نُمَيْرٌ وعَبْسٌ تُتَّقَى بفِنائِها |
|
وضَبَّةُ قَومٌ بَأْسُهمْ غيرُ كاذِبِ (١) |
ثم قال : فطُفِئَتْ منهم جمْرتان ، وبَقِيتْ واحدةٌ ؛ طُفِئَتْ بنُو الحارث ؛ لمُحَالفتهم نَهْدا ، وطُفِئَتْ بَنُو عَبْسٍ ؛ لانتقالهم إِلى بَنِي عامرِ بن صَعْصَعَةَ يوم جَبَلةَ ، وقيل : جمَرَاتُ مَعدٍّ : ضَبَّةُ وعبْسٌ والحارثُ ويرْبُوعٌ ؛ سُمُّوا بذلك لجَمعهم.
ونقل شيخُنا عن أَبي العبّاس المبرّد في الكامل (٢) : جَمَرَاتُ العَرَب : بنو نُمَيْر بن عامر بن صَعْصَعَة ، وبنو الحارث بن كعْب بن عُلَةَ (٣) بن جَلْد ، وبنو ضَبَّة بن أُدِّ بن طابِخةَ ، وبنو عبْسِ بن بَغيضِ بن رَيْثٍ ؛ لأَنهم تجَمَّعُوا في أَنفسهم ، ولم يُدْخِلُوا معهم غيرَهم. وأَبو عُبَيْدٍ (٤) لم يَعُدَّ (٥) فيهم عَبْساً في كتاب : الدِّيباج ، ولكنه قال : فطُفِئَتْ جَمْرَتان ، وهما بَنُو ضَبَّة ؛ لأَنها صارَتْ إِلى الرِّباب فحالفتْ ، وبنو الحارث ؛ لأَنها صارت إِلى مَذْحِج ، وَبَقِيَتْ بنو نُمَيْرٍ (٦) إِلى الساعة ؛ لأَنها لم تُحَالف. وقال النُميْريُّ (٧) يُجيبُ جريراً :
نُمَيْرٌ جَمْرةُ العربِ الَّتي لمْ |
|
تَزَلْ في الحَرْب تَلْتهبُ الْتهَابَا |
وإِنّي إِذْ أَسُبُّ بها كُلَيْباً |
|
فَتحْتُ عليْهمُ للخَسْفِ بَابَا |
وقال في هذا الشعر :
ولولا أَن يُقالَ هَجَا نُمَيْراً |
|
ولم نَسْمَعْ لشاعِرها جوابَا |
رَغِبْنا عن هجَاءِ بني كُليْبٍ |
|
وكيف يُشاتِمُ الناسُ الكِلابَا |
وقال الثَّعالبيُّ في ثمَار القُلُوب : جَمرَاتُ العرب : بَنُو ضَبَّةَ ، وبنو الحارث بنِ كَعْبٍ ، وبنو نُمَير بن عامر ، وبنو عَبْس بنِ بَغيض ، وبنو يَرْبُوعِ بنِ حَنْظَلَةَ.
قلتُ : فإِذا تَأَمَّلْتَ كلامَهم تَجدُهُ مُصادَماً بعضُهُ مع بعض ، فإِن الجوهريَّ نَقَلَ عن أَبي عُبَيْد (٨) أَن جَمَرَاتِ العَرَبِ ثلاثٌ ، ونَقَلَ عنه الجاحظُ أَنهنَّ أَربعٌ ، وقال : وزادَ ضَبَّةَ بدَلَ نُمَيْرٍ. وفي كلام الثّعالِبِيِّ أَنهنّ خَمْسٌ ، وزادَ بني يَرْبُوع. ونَقَلَ الجوهَرِيُّ عن أَبي عُبَيْد (٨) أَنه طَفِئَ منهم جَمْرتَان : ضَبَّةُ والحارِثُ ، وَبَقِيَتْ نُمَيْرٌ. ونَقَلَ الأَزهريُّ والجاحظ عن أَبي عبيد (٨) أَنّها طُفِئَتِ الحارثُ وعَبْسٌ ، وبَقِيَتْ ضَبَّةُ ، وأَن الحارثَ حالفتْ نَهْداً. وقالوا : الحارث هو ابن كعْب بن عبدِ المَدَان ، والذي في الكامل أَنهم بنو كَعْب بن عُلَة (٩) بن جَلْد ، وفيه أَيضاً أَنه طُفِئَتْ ضَبَّةُ ؛ لأَنها حالفت الرِّبابَ ، وَبَقيَتْ بنو نُمَير (١٠) إِلى الساعة ؛ لأَنها لم تُحَالف. فإِذا عَرَفْت ذلك فقول شيخِنا : وإِذا تأَمَّلْت كلامَهم علمْت أَنه لا مُخالفةَ ولا مُنافاة ، إِلّا أَن البعض فصَّلَ والبعض أَجْمَل ، محَلُّ تأَمُّل.
وجَمْرَة بنت أَبي قُحَافةَ ، هكذا في النُّسَخ ومثله في التَّبْصير للحافظ ، وقال بعضهم : إِنها جمْرَة بنتُ قُحَافةَ.
صَحابيَّةٌ ، وهي الكِنْدِيَّةُ ، كانت بالكُوفة ، روَى عنها شَبيبُ بنُ غَرْقَدةَ ، ذكرَه الذَّهبيُّ وابنُ فهْد.
وأَبو جَمْرَة الضُّبَعِيُّ ، واسمُه نَصْرُ بنُ عِمرَانَ بن عاصمٍ ، عن ابن عَبّاس ، وعنه شُعْبَةٌ ، وهو مِن ضُبيعة (١١) بن قَيْس بن ثَعْلبَة ، وَوَلدُه عِمْرَانُ بنُ أَبي جَمْرَةَ ، رَوَى عن حَمّادِ بن زيْد ، وأَخوه عَلْقمَةُ بنُ أَبي جَمْرَة عن أَبيه ، كذا في التَّكْمِلة (١٢). وعامِرُ بنُ شَقِيق بن جَمْرَة الأَسَدِيُّ الكُوفِيُّ ، من السّادسة ، وأَبو بكر عبدُ اللهِ بنُ أَحمدَ بن أَسعدَ أَبي جَمْرَةَ الأَنْدَلُسِيُّ ، راوي التَّيْسير : عُلمَاءُ مُحَدِّثُون.
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : تتقى بفنائها ، أنشده ابن منظور بلفظ : يتقى نفيانها ، والنفيان ما تنفيه الحوافر من حصى وغيرها».
(٢) الكامل للمبرد ٢ / ٧٧٨.
(٣) كذا ورد في الكامل ، وفي جمهرة ابن حزم ص ٤١٦ : بن كعب بن عمرو بن عُلة.
(٤) كذا ، وانظر ما لاحظناه قريباً ، وفي الكامل : أبو عبيدة.
(٥) الكامل : يَعْدُدْ.
(٦) بالأصل «تميم» وما أثبت عن الكامل للمبرد ، وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : بنو تميم ، لعل الأولى نمير ، لما تقدم له عن أبي عبيدة ، ومثله في الصحاح واللسان وسيأتي له مثل ذلك قريباً.
(٧) هو الراعي ، انظر ديوانه ص ١٨ وفيه الأبيات الأربعه ، وهي في الكامل للمبرد.
(٨) كذا ، وانظر ما مرّ بشأنه قريباً.
(٩) كذا ، وانظر ما لا حظناه قريباً.
(١٠) بالأصل «تميم» انظر ما لاحظناه قريباً.
(١١) عن جمهرة ابن حزم وبالأصل «ضبعة».
(١٢) لم ترد هذه العبارة في التكملة.