ومنهم من قَيَّدَ بأَنَّهُ مِن أَصغَرِ ما يكون ، وكأَنه ليسهل الابتلاعُ لم يَرْمَدْ في تلك السَّنَةِ ، مجرَّب ، نَصَّ عليه الأَطباءُ أَربابُ الخَواصِّ. وقد سقَطتْ هذه العبارةُ من عند قوله : «ويقال» إِلى آخرها من بعض النُّسَخ ، وزاد الشِّهابُ القَلْيُوبِيُّ في رسالته التي وَضَعها في المجربات : أَو الأَربعة ، والسبعة لسبْعِ سنين أَو عشرةٍ أَو ثلاثين أَو واحدة.
[جمر] : الجَمْرَةُ ، بفتحٍ فسكونٍ : النارُ المُتَّقِدَةُ ، وإِذا بَرَدَ فهو فَحْمٌ ، ج جَمْرٌ.
والجَمْرَةُ : أَلْفُ فارِسٍ ، يقال : جَمْرَةٌ كالجَمْرَةِ.
والجَمْرَةُ : القَبيلَةُ انضمِّتْ فصارتْ (١) يداً واحدةً لا تَنْضَمُّ إِلى أَحَدٍ ، ولا تُخالِفُ غيرهَا. وقال اللَّيْث : الجَمْرَةُ : كُلُّ قومٍ يَصْبِرُون لقتالِ (٢) مَن قاتلَهم ، لا يُخَالِفُون أَحداً ، ولا ينضمُّون إِلى أَحد تكونُ القبيلَةُ نفسُها جَمْرَةً ، تَصْبِرُ لِقرَاعِ القَبَائِلِ ، كما صَبَرَتْ عَبْسٌ لقبائل قَيْسٍ. وهكذا أَوْرَدَه الثَّعَالبيُّ في المُضاف والمَنْسُوب ، وعَزَاه للخَلِيلِ. وفي الحديث عن عُمَرَ : «أَنه سَأَلَ الحُطَيْئَةَ عن عَبْسٍ ومُقَاوَمتِها قبائلَ قَيْسٍ ، فقال : يا أَميرَ المؤمنين ، كُنّا أَلْفَ فارِس ، كأَنّنا ذَهَبَةٌ حمراءُ لا نَسْتَجْمِرُ ولا نُحَالِفُ» (٣) ؛ أَي لا نسأَلُ غيرَنا أَن يَجْتَمِعُوا إِلينا ، لاستغنائِنا عنهم. أَو هي القبيلَةُ التي يكونُ فيها ثَلاثُمِائَةِ فارِسٍ أَو نحوُهَا. وقيل : هي القبيلَةُ تُقاتِلُ جماعَةَ قَبائِلَ.
والجَمْرَةُ الحَصَاةُ ، واحدةُ الجِمَار. وفي التَّوْشِيح : والعَرَبُ تُسَمِّي صِغار الحَصَى جِمَاراً.
والجَمْرَةُ : واحدةُ جَمَراتِ المَنَاسِكِ ، وجِمارُ المَنَاسِكِ وجَمَراتُها : الحَصَيَاتُ التي يُرْمَى بها في مَكَّةَ.
والتَّجْمِيرُ : رَمْيُ الجِمَارِ.
ومَوْضِعُ الجِمَارِ بمِنًى سُمِّيَ جَمْرَةً ؛ لأَنها تُرْمَى بالجِمَار ، وقيل : لأَنها مَجْمعُ الحَصَى التي يُرْمَى بها ؛ من الجَمْرَة ، وهي اجتماعُ القبيلةِ على من ناوأَها. وسيأْتي في كلام المصنّف آخر المادَّة. وهي جَمَرَاتٌ ثلاثٌ : الجَمْرَةُ الأُولَى ، والجَمْرَةُ الوُسْطَى ، وَجمْرَةُ العَقبَةِ ، يُرْمَيْن بالجِمَار وهي الحَصَيَاتُ الصِّغارُ ، هكذا في النُّسخ وفي بعضها «تُرْمَى» بَدَل «يُرْمَيْن» ، والأَوَّلُ أَوْفقُ.
وجَمَرَاتُ العَرَب : ثلاثٌ ، كجَمَرَات المناسِك : بَنُو ضَبَّةَ بن أُدِّ بن طابخةَ بن الياس بن مُضرَ ، وبنو الحارثِ بنِ كَعْبٍ ، وبنو نُمَيْرِ بنِ عامِرٍ ، فطُفِئَتْ منهم جَمْرَتانِ ، طُفِئَتْ ضَبَّةُ ؛ لأَنها حالَفَتِ الرِّبَاب ، وطُفِئَتْ بنو الحارِثِ ؛ لأَنها حالَفَتِ مذْحِج ، وبَقِيَتْ نُمَيْرٌ لم تُطْفَأْ ؛ لأَنها لم تُحالِف.
هذا قولُ أَبي عُبَيْد (٤) ، ونَقَلَه عنه الجوهريُّ في الصّحاح.
أَو الجَمَرَاتُ : عبْسُ بنُ ذُبيان بن بَغِيض بنِ رَيْثِ بنِ غَطَفَانَ ، والحارِثُ بنُ كَعْب ، وضَبَّةُ بنُ أُدٍّ ، وهم إِخْوةٌ لأُمٍّ ، لأَن أُمَّهم وهي امرأَةٌ من اليمن رَأَتْ في المَنَام أَنه خَرَجَ ـ وفي بعض النُّسخ : «يخرجُ» ـ مِن فَرْجِها ثَلاثُ جَمَرَات.
فتَزَوَّجَها كَعْبُ بنُ عبدِ المَدَانِ [بن] (٥) يَزِيد بن قَطَن ، فَولَدَتْ له الحارثَ ، وهم أَشرافُ اليمنِ ، منهم : شُرَيْحُ بنُ هانئ الحارثيُّ ، وابنُه المِقْدَامُ ، ومُطرفُ بنُ طَرِيف ، ويحيى بنُ عَرَبيٍّ ، وغيرُهم ، ثم ـ زَوَّجَهَا بَغِيضُ بنُ رَيْث بنِ غَطَفَانَ ، فَوَلَدَتْ له عَبْسا ، وهم فُرْسَانُ العَرَبِ ووقائعُهم مشهورةٌ : ثم تَزوَّجَها أُدٌّ فَوَلَدتْ له ضَبَّةَ. فَجَمْرتَانِ في مُضَرَ ، وهما عَبْسٌ وَضبَّةُ ، وجَمْرَةٌ في اليمن ، وهم بَنُو الحَارِثِ بنِ كَعْب. وكان أَبو عُبَيْدَةَ (٦) يقول : ضَبَّةُ أَشْبَهُ بالجَمْرَة مِن بَنِي نُميْر.
وفي حديث عُمَرَ رضياللهعنه : «لأُلْحِقَنَّ كلَّ قَوم بجَمْرَتِهم» ؛ أَي بجَماعَتِهم التي هم منها.
وقال الجاحظُ : يُقَال لعَبْس وضَبَّةَ ونُمَيْرٍ : الجَمَرَاتُ ، وأَنشدَ لأَبي حَيَّةَ النُّمَيْرِيِّ :
لنا جمَرَاتٌ ليس في الأَرض مثلُها |
|
كِرَامٌ وقد جُرِّبْنَ كلَّ التَّجَارِبِ |
__________________
(١) بالأصل : «رفصت» تحريف.
(٢) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : بقتال.
(٣) الأصل والنهاية واللسان ، وفي التهذيب : لا تستجمر ولا تحالف.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : أبي عبيد ، تكرر ذكره بلا تاء عن الجوهري ، والذي في الصحاح في هذه المادة : أبو عبيدة بالتاء».
(٥) زيادة عن جمهرة ابن حزم ص ٤١٦.
(٦) انظر الحاشية قبل السابقة.