
(٦) في الصحاح واللسان والتهذيب : «المحْبِس».
(٧) سورة الإسراء الآية ٨.
(٨) سورة الأعراف الآية ٤١.
(٩) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وجلده ، الذي في الأساس : وخلّده الحصير في الحصير : أي المحبس».