الإِماءِ. قال شيخُنَا ـ نَقْلاً عن المِصباح ـ : جَمْعُ الحُرَّةِ حَرَائرُ ، على غير قياسٍ ، ومثلُه شَجَرَةٌ مُرَّةٌ ، وشَجَرٌ مَرائِرُ. قال السُّهَيْلِيُّ : ولا نَظِيرَ لهما ، لأَنَّ بابَ فُعْلَةٍ يُجْمَعُ على فُعَلٍ ، مثل غُرْفَةٍ وغُرَفٍ ، وإِنما جُمِعَتْ حُرَّة على حَرائِرَ ؛ لأَنها بمعنى كَرِيمَةٍ وَعَقِيلَةٍ ، فجُمِعَتْ كجَمْعِهما.
والحُرَّةُ مِن الذِّفْرَى : مَجَالُ القُرْطِ ، منها ، وهو مَجازٌ ، وأَنشدَ :
في خُشَشَاوَيْ حُرَّةِ التَّحْرِيرِ
يَعْنِي حُرَّةَ الذِّفْرَى ، وقيل : حُرَّةُ الذِّفْرَى صِفَةٌ ؛ أَي أَنها حَسَنَةُ الذِّفْرَى أَسيلَتُهَا ، يكونُ ذلك للمرأةِ ، والنّاقةِ.
وقيل الحُرَّتَانِ ، الأُذُنانِ ، قال كَعْبُ بنُ زُهَيْرٍ :
قَنْوَاءُ في حُرَّتَيْهَا للبَصِيرِ بها |
|
عِتْقٌ مُبِينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ |
كأَنَّه نَسَبَهما إِلى الحُرِّيَّةِ ، وكَرَمِ الأَصْلِ.
ومن المَجاز : الحُرَّةُ من السّحاب : الكثيرةُ المَطَرِ. وفي الصّحاح : الحُرَّةُ : الكَرِيمَةُ ، يقال : ناقَةٌ حُرَّةٌ. وسَحَابَةٌ حُرَّةٌ ، أَي كثيرةُ المَطَرِ ، قال عنترةُ :
جادَتْ علَيها كلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ |
|
فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كالدِّرْهَمِ |
أَراد كلَّ سَحابةٍ غزيرة المَطَرِ كريمةٍ.
وأَبو حُرَّةَ الرَّقاشيُّ م أَي معروفٌ ، اسمُه حَنِيفَةُ ، مشهورٌ بكُنْيَتِه ، وقيل : اسمُه حَكِيمٌ ، ثِقَةٌ ، رَوَى له أَبو داود ، وأَخوه سعيدُ بنُ عبد الرَّحمنِ الرَّقاشيُّ ، من أَهل البَصْرَة ، مِن أَتباع التّابِعِين.
وأَبو حُرَّةَ واصِلُ بنُ عبد الرَّحمنِ البَصْرِيُّ ، رَوَى له مُسْلِمٌ.
ومن المَجاز : يُقال : باتَتْ فُلانةُ بلَيْلَةِ حُرَّةٍ ، بالإِضافة ، إِذا لم تُفْتَضّ (١) لَيلةَ زفافِها ، ولم يَقْدِرْ بَعْلُهَا على افْتِضاضِها (٢). وفي الأَساس : لم تُمَكِّنْ زَوْجَها مِن قِضَّتِها (٣). وفي اللِّسَان : فإِن اقْتَضَّها زوجُها في الليلة التي زُفَّتْ إِليه فهي بِلَيْلَةٍ شَيْبَاءَ.
وهي أَوَّلُ ليلةٍ من الشَّهْر أَيضاً ، كما أَن آخِرَ ليلةٍ منه يقال لها : شَيْبَاءُ ، على التّشْبِيه.
ويقال : لَيْلَةٌ حُرَّةٌ ، فيهما ، وكذلك ليلةٌ شَيْبَاءُ وَصْفاً.
وعن ابن الأَعرابيِّ : حَرَّ يَحَرُّ ـ كَظَلَّ يَظَلُّ ـ حَرَاراً بالفتح : عَتَقَ ، والاسمُ الحُرِّيَّةُ. وقال الكِسَائيُّ : حَرِرْتَ تَحَرُّ ؛ مِن الحُرِّيَّةِ لا غير. قلتُ : أَي بكَسْر العَيْنِ في الماضي ، وفَتْحِها في المُضَارِع ، كما صَرَّح به غيرُ واحد ، وقد يُستَعمل في حُرِّيَّةِ الأَصل أَيضاً ، وقد أَغْفَلَه المصنِّفُ.
وحَرَّ الرجُلُ يَحَرُّ حَرَّةً بالفتح : عَطِشَ ، وهو أَيضاً من باب تَعِبَ فهو حَرّانُ ، ويقال : حَرّانُ يَرّانُ جَرّانُ ، كما يقال : حارٌّ يارٌّ جارٌّ ؛ إِتْبَاعاً ، نَقَلَه الكِسَائيُّ. ورجلٌ حَرّانُ : عَطْشَانُ ، مِن قوم حِرَارٍ وحَرَارَى وحُرَارَى ، الأَخِيرَتان عن اللِّحْيَانِيِّ. وهي حَرَّى ، مِن نِسْوَةٍ حِرَارٍ وحَرَارَى : عَطْشَى وفي الحديث : «في كلِّ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ» ؛ الحَرَّى : فَعْلَى مِن الحَرِّ ، وهي تأْنِيثُ حَرّانَ ، وهما للمُبَالَغَةِ ؛ يُرِيدُ أَنها لِشِدَّةِ حَرِّهَا قد عَطِشَتْ ، ويَبِسَتْ مِن العَطَش. قال ابن الأَثِير : والمعنى أَنّ في سَقْىِ كلِّ كَبِدٍ حَرَّى أَجْراً (٤). وفي آخَرَ : «في كلِّ كَبِد حَرَّى رَطْبَة أَجْرٌ (٥)» ، وفي آخَرَ : «في كلِّ كَبِدٍ حارَّةٍ أَجْرٌ» ومعنى رَطْبَةٍ أَن الكَبِدَ إِذا ظَمِئَتْ تَرَطَّبَتْ ، وكذا إِذا أُلْقِيَتْ على النّارِ. وقيل كَنَى بالرُّطُوبة عن الحَياة ؛ فإِنّ المَيِّتَ يابسُ الكَبِدِ. وقيل : وَصَفَهَا بما يَؤُولُ أَمْرُهَا إِليه.
وحَرَّ الماءَ يَحَرُّه حَرًّا : أَسْخَنَه. والذي في اللِّسَان : وحَرَّ يَحِرُّ ، إِذا سَخُنَ ، ماء أَو غيره. وقال اللِّحْيَانِيّ : حَرِرْتَ يا رجلُ تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارةً ، قال ابن سِيدَه : أُراه يَعنِي الحَرَّ لا الحُرِّيَّةَ.
ومِن دُعائهم : رَمَاه الله بالحِرَّة تَحْتَ القِرَّةِ ؛ يُريدُ العَطَشَ مع البَرْدِ ، وأَوْرَدَه ابنُ سِيدَه مُنَكَّراً فقال : ومِن كلامهم : حِرَّةٌ تَحتَ قِرَّةٍ ؛ أَي عَطَشٌ في يومٍ باردٍ ، قال
__________________
(١) في اللسان : تقتض بالقاف.
(٢) اللسان : اقتضاضها بالقاف.
(٣) عن الأساس وبالأصل ، «فضتها» بالفاء.
(٤) في النهاية : وقيل أراد بالكبد الحرّى حياة صاحبها ، لأنه إنما تكون كبده حرّى إذا كان فيه حياة ، يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان ، ويشهد له ما جاء في الحديث الآخر : في كل كبدٍ حارّة أجرٌ.
(٥) قال ابن الأثير : وفي هذه الرواية ضعف.